تتجه أنظار أهالي دائرة طما بسوهاج هذه الأيام إلي أروقة الحزب الوطني، حيث ينتظر الجميع مرشحين وناخبين نتيجة المجمع الانتخابي بفروغ صبر.. ينتظرون ماذا ستسفر عنه اختيارات الحزب؟، ومن المحظوظون الذين سوف يأتون علي قائمته؟، في الوقت الذي كثرت فيه الأقاويل والشائعات حول شخصيات المرشحين عن الحزب الوطني، وهل الحزب سوف يقوم باختيار مرشحين اثنين فقط علي قائمته، أم سيتجه لاختيار أربعة مرشحين، حتي يضمن نجاح مرشحيه في كل الأحوال. المرشحون العشرون للمجمع الانتخابي، جميعهم يُمني نفسه بكسب ثقة الأمانة العامة، وبخاصة الدكتور علي الدين هلال الذي يشرف حالياً علي انتخابات الصعيد، بعد استبعاد أحمد عز أمين التنظيم المركزي من الإشراف عليها، وتحجيمه فقط في منطقة الدلتا ومحافظات الفلاحين.. ويحاولون جاهدين بشتي الطرق الوصول إلي هذا المرأب، وتقديم فروض الطاعة والولاء للحزب، نظراً لتأكدهم أن بوابة البرلمان لن تكون إلا من خلال ترشيحات الحزب. ليس من المستغرب أن يعلم المواطن الطماوي أن الحزب يقوم هذه المرة باختيارات تخدم مصالحه، وسياساته العليا.. لكن الغريب في الأمر أن الحزب يحاول أن يبرر هذه الاختيارات، وبشكل يتضح منه أنها ديمقراطية، وجاءت بأساليب شرعية في الوقت الذي أعطي فيه الفرصة لأكبر عدد ممكن من كوادره الحزبية وأعضاء المحليات الذين هم أيضاً من كوادره لاختيار ممثلي الحزب.. الأغرب من هذا وذاك، ولأجل أن تصبح العملية أكثر شفافية أمام الجماهير، حتي لا يشكك أحد في نزاهة الاختيارات، قام أصحاب الأفكار الجهنمية بالحزب بالإيعاز إلي متخذي القرار فيه باستبعاد التنظيميين الحزبيين من أقارب المترشحين، وذلك لأجل شيئين، أولهما: رفع الحرج عن الحزب نفسه، وعن كوادره التي قد يكون أحد أقاربه سيخوض الانتخابات كمستقل أو علي قائمة أحد الأحزاب ضد مرشح الحزب، وثانيهما: أن تظهرالأمور للمواطن العادي، وكأن الحزب بدأ يأخذ شكلاً جديداً، في عملية اختيارات المرشحين تدليلاً علي شرعيتها.. الأمر الذي يتوهم معه جمهور الناخبين أن العملية جاءت ديمقراطية ونزيهة دون شك، فيتهافتون علي انتخاب مرشحيه.. لكن الأمر خلاف ذلك تماماً.. واعتقد أن تمثيلية الحزب هذه لن تنطلي علي كثيرين، ممن لهم باع طويل في السياسة، حيث تتسم دائرة طما بوجود كوادر سياسية مخضرمة، تعي جيداً أن العيب أو الخطأ الذي أدي إلي عزوف الناس عن الحزب، ليس في أسلوب اختيار المرشح أو الطريقة التي تجري بها عملية الترشيحات، وإنما هي شخوص من يختارون المرشح، ومدي مصداقيتهم مع أنفسهم، وهل هم أهل لتحمل هذه المسئولية أم لا؟، لأنهم بذلك يقررون مصير وسياسات أمة خلال خمس سنوات قادمة. ولذلك يجب عليهم أن يراعو ضمائرهم في اختياراتهم، ولا يتبعوا أهواءهم، حتي لا تطيح بهم بعيداً عن المأمول، وفي النهاية لا يلومون إلا أنفسهم.