يمكن إرجاع توتر العلاقات المصرية القطرية إلى حوالي 13 عامًا، أي منذ انقلاب حاكم قطر الحالي على والده واستيلائه على العرش، فالشيخ حمد بن خليفة آل ثاني تعتبره معظم الدراسات والتحليلات السياسية بأنه تربى على أحضان المدرسة السياسية الإسرائيلية، وهي التي تهدف إلى جعل دولة صغيرة مثل قطر عنصرًا فاعلاً في مجال السياسة الخارجية في محيط إقليمها الدولي وهو الحال بالنسبة للسياسة الإسرائيلية الخارجية. أما بالنسبة لمصر ذات التاريخ العريق والحافل بالمواقف السياسية في محيطها الإقليمي والدولي فهي ترى في التعامل القطري مع مصر تجاوزًا لحجم وإمكانيات قطر السياسية والمكانية، بينما ترى قطر أن الأدوار السياسية الكبرى ليست حكرًا على مصر والسعودية وأنها بإمكانها التواجد بقوة على الساحة الدولية إلى جوار القوتين الكبريين. وقد زادت العلاقات المصرية القطرية توترًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة خاصة في أثناء حرب إسرائيل الثانية على جنوب لبنان، وعملية الرصاص المصبوب التي شنتها القوات الإسرائيلية على قطاع غزة. فقد شهدت السنوات التي تلت حرب لبنان الثانية وحتى اليوم "حربًا باردةً" بين القاهرةوالدوحة، اتضح هذا الأمر فى اختلاف وجهات النظر في معالجة القضايا السياسية محل الخلاف بين الجانبين، وكانت قناة الجزيرة على رأس الأسلحة المستخدمة في هذا الصراع بوصفها من أدوات السياسة الخارجية الناعمة التي تمتلكها قطر وتحدث تاثيرًا كبيرًا في الرأي العام الخارجي. ولم تكن كرة القدم بمعزل عن الصراع القائم بين مصر وقطر ولكنها تم إدخالها حلبة الصراع القائم بين الطرفين. وقد أثارت الأحداث التي وقعت باستاد أم درمانبالخرطوم شكوكًا كثيرة في وقوف النظام الحاكم في قطر وراء هذه الأحداث، حيث إن الاستثمارات المصرية في الجزائر من أكبر الاستثمارات الأجنبية هناك ، وقد فشلت الشركات القطرية في منافسة هذه الشركات ، الأمر الذي أدى بقطر إلى التحالف مع المخابرات الفرنسية وتكوين العديد من اللوبيات داخل الجزائر لطرد الاستثمارات المصرية من الجزائر وتقاسمها بين الشركات القطرية والشركات الفرنسية . وخلال الأزمة مع الجزائر، ذكرت مصارد جزائرية أن أمير دولة قطر يشجع المنتخب الجزائري، وأن الرئيس مبارك أجرى اتصالاً هاتفياً مع الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، شكا إليه قناة الجزيرة وممارساتها الإعلامية تجاه مصر، وهو ما اعتبره البعض في حالة صحة هذه المعلومات نصرًا سياسيًا يحسب لصالح الجانب القطري، وكانت الأداة الرئيسية فيه هي قناة الجزيرة الفضائية. وكانت الملفات الإقليمية في العالم العربي والشرق الأوسط من المحكات الرئيسية للصراع بين مصر وقطر. فعلى صعيد الملف السوداني، تجاوزت قطر الجهود المصرية في محاولة حل الأزمة السودانية وحاولت الدوحة الدخول إليه، متجاوزة الجهود المصرية فى هذا الملف، وذلك بعقدها جلسات مصالحة بين حكومة الخرطوم وحركة العدل والمساواة "فصيل الوحدة خليل إبراهيم" بالرغم من أنه كان الاتفاق منذ البداية، أن تدخل وساطة قطر تحت راية جامعة الدول العربية، إلا أن قطر استحوذت على الملف بمفردها ، وفي هذا الصدد قام الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني بزيارة فجائية إلى الخرطوم قبل زيارة الرئيس البشير إلى مصر التي كانت مقررة يوم 22 نوفمبر 2009 ، وهو بذلك أراد أن يبعث برسالة إلى مصر مفادها أن قطر موجودة أيضا في السودان ، وأن السودان ليس حكرًا على وجود السياسة المصرية بمفردها . وفي 25/12/2009 نشرت صحيفة الشرق القطرية مقالاً لشخص يدعى محمد سالم المسفر جاء فيه: "لا أستطيع أن أخفي سعادتي الكبيرة لعدم زيارة السيد مبارك لدولة قطر ضمن جولته الخليجية منتصف هذا الأسبوع، لأنه الأسبوع الذي يصادف الذكرى الأولى للعدوان الصهيوني على غزة والذي وقفت جمهورية مبارك الرابعة من هذا العدوان موقف المتفرج والحرب على تخومها، ولأن السيد مبارك وقف موقف الرافضين لانعقاد قمة في قطر من أجل إنقاذ غزة ونصرتها، ولأني كما قلت سابقا في هذه الزاوية: إنني أتشاءم كلما خرج السيد مبارك من مصر إلى أي جهة خارجها، خروجه هذه المرة لم يكن لوجه لله ولخدمة أمتنا العربية والإسلامية في تضميد الجراح، وحل الخلافات العربية العربية، والعمل على رفع الحصار عن أهلنا في غزة، وتعبئة الرأي العام العربي والإسلامي من أجل إنقاذ القدس قبل أن يكتب التاريخ المعاصر عبارة:" كان بيت المقدس وأول قبلة للناس هنا" ويمكن القول أن الأزمة الأخيرة المثارة بخصوص بث مباريات كأس الأمم الإفريقية في أنجولا هي محاولة جديدة من قطر لكسب انتصارات سياسية على حساب مصر، فبعد الشروط المجحفة التي وضعتها قناة الجزيرة لبث مباريات المنتخب المصري، كان شيخ قطر يتوقع اتصالاً هاتفياً من القيادة المصرية لحمله على التدخل لدى قناة الجزيرة التي تمتلكها الأسرة الحاكمة لإذاعة مباريات المنتخب إرضاءً للجماهير المصرية الشغوفة بهذه اللعبة في مصر.