■ فى تطور سريع وغير مسبوق تحول علاء مبارك إلى بطل شعبى يحظى بشعبية وقاعدة عريضة من المؤيدين والتي بدأت بعد وفاة نجله محمد رحمه الله وتعاطفت مع شخص فقد ابنه الذى كان يحظى بمرتبة خاصة لدى العائلة بالكامل، وسرعان ما تكونت المجموعات على الفيس بوك وتردد اسم علاء مبارك بين جموع الشباب حتى جاءت واقعة مباراة مصر والجزائر فى السودان لتكون البداية لطوفان من الانحياز والتهليل باسم الرجل الذى يتحدث بلسان الشعب وبلغته، وتعالت الأصوات بالمديح عن تواضعه وأخلاقه وقربه من الناس والتحدث بلغتهم، فتزايدت شعبيته وتصدرت صوره الصحف والمجلات والعناوين فى المواقع الإخبارية وها هى الدنيا أو هكذا هم المصريون. فهذا هو علاء مبارك الذى ذاع سيطه فى نهاية التسعينيات كشريك رئيسى فى معظم الصفقات والشركات الكبرى والتوكيلات هو نفسه الشخص الذى تحدث عنه الشارع فى الواقعة المشهورة الخاصة بوفاة رجل الأعمال وجيه أباظة صاحب توكيل "بيجو" وتردد فى الشارع أنه مات من الحسرة بعد أن طالبه علاء بالمشاركة فى التوكيل حتى يستطيع أن يستمر فيه، وهو نفسه الشخص الذى دارت حوله الأحاديث فى جميع الأوساط فى الداخل والخارج عن استبداده ومتاجرته بأقوات الشعب واحتكاره لمعظم التوكيلات حتى إن هناك نكتة شهيرة يعرفها المصريون المشهور عنهم الخروج من كبتهم بالنكتة وهى (تحكى عن تعرض الرئيس لوعكة صحية يرقد على إثرها ويزوره صفوت الشريف فيسأله الريس عن أحوال الشعب فيقول له : الشعب عامل إيه يا صفوت؟ فيقول: ياريس الشعب بيأكل تبن، فيرد الريس فى توصية لصفوت على علاء: متنسوش تدور لعلاء عن توكيل للتبن). ووسط كل هذه الحوارات التى لا يعلم أحد إذا كانت كلها حقائق أم مجرد شائعات ولكن لا يختلف اثنان على أن معظمها يرتقى لدرجة الحقائق، وفجأة بلا مقدمات وتقريباً فى عام 2002 اختفى علاء تماماً من على الساحة وانتهى أى حديث عنه أو عن شركاته ، ولم يعد له ظهور وتوارت الأحاديث عنه وظهر فى نفس التوقيت أو بعدها بقليل الأخ الأصغر جمال مبارك ومن بعده مجموعة من رجال الأعمال بعضهم جديد على الساحة المصرية- ولا مجال هنا لذكر أسماء- والبعض الآخر قديم ولكنه ظهر بشكل مختلف وذاع سيطه وتبدل حاله وأصبحت شركاته كيانات اقتصادية كبيرة برءوس أموال محترمة بقدرة قادر وبدأ "جمال" من وقتها مشواره السياسى فى الحزب الوطنى. وعلى الرغم من التصريحات المتكررة التى سبقت هذا الظهور والتى نفى فيها الرئيس مبارك بشكل قاطع أن يكون لأحد من أولاده أي اتصال بالعمل السياسى وتصريحه الواضح بأن جمال لن يتولى منصبا سياسيا، وهو لا يرغب لأي من أولاده الدخول فى هذا المجال الذى يراه أنه مرهق ومقيد للحرية وأنه يريد لأبنائه حياة أفضل وأكثر حرية بعيداً عن السياسة والسلطة ومتاعبها ولكن المترقِّب والمتابع للرئيس يعلم جيداً أنه دائماً يفعل ما لا يقول، وهذا من باب التمويه الذى تعلمه فى العسكرية أو غير ذلك، ولا أحد يعلم إلا هو. فدائماً وأبداً يظهر لنا الرئيس عكس ما يدور بعقله تماماً وهو أمر لا يخفى على أحد حتى المقربين منه فى العمل السياسى ويتضح ذلك أيضاً من استمرار الحديث وحتى وقت قريب عن عدم رغبته أو عدم وجود نية فى ترشيح جمال مبارك لرئاسة مصر على الرغم من أن كل الشواهد والأفعال تقول: إن التوريث قادم، وأبرز تلك الشواهد هى اعتلاء جمال رئاسة لجنة السياسات العقل المدبر والمحرك الأساسى للحزب الحاكم ، علاوة على جولاته وزياراته المكوكية فى الداخل والخارج والحديث باسم الحزب وكأنه رئيس الحزب. وبالعودة إلى موضوع علاء، والذى انفجرت التهليلات باسمه وأصبح الاسم رقم (1) شعبية فى مصر الآن، وخاصة وسط جموع الشباب وبكل الوسائل والأوساط الشعبية من الغني إلى الفقير الأمر الذى يجعلنا نقف للحظة ونسترجع ذاكراتنا ألسنا أمام شخصية الرئيس الذى دائماً يفعل ما لم نتوقع، أليس هو نفس الشخص الذى يفعل عكس ما يعمل، "معقولة يكون كل ما فات هو مسلسل حلقاته تصب فى النهاية فى صالح التوريث لعلاء وليس جمال؟!" هل يمكن أن تكون كل هذه السنوات تمهيداً لتعظيم شعبية الابن الأكبر حتى تمر كالطيف واستجابة لرغبة الشعب الذى يمثل الشباب فيه أكثر من 70%؟! وهكذا يضمن الرجل رئيساً للدولة من العائلة الابن الأكبر ورئيساً للحزب الحاكم باعتبار ما سيكون وهو الابن الأصغر وهكذا تخرج العائلة المباركة بأقصى استفادة ممكنة. صدقونى إذا كان هذا السيناريو هو الذى دار في عقل الرئيس وعمل من أجله منذ عام 2002 حتى الآن، فالأمر لا يحتمل منى إلا أن أطلق صافرة تهليل على غرار ما يقوم به الشباب عن طريق وضع أصابعهم في الفم فى الحفلات الشبابية فى تحية للمطرب فوق خشبة المسرح، وبعدها عبارة دارجة تقول: "ياريس.. يا جامد..". فلم يستطيع حتى أعتى المحللين السياسيين قراءة تلك الرؤية التى ستقلب الموازين إن صدفت، وسيمر التوريث في هذه الحالة، فهل يفعلها علاء مبارك؟!