بعد استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا قرابة 3 أشهر، تعمل كل من فنلنداوالسويد على الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لكي يتجنبان تكرار حدوث سيناريو مماثل لما تشهده كييف الآن، بعد عقود من تجنب الإقدام على هذه الخطوة التي من شأنها استفزاز روسيا، واحداث المزيد من التوترات الإقليمية التي ربما تغير العالم بشكل جذري. وفيما يلي نظرة على ما نعرفه عن محاولات السويدوفنلندا للانضمام إلى الناتو، وكيف استقبل الكرملين الأمر، وكيف يؤثر ذلك على العالم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها مع استمرار اندلاع الحرب في أوكرانيا. أولاً: ما هو حلف الناتو؟ حلف شمال الأطلسي هو تحالف دفاعي عسكري أسسته 12 دولة عام 1949 من بينهم الولاياتالمتحدة، فرنسا، بريطانيا من أجل مواجهة التوسع الروسي السوفياتي في أوروبا بعد الحرب. ويستند ضمان التحالف الأمني المشترك على المادة 5 من المعاهدة، التي تنص على أن الهجوم على عضو واحد يعد هجومًا على الجميع، ما يلزم كل الأعضاء بالدفاع عن بعضهم البعض في حالة العدوان المسلح. لماذا لم تنضم فنلندا إلى الناتو حتى الآن؟ اعتقد البلدان أن الانضمام إلى التحالف من سيكون استفزازًا غير ضروري لموسكو، لذلك اتعبوا لفترة طويلة سياسة الحياد، ثم عدم الانحياز، لتجنب استعداء قوة إقليمية كبرى. كانت مخاوف فنلندا عملية إلى حد كبير، فهي تشترك في حدود تبلغ 810 أميال (1300 كليومتر) مع روسيا، وأُعلن استقلالها في عام 1917 بعد أكثر من قرن من حكم موسكو، وقاتل جيشها مرتين القوات السوفيتية خلال الحرب العالمية الثانية قبل التنازل عن 10 ٪ من أراضيها. وقعت فنلندا عام 1948 اتفاقية للصداقة والتعاون والمساعدة المتبادلة مع روسيا، والتي عزلتها عسكريًا عن أوروبا الغربية. على الرغم من أن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وتفكك الاتحاد السوفيتي سمحا لها بالابتعاد عن ظل روسيا. لماذا تفكر ستوكهولم وهلسنكي في الانضمام للناتو الآن؟ قالت رئيسة وزراء فنلندا سانا مارين ونظيرتها السويدية ماجدالينا أندرسون، الشهر الماضي، إن الغزو الروسي لأوكرانيا "غيّر المشهد الأمني في أوروبا بالكامل، وغير العقليات بشكل جذري، في المنطقة الشمالية بأوروبا". بشكل أساسي، تزايد شعور الكثير من الفنلنديين والسويديين بأن انضمامهم إلى الناتو سيحافظ على أمنهم وسلامتهم إذا تكرر السيناريو الأوكراني في بلادهم، ومواجهة زعيمًا عدوانيًا لا يمكن التنبؤ به مثل فلاديمير بوتين، حسبما نقلت الجارديان البريطانية. أظهرت استطلاعات الرأي أن التأييد العام للحصول على عضوية الناتو قد تضاعف ثلاث مرات ليصل إلى حوالي 75 ٪ في فنلندا، ووصل إلى حوالي 60 ٪ في السويد. وسيعني حصول البلدين على عضوية الناتو استمتاعهم بضمانات أمنية من الدول النووية. ما الموقف في السويد؟ طالما اعتبرت السويد نفسها وسيطًا على المسرح الدولي، حيث استنزفت قوتها العسكرية بعد نهاية الحرب الباردة، ولكنها أعادت التجنيد الاجباري وعززت الإنفاق الدفاعي منذ استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم في عام 2014. كان للاستمرار الحرب في أوكرانيا تأثيرًا كبيرًا على الموقف السويدي إزاء الانضمام إلى الناتو، أعلن حزب الديمقراطيين الاشتراكيين الحاكم في ستوكهولم، أمس الأحد، تراجعه عن معارضته السابقة للانضمام إلى الحلف، التي استمرت 73 عامًا. وخلال مناقشة البرلمان التي أجريت اليوم، أيدت أغلبية من الأحزاب السويدية التقدم بطلب للانضمام للناتو، وقال حزب رئيسة الوزراء ماجدالينا أندرسون "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" الحاكم بالفعل إنه يعتزم التقدم بطلب للانضمام إلى الحلف العسكري الغربي. وفي تصريحات أمام النواب في وقت سابق اليوم، قالت أندرسون: "هناك الكثير في السويد يستحق الدفاع عنه، كما أن السويد سوف تكون أفضل حالا من الناحية الدفاعية في كنف الناتو". كما يؤيد حزب المعارضة الرئيسي "الحزب المعتدل" الانضمام للحلف. هل يرحب بهم الناتو؟ تحول البلدان من الحياد الرسمي إلى عدم الانحياز العسكري في عام 1995 عندما انضموا إلى الاتحاد الأوروبي، إنهما بالفعل شركاء في الناتو، يشاركون في التدريبات ويتبادلون المعلومات الاستخباراتية مع الحلف. تحقق فنلندا بالفعل هدف الإنفاق الدفاعي للناتو البالغ 2 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أن السويد في طريقها لذلك. وقال الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرج، إن البلدين مرحب بهما "بأذرع مفتوحة" إذا قدموا طلبات للانضمام إلى الحلف، وأن العملية ستكون سريعة، بالرغم من أن التصديق الرسمي من قبل جميع أعضاء الحلف قد يستغرق عدة أشهر. ومن المنظور العسكري، فإن إضافة القوات المسلحة الفنلندية والسويدية للحلف يعزز من قوته في شمال أوروبا، ويسد الثغرات في دفاعات الحلف من خلال مضاعفة طول حدوده مع روسيا، وتحسين الأمن والاستقرار في منطقة البلطيق. ماذا قالت روسيا؟ في كلمته، اليوم الاثنين، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه فيما يتعلق بتوسع الناتو، من خلال الأعضاء الجدد للحلف، فنلنداوالسويد، "ليس لدى روسيا مشاكل مع هذه الدول، وهذا يعني أن التوسع من خلال هذه الدول لا يخلق تهديدا مباشرا لروسيا، لكن توسيع البنى التحتية العسكرية في هذه المناطق، سيؤدي بالتأكيد إلى إجراءات جوابية، وذلك بناء على التهديدات التي ستنشأ لنا". "لن نقبل ببساطة" لن تقبل روسيا ببساطة انضمام السويدوفنلندا إلى الناتو، حسب تصريحات سيرجي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، وقال- اليوم الاثنين-: " الأمن لن يتعزز لدى البلدين بعد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي". وكذلك أكد المسؤول الروسي- في تصريحاته- أن الوضع في العالم سيتغير بشكل جذري بعد قرار السويدوفنلندا الانضمام إلى الناتو، مشددا على أن انضمامهما إلى الناتو سيكون خطأ بعواقب بعيدة المدى. "تهديد بالنووي" ما إن بدأ التحرك الفنلندي ثم السويدي من أجل الانضمام إلى الناتو، حتى انطلقت سلسلة من التهديدات والتحذيرات الروسية من خطورة هذه التحركات. هددت موسكو، اليوم الاثنين، بإمكانية نشر أسلحة نووية تكتيكية على حدودها الأوروبية، إذا سمحت كل من ستوكهولم وهلسنكي بإنشاء قواعد عسكرية على أراضيها بعد انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، حسبما نقل التليفزيون الرسمي الروسي. يأتي ذلك، بعد تصريحات نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري ميدفيديف، قبل أسابيع، التي قال فيها إن بلاده قد تنشر أسلحة نووية وصواريخ تفوق سرعة الصوت في معقل كالينينجراد بين بولندا وليتوانيا، ردا على توسع الناتو في بلدان الشمال الأوروبي.