تحولت الندوة التى أقامتها المجموعة المتحدة بالتعاون مع هيئة المعونة الأمريكية عن دور المجتمع المدنى فى الرقابة على النفقات والموارد العامة والتى أقيمت مساء أمس الأول ودار جلساتها الدكتور على السلمى وزير التنمية الإدارية الأسبق وبحضور عدد كبير من الشخصيات العامة وأعضاء مجلسى الشعب والشورى تحولت إلى محاكمة لفساد الحكومة وإصرارها على إهدار المال العام بشتى الصور دون أى محاسبة للمسئولين عن هذا الإهدار حيث رصد التقرير الذى تناولته الندوة إهدار أكثر من مليار ومائة مليون جنيه فى قطاعات الصحة والمواصلات والكهرباء وقد عدد الدكتور على السلمى نماذج من إهدار المال العام فى مشروعات عملاقة فاشلة مثل إنفاق 14 مليار جنيه فى مشروع فوسفات أبو طرطور فى الوقت الذى لم يحقق فيه أى عائد بل بلغت قيمة استثماراته 20 مليار جنيه فى الوقت الذى حقق فيه عائدًا فى إحدى السنوات لم يتعدِ 30 ألف جنيه وكذلك إنفاق أكثر من 6 مليارات جنيه على ترعة السلام والتى وضعت فى غير مكانها والآن يبحثون عن تحويلها إلى أى مكان آخر ومنها كذلك أكثر من 20 مليار جنيه موجودة و راكدة فى المخازن الحكومية لم يستفد منها بالرغم من قيام ممدوح سالم رئيس الوزراء الأسبق بإنشاء جهاز خاص بها والاستفادة منها عن طريق تبادل المعلومات حول المخزون الراكد بين الوزارات المختلفة ولكن المشروع توقف وكذلك تبديد مياه الشرب بسبب سوء حال الشبكات وإنشاء مشروع توصيل مياه النيل للصحراء لملاعب الجولف والذى تزيد تكلفته على 2 مليار جنيه وكذلك ما يحصل عليه رجال الأعمال من تسهيلات وأراضى بالمجان دون أى عائد منهم أو فائدة تعود على الوطن كما اعتبر السلمى أن إهمال تنمية وتعمير سيناء جزء من إهدار المال العام وكذلك الإهمال والتراخى فى تنمية الصعيد وجنوب الوادى وكذلك دمج الوزارات أو تعديلها وإلغاء بعضها دون أى دراسة وكذلك إهدار فائض التأمينات الاجتماعية وتعريض 400 مليار جنيه للضياع لسد عجز الموازنة وكذلك المدارس التى ينفق عليها أكثر من 22 مليار جنيه وهى خاوية من الطلاب وكذلك ديون المؤسسات الصحفية للدولة والتى تعدت 6 مليار جنيه لم يتم تحصيلها مما يعد إهدارًا للمال العام وكذلك تضخم الجهاز الإدارى للدولة والذى وصل 6 مليون موظف يتقاضون رواتب تتجاوز87 مليار جنيه سنويًا دون أن يكون هناك أى قياس للعائد وضياع الثروات من المؤسسات الحكومية حيث تمتلك هيئة سكك حديد مصر 190 مليون متر مربع من الأراضى فى كافة أنحاء مصر ضاعت لعدم متابعتها والإشراف عليها واعتبر أن إهدار المال العام له أبعاد ثلاثة بعد فساد وبعد سياسى وبعد فشل إدارى بينما اعتبر عصام سلطان المحامى أن ما تعيشه مصر الآن إنما هو خريطة كاملة من الفساد حيث يتم تقسيم كعكة المال العام بين كبار الموظفين وصغارهم مطالبًا بوضع منظومة للدفاع عن المال العام والذى لن يتم حمايته بالقوانين فقط كما أشار إلى اختفاء ملفات كبيرة عن الفساد فى مصر ومنها قضية رخصة المحمول الأولى والتى لم يتكلم أحد عن أين وصلت كما طالب صاحب القرار السياسى باتخاذ قرارات رادعة لمواجهة الفساد كما أكد الدكتور عمرو هاشم ربيع على المناخ السىء الذى تعيشه المؤسسات الرقابية على المال العام حيث توجد حالة من الخلل بين مجلس الشعب والمؤسسات المصرية فالدستور يعطى الرئيس أكثر من 63% من الصلاحيات المطلقة فى البلد وبقية الصلاحيات منحها لمن يعينهم الرئيس أو يعزلهم وكذلك أصبح رئيس الوزراء هو المسئول أمام البرلمان والرئيس ليس عليه أى مسئولية بالرغم من صلاحياته المطلقة فضلا عن المواد الدستورية المتعددة التى تشل مجلس الشعب شللاً كاملا ًإضافة إلى الحق لرئيس الجمهورية فى إصدار قرارات لها قوة القانون وتفويضه فى أمور كثيرة حيث أصبح الرئيس يمتلك قرابة 10% من التحكم فى ميزانية مصر دون أى محاسبة ولذلك انحصر دور مجلس الشعب من تداول للسلطة إلى تكريس السلطة وتثبيتها لرئيس الجمهورية منذ 33 عامًا كما سيطر رجال الأعمال على البرلمان بالرغم من عدم وجود أى حس سياسى لهم أو اقتصادى أو اجتماعى فالرشاوى الانتخابية على أشدها واستغلال الحصانة البرلمانية أسوأ استغلال ودفع مشروعات قوانين للمجلس لتحقق مصالحهم الشخصية مثل قانون الاحتكار واعتبر أن الحزب الوطنى سخر النواب لمصلحته على حساب المصلحة العامة وخلق أغلبية إليه داخل البرلمان لا تريد المصلحة العامة وإنما تسعى لإرضاء قيادات الحزب تمهيدًا للانتخابات القادمة بعد إلغاء الإشراف القضائى بينما وصف المحامى عصام الإسلامبولى هذا العهد الذى نعيشه بأنه عهد الفساد وأن إهدار المال ظاهرة صغيرة من عدة ظواهر لغياب دور مؤسسات الدولة أو تعطيلها فالقضاء يلغى الاحتفال بمولد أبو حصيرة ورئيس الجمهورية يصدر قرارًا جمهوريًا بإقامة الاحتفال معتبرًا أن رأس الدولة هو كل شىء وبقية السلطات مجرد أجنحة تنفذ إرادته كما اعتبر الفساد فى مصر منظومة متكاملة ويقبع فى رأس النظام ومن هنا لابد أن يأتى التغيير من الرأس وأشار كذلك إلى أن أجهزة الرقابة تحتاج هى الأخرى إلى رقابة عليها بعد أن تسرب الفساد إليها حيث من الغريب أن من يتقدم بشكوى لإهدار المال العام يتم محاكمته هو وليس محاكمة من يهدر المال العام كما حدث مع الفقيه الدستورى الدكتور إبراهيم درويش وكما حدث مع النائب سعد عبود لأن الدولة الآن مشخصنة فى فرد حتى رؤساء الأجهزة الرقابية مجرد أداة فى يد النظام فرئيس جهاز الكسب غير المشروع تجرأ وطلب من بعض الوزراء إرسال تقارير الذمة المالية فتم عزله واستبدل بآخر كما أشار إلى أن التشريعات نفسها تحمى الفساد حيث تنقضى الدعوى الجنائية ضد المسئول بعد مضى 3 سنوات من ترك وظيفته.