فتحت تصريحات البابا الساخنة وغير المسبوقة بشأن اضطهاد الأقباط، وهو ذاته الملف الذي تتبناه جماعات أقباط المهجر منذ سنوات طويلة بدعم من قوى غربية صهيونية أمريكية لا تريد الخير لمصر، ويبدو أن البابا الذى بلغ سنًا متقدمة أنه لم يعد فى حالة تسمح باستمرار مواجهة من يحاولون الاستقواء بالخارج وتشويه صورة مصر دوليًّا بحجة أن مسلميها يضطهدون أقباطها والسطور التالية تكشف زيف هذه الاتهامات، كما تؤكد أيضا مدى حالة الوهن التى انتابت بابا الأقباط سواء على المستوى الصحى أو من حيث القدرة على مباشرة مهام منصبه الذى يستلزم درجة أكبر من الاتزان وضبط النفس وعدم الانسياق وراء الأصوات المتعصبة أكد فاروق العشرى خبير اقتصادى على أنه لا وجود لما يسمى ب"الاقتصاد القبطى"، وإنما هناك تركيز واضح من الثروات المصرية فى أيدى رجال مال وأعمال من الأقباط، وهو ما يمثل المعدل الطبيعى لندرة تواجدهم فى مجالات الوظائف العامة، فالغالبية العظمى من المصريين الأقباط يفضلون مجالات الأعمال الحرة بما فيهم الأطباء والمهندسون ممن يمتلكون صيدليات ومكاتب خاصة، إلا أن هذا لا يمنع وجود نوع من التمييز الرسمى ليس على المستوى الاقتصادى ولكن على المستوى السياسى خاصة فيما يتعلق بالمناصب الكبرى، وهو ما يرجع بالدرجة الأولى لاحتواء الدستور المصرى على المادة الثانية التى تؤكد على أن مصر دولة مسلمة بالأساس، وهذا لا عيب فيه ولا يجب أن يتحول إلى سبب لهجوم بعض زعماء الأقباط، فالولايات المتحدة وإسرائيل كلتا الدولتين اللتين تتميزان بأنهما الأكثر ديمقراطية عالميًا يرتكز الدستور فيهما بصفة كبيرة على مسيحية الدولة فى الأولى ويهودية الدولة فى الثانية. أما المحلل الاقتصادى عصمت ثابت فقد أوضح أن الاقباط أنفسهم سبق وأن رفضوا قبل ذلك مبدأ التمثيل النسبى فى الوظائف الرسمية حرصًا منهم على اعتبارهم مواطنين وشركاء فى الوطن، والمؤكد أن هناك جماعات صهيونية معروفة بالاسم هى التى قامت بتشجيع أقباط المهجر على تكثيف الهجوم ليس ضد النظام وحده ولكن حتى ضد البابا الذين اتهموه بأنه حريص على علاقته بالنظام أكثر من حرصه على مصالح شعبه، ويبدو أن الضغط المتواصل من هؤلاء على البابا الذي يعانى حالة مرضية مزمنة مؤخرًا قد أتى ثماره وانساق وراء ادعاءات أقباط المهجر وأذيالهم فى مصر، وقرر أن الأقباط يعانون الاضطهاد. والغريب والكلام ل"عصمت" أن الأقلية القبطية فى مصر تتصف بمميزات يندر وجودها فى أية أقلية دينية أخرى على مستوى العالم شرقه وغربه، فهم الأكثر ثراء بالنسبة لعددهم مقارنة بالأغلبية المسلمة الأكثر فقرًا وجهلاً، بل إن منهم ثلاثة على الأقل من أغنى أغنياء العالم على رأسهم نجيب وأبوه أنسى ساويرس، إضافة إلى محكمهم فى كثير من تروس العجلة الاقتصادية للدولة، فأين الاضطهاد الذى يتحدثون عنه؟