يواصل آلاف الأقباط زيارة دير السيدة العذراء مريم بجبل درنكة في أسيوط خلال الأسبوع الأول من الاحتفال بمولد صيام العذراء، حيث يؤدون الصلوات ويستمتعون بالخلوات الروحية في هذا المكان الذي احتمت فيه العائلة المقدسة أثناء هروبها من فلسطين إلى مصر هربًا من بطش الملك هيرودس الذي كان يسعى لقتل السيد المسيح. ويحرص الأقباط من مختلف محافظات الجمهورية على الإقامة في دير درنكة طوال فترة الاحتفالات بصوم العذراء مريم، للتبارك بالإقامة في الدير ونيل البركة والمشاركة في صلوات القداسات الإلهية خلال الصوم. ويترأس الأنبا يؤانس أسقف أسيوط طوال شهر أغسطس دورة "الملكة" اليومية بالدير مع شمامسة الدير، حاملين أيقونات السيدة العذراء مريم والسيد المسيح، وتستمر هذه الدورة حتى انتهاء فترة الصوم سنويًا. كما ينظم دير درنكة فعاليات احتفالية يومية خلال فترة صوم العذراء مريم، تشمل قداسات يومية ونهضة روحية مسائية يشارك فيها عدد من أساقفة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ويترأس الأنبا يؤانس تسبحة نصف الليل مع الأقباط الزوار لترتيل مدائح وتراتيل العذراء احتفالًا بصومها السنوي. وقال الأنبا يؤانس، أسقف أسيوط وتوابعها ورئيس دير السيدة العذراء، إن دير درنكة يقيم أكبر احتفال للسيدة العذراء ليس فقط في مصر أو الكنيسة القبطية، بل في العالم، وخلال احتفالات شهر أغسطس، يزور الدير ملايين الزائرين من الوفود الأجنبية والأفريقية والعربية، ويصل العدد الإجمالي للزوار على مدار العام إلى حوالي 5 ملايين، وفي الليلة الختامية لمولد العذراء، يتجاوز عدد الحضور 500 ألف شخص. وأضاف أسقف أسيوط أن آلاف الزائرين يحرصون على إنارة الشموع بجوار أيقونات السيدة العذراء والسيد المسيح داخل المغارة، ويطلبون التبرك والدعاء وشفاعة العذراء، بالإضافة إلى أداء الصلوات والاستمتاع بالخلوات الروحية. أشار إلى أن أكثر الأوقات التي يقوم فيها الزائرون بكتابة الطلبات على قصاصات ورقية ووضعها داخل المغارة أسفل أيقونة العذراء تكون خلال شهر أغسطس. وأوضح الأنبا يؤانس أن معظم تلك الأوراق تكون مجهولة بدون أي بيانات لصاحبها، حيث يكتب الراغب في محبة السيدة مريم العذراء، سواء كان رجلًا أو طفلًا أو شابًا أو امرأة، ما يجول بخاطره من تعابير ومشاعر خالصة، أملًا في أن يتمجد عمل الله بشفاعة العذراء أم النور السيدة مريم. وأشار إلى أن الدير يضم 10 كنائس وهي: العذراء المغارة، العذراء المنارة، العذراء المعمودية، العذراء القربان، العذراء القلالي، العذراء الميدان، كاتدرائية أم النور، الملكة (تحت الإنشاء)، الصليب، والقديس يوحنا الأسيوطي. كما يوجد 10 مباني ضيافة و10 قاعات للمؤتمرات داخل الدير. جدير بالذكر أن دير السيدة العذراء بجبل قرية درنكة يُعدُّ من أشهر الأديرة في مصر والعالم، وذلك لكونه آخر محطات رحلة العائلة المقدسة. يقع الدير على بعد 10 كم من مدينة أسيوط و3 كم من قرية درنكة، ويرتفع أكثر من 100 متر عن سطح البحر. كان يتم اللجوء إلى كنيسة المغارة للاحتماء من فيضان النيل منذ أيام الفراعنة. وترجع أهمية دير السيدة العذراء بجبل درنكة في أسيوط إلى مجيء العائلة المقدسة إلى أسيوط، حيث قدمت السيدة مريم العذراء والمسيح عيسى عليه السلام وهو طفل صغير بصحبة القديس يوسف النجار، بعد أن تركت العائلة المقدسة فلسطين واتجهت نحو مصر، ومنها إلى صعيد مصر حتى مدينة أسيوط، ثم إلى جبلها الغربي، حيث المغارة المعروفة التي حلت بها العائلة المقدسة.
