طبول الحرب- أو كأنها كذلك- تدق في كل أرجاء مصر, تنذر بسقوط الأرواح ونزيف الدماء المصرية الزكية, في معركة مصرية مصرية; لا مبرر لها ولا منطق فيها; ولا عقل لها سوي الخراب والفوضي التي توعدنا بها المخلوع مبارك حين قال عليكم ان تختاروا إما أنا أو الفوضي; وقد كان بذلك يعزف علي لحن الخراب بالاشتراك مع سادته في أمريكا; حيث دعت. وبشرت كوندوليزا رايس بما سمته الفوضي الخلاقة في المنطقة. لا يستغرب هذا من أعداء مصر, لكن الأسي والأسف ان يستجيب لنداء الخراب والفوضي مصريون; يسيرون بهمة وحماس علي طريق سياسة رايس والمخلوع بقصد أو بغير قصد; لم يتركوا لمصر الثورة لحظة تلتقط فيها أنفاسها; تضمد جراحها وترتب بيتها وتزرع قوتها وتعد طعامها وتراعي أطفالها وتداوي مرضاها. شعارهم لا امن ولا استقرار.. الفوضي والدمار, عامان ونصف العام تقريبا ونحن نعيش أصعب وأقسي أيامنا بين المطرقة والسندان.. بين حجري الرحي عاش وعاني وما زال إخواننا وابناؤنا من الشعب المصري بين إعلام بلا ضمير يعكف طيلة الليل ينثر بذور الياس ويزرع في العقول المستسلمة أشجار الزقوم من الكذب والتضليل والافتراءات وبين نظام حاكم وليناه ولم نمكنه نظام حرمناه أدوات التغيير والإصلاح وكبلناه وأسأنا إليه وحقرناه ومنجزاته الكبيرة. والقيناه في البحر مكتوف اليدين معصوب العينين وبكل تبجح طالبناه بأن يعبر المانش! أمام هاتين الحالتين ماذا عسي المواطن البسيط ان يفعل إلا الاكتئاب وغيبة الفكر الراشد والعقل السديد. وإلي من يعترض, أسأله بالله وبحب ووطنية. اين الوعي والحكمة في سيل السباب الفاحش ونهم البذاءة والتطاول علي الرئيس والرموز وقادة الأمة ومفكريها؟! اين الوعي في التعدي بالسلاح والمولوتوف علي المنشآت العامه والفنادق والممتلكات وغيرها دون اعتراض صريح وواضح ومقنع من أصحاب الدعوات للتظاهر ؟ سيقولون نحن ندعو للسلمية, أقول برغم أنني اشك في قولكم, فإنني سأفترض فيه الصدق وأقول هل غاب عنكم ان كل مظاهرة تدعون لها لا يمكن ان تنتهي إلا بضحايا ودماء؟! ستقولون ان هذا ليس سلوكنا.. جميل... أقول لكم إذا كنتم عاجزين عن تأمين مظاهراتكم وأصبحنا علي يقين من إمكانية اختراقها من قبل البلطجية أو البلاك بلوك, فلماذا لا تحقنوا الدماء وتكفوا عن هذه الدعوات لو كنتم صادقين؟! ستقولون لابد من التغيير ولدينا ملايين التوقيعات التي تطالب بتغيير الرئيس مرسي. أقول أولا: إذا كنتم جمعتم عشرة ملايين توقيع. فإن غيركم سيقول.. هناك عشرون مليون آخرون يريدون الرئيس مرسي. ثانيا: هذه الطريقة غير دقيقة وعشوائية وتؤكد مفهوم الفوضي وتسير في نفس الطريق الذي يريده لنا اعداؤنا.. ثالثا: لو افترضنا جدلا أن حركة تمرد نجحت في عزل الرئيس من الذي سيتولي الحكم, وما هي مشروعيته, وما هي الآلية الديمقراطية العادلة والمنطقية التي سيقبل بها الشعب كله؟! رابعا: هل سيقبل مؤيدو الرئيس مرسي ودعاة الاستقرار والشرعية والديمقراطية وهم الأكثرية بأي طرح عدا شرعية الصندوق؟ أقول وبكل ثقة مستحيل.. تصريحات قادة الجماعات والأحزاب الإسلامية تؤكد ذلك.. الآن هناك تصريحات نارية, تقرأ فيها الخروج عن الحلم والإصرار علي حماية المشروع الإسلامي بالأرواح والدماء. فبيان الأحزاب الإسلامية أكد شرعية الرئيس مرسي ولا بديل إلا بالديمقراطية ولا قيمة لدعوات الانتخابات الرئاسية المبكرة. بل وصل الأمر لأكثر من هذا, فقد دعا أحد قادة التيار الديني الي الحرب لو دعت الضرورة. خامسا: أليس من العدل والحكمة بل والديمقراطية التي ارتضاها العالم كله ان نعطي الفرصة للرئيس المنتخب, وان نسانده ونقف إلي جواره حتي تنتهي مدة ولايته ثم نقرر هل سنختاره إذا نجح أم نرفضه إذا فشل وذلك عبر الصناديق, وهذا ما يفعله العالم كله لماذا نبدع في الافتكاسات؟ لك الله يا مصر ويا شعبها الطيب المطحون بين مطارق عديدة وسنادين قاسية وشديدة.. مطارق اعلام بلا ضمير لا يري في الشمس إلا الظلام, ولا في رزق الله ووفرة القمح إلا الفقر والحرمان, ولا في عودة جنودنا المختطفين إلا الخديعة والخذلان, ولا في موقف مصر الشجاع من إثيوبيا إلا العنجهية مع الضعف والهوان, أما السنادين فهي الإصرار علي قضية خاسرة بكل المعايير.. قضية فرض الأقلية لآرائهم بالقوة والمنطق المغلوط والديمقراطية المعكوسة, يقابله إصرار المؤيدين وتصعيدهم المتزايد الذي أراه علي الرغم من عدالة منطقه في دفاعه عن حقه المشروع, فإنه قد يفقد حلمه وصبره وحينها تكون المواجهة والدماء والكارثة والتي ليس لها من دون الله كاشفة وعندئذ سيتحقق مخطط كوندوليزا, ووعيد المخلوع, ويكون الفشل والخراب والدمار, والذي سندفع جميعا ثمنه باهظا, ولن نقدر عليه. فرفقا بمصر والمصريين, وشيئا من الحكمة ومزيدا من الصبر والحلم, والكثير الكثير من الدعاء والابتهال إلي الله ان يحفظ مصر وأهلها من كل مكروه وسوء.