إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلّم تسليمًا كثيرًا. إن الشهورَ واللياليَ والأعوام مقاديرُ للآجال ومواقيتُ للأعمال، تنقضي ببسرعة رهيبة وتمضي جميعاً والموت يأتي بالليل والنهار لا يؤخّر من حضرت ساعته وفرغت أيامه والأيام خزائن حافظةٌ لأعمالكم تُدعَون بها يوم القيامة، قال تعالي (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا) ويقول الله تبارك وتعالي في الحديث القدسي: (يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفِّيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه) رواه مسلم . لقد رحل شهررمضان بأعمالكم وخُتم فيه على أفعالكم وأقوالكم وطويت الصحف وسيتم الفرز والحساب فمن كان مسيئاً فليبادر بالتوبة والحسنى قبل غلق الباب وطيِّ الكتاب ومن كان في شهره مصيبا فليحمد الله ولا يكن كالتي نقضت غزلها من بعد قوَّة أنكاثاً وافضل الطاعات التي تعقبها طاعات وما افضل الحسنة التي تُجمع إليها الحسنات فليهنؤوا ( قُلْ بِفَضْلِ 0للَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ ) وهنئيا لنا جميعا بحلول العيد وقرب الفرحة الأولي للصائم التي هي عند فطرة يقول أحد السلف: كل يوم لا يُعصى الله فيه فهو عيد، وكل يوم يقطعه المؤمن في طاعة مولاه وذكره وشكره فهو عيد ) فليسأل كل واحد من نفسة اسئلة : ماذا استفدنا من رمضان : هل اكون مثل التي نقضت غزلها من بعد قوة :هل انا من هؤلاء الناس الذين لا يعرفون الله الا في رمضان فقط : هل سأعود الي الاغاني والموسيقي مرة اخري : هل سأترك صلاة الجماعة او الصلاة عامة : هل سأصوم الست من شوال : هل سأصوم نوافل بعد رمضان : هل سأقوم الليل بعد رمضان ولو بركعتين فقط كل ليلة فأحب الاعمال الي الله ادومها وان قلت ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل " ، وقد حافظ النبي صلى الله عليه وسلم على قيام الليل ، ولم يتركه سفراً ولا حضراً ، وقام صلى الله عليه وسلم المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر حتى تفطّرت قدماه ، فقيل له في ذلك فقال : " أفلا أكون عبداً شكوراً " متفق عليه. وقال الحسن البصري: ما نعلم عملاً أشد من مكابدة الليل ونفقة المال فقيل له : ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوهاً ؟ قال : لأنهم خلو بالرحمن فألبسهم نوراً من نوره . قال رجل لإبراهيم بن أدهم : إني لا أقدر على قيام الليل فصف لي دواء ؟ فقال : لا تعصه بالنهار وهو يُقيمك بين يديه في الليل فإن وقوفك بين يديه في الليل من أعظم الشرف والعاصي لا يستحق ذلك الشرف ) إسال نفسك والآن بعد أن انتهت ( زكاة الفطر ) : فهناك الزكاة المفروضه وهناك أبواب للصدقه والتطوع والجهاد كثيرة فهل ستتصدق ام لا : وقرأت القرآن وتدبره ليست خاصه برمضان: بل هي في كل وقت فهل ستحافظ علي ورد ثابت لك ام لا :هل سأكثر من الاستغفار فإنه ختام الأعمال الصالحة ( كالصلاة , والحج , والمجالس ) , وكذلك يُختم الصيامُ بكثرة الأستغفار. كتب عمر بن عبد العزيز إلى الأمصار : يأمرهم بختم شهر رمضان بالاستغفار والصدقة وقال :قولوا كما قال أبوكم آدم " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " .وكما قال ابراهيم : " والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين " .وكما قال موسى : " ربي إني ظلمت نفسي فأغفر لي " . وكما قال ذو النون : " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين . والسؤال الاهم من ذلك كلة هو : هل قُبِل صيامي وقيامي أم لا؟ اعلم ان السلف الصالح يحملون هّم قبول العمل أكثر من العمل نفسه فقال تعالى ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ) وقال علي بن أبي طالب: كونوا لقبول العمل أشد أهتماماً من العمل ألم تسمعوا قول الله عز وجل : ( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين) ومن علامات قبول العمل : الحسنه بعد الحسنه والمحافظة عليها دليل على رضى الله عن العبد . انشراح الصدر للعبادة والشعور بلذة الطاعة وحلاوة الإيمان , والفرح بتقديم الاعمال الصالحة . التوبة من الذنوب الماضية من أعظم العلامات الدالة على رضى الله تعالى . الخوف من عدم قبول الأعمال . واخيرا إياك إياك والغروربعملك في رمضان وغيرة فقال تعالي ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) وقال تعالى : ( وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ).