أكد الروائي حمدي أبو جليل الفائز بجائزة نجيب محفوظ من الجامعة الاميركية بالقاهرة عن روايته الأخيرة "الفاعل" أنه لايعطي اهتماماً بالترجمة ولا يهمه سوي القارئ العربي واصفاً ترجمة الاعمال العربية الى لغات اجنبية بالأكذوبة لأن معظم الكتب العربية لا توزع في الخارج وغالبا لا يقبل عليها القارئ الأجنبي الا في حالات نادرة . واشار إلي أن الترجمة تعاني من مشاكل كبيرة على رأسها الوهم الذي يسيطر على المشاريع العربية التي تسعى للترجمة الى لغات العالم بحجة تعريف العالم بالادب العربي لانها وبلا استثناء تنتهي الى اصدار مطبوعات يكون مكانها نهاية المطاف مخازن السفارات العربية لا تجد من يقرأها.
وأوضح اننا في اشد الحاجة إلي الترجمة من اللغات الاخرى للعربية هو للاطلاع على ادب الغرب ولكن الشيء المؤسف ان نجد مثلاً ان داراً للنشر في اسبانيا تصدر ما يصدره العرب مجتمعين وانها قد ترجمت في اربع سنوات ما ترجمه العرب من عهد الخليفة المنصور الى الان.
وأكد أبو جليل أن الجوائز نوع من الدعم المعنوي والمادي وحصول الكاتب عليها يسعده لكنها في الوقت نفسه ليست دليل نجاح العمل فكم من كتاب حصلوا على جوائز كثيرة ومنهم من حصل على جائزة نوبل ورغم ذلك ليس لهم اي تواجد في الشارع الثقافي ولا يقرأ لهم أحد.
وعن الترجمة من العربية الى العبرية قال : لست مع ذلك فاللغة العبرية لغة متاحف لاتصلح للانتشار فضلاً عن أنه لابد من وجود نوع من التضامن العربي والتعبير الرمزي عن رفض الاعمال اليهودية في المنطقة.
وعن حصوله على جائزة نجيب محفوظ من الجامعة الاميركية رغم اعتراضه الدائم على السياسة الأميركية قال : الجامعة الاميركية تحرص على اعطاء الجائزة لمن يرفض السياسة الاميركية حتى تبرهن على ديمقراطيتها وعندما كتبت روايتي لما يكن ذلك هو هدفي فانا لست بكاتب سياسي وليس من سلطتي تغيير المجتمع. ورغم ذلك فحصولي على هذه الجائزة اسعدني نظرا للحفاوة الشديدة التي استقبل بها عملي من قبل كتاب كبار مثل محمد مستجاب وجمال الغيطاني وخيري شلبي.
وأشار إلي أن مزجه بين العامية والفصحى ليس بالشيء الجديد, مبرراً استعانته باللغة البدوية بأنها لغة الذين يتحدث عنهم في اعماله ولابد من استخدام بعض مفرداتهم وهو ما لاقى ترحيبا كبيرا من النقاد وأكد ان روايته "الفاعل" الحائزة على جائزة نجيب محفوظ تتحدث ببساطة عن العمال الذين يقومون باعمال البناء والحفر وقد حاول ان يجعلها تحمل شكلاً جديداً للرواية العربية يبتعد عن التعقيد والغموض ويصل بها إلي لغة الشارع المصري وأكد أننا نعيش عصر الرواية وأنه من اللافت أن أغلب الجوائز تذهب لها متمنياً أن تزداد هذه الجوائز حتى تزدهر الرواية بشكل اكبر ويمكن ان يحدث ذلك من خلال رجال الاعمال العرب. واستشهد بأن في أوروبا يخصص رجال الاعمال جوائز للأعمال الأدبية الناجحة مما كان له أثر كبير في تفوق الرواية الغربية وازدهارها بالفعل . وعن كون البدو أبطال رواياته قال : البدو دورهم كبير ومعروف في الحركات الوطنية كما اعتمدت الدولة عليهم في حكم الاقليم التي يقيمون فيها وانا عندما تفتحت عيني على الادب وجدت ان هذا المجتمع يعد كنزا لم يكتشفه احد من قبل خصوصاً الرواية فقررت ان انهل من تراثه واعتقد انني بكتابتي عنهم اقدم خدمة لهم من خلال حفظ تراثهم الكبير من الاغاني البدوية والشعر الخاص بهم وايضا لغتهم المهددة بالانقراض لانهم لايستعملونها الا بين اسرهم واهليهم ومع كثرة تحركهم وانخراطهم في المدن الكبيرة اصبحوا يتكلمون لغة هذة المدن.
وكشف عن أن البدو سيكونون ابطال روايته المقبلة التي تدور في ليبيا بعد ثورة الفاتح وتعالج قانون حق اعطاء العمال المصريين من البدو الجنسية الليبية, موضحاً أنه يعكف حالياً علي كتابة رواية تسجيلية بعنوان "الايام العظيمة البلهاء" يروي فيها قصة الشاعر المصري الراحل "اسامة الدناصوري" وذلك من خلال حكايات ومشاهد من حياتهما معاً. وحمدي أبو جليل جاء من البادية حاملاً عاداته ولغته الخاصة وراهن عليها في عالم الابداع فكسب الرهان من خلال ما حصده من الجوائز الكثيرة فمجموعته القصصية الأولى "اسراب من النمل" حصلت على الجائزة الأولى على مستوى أقاليم مصر بينما حصلت المجموعة القصصية الثانية "اشياء مطوية بعناية فائقة" على جائزة الابداع العربي في القصة القصيرة من دولة الامارات, وأما روايته "لصوص متقاعدون" فقد احدثت جدلا بين المثقفين في أسلوبها واللغة المستخدمة في كتابتها حيث ترجمت الى اكثر من اربع لغات اجنبية ثم انتقل الى نوع اخر من الكتابة في كتاب "القاهرة شوارع وحكايات" حيث مزج بين الكتابة الادبية والكتابة التاريخية في شكل نال استحسان النقاد ثم تأتي رواية "الفاعل" الفائزة بجائزة نجيب محفوظ من الجامعة الاميركية التي صاحبها ضجيج كبير بين جموع المتلقين.