بعد ظهور عدة حالات مصابة فيروس كورونا في مصر، ومعها حالات وفاة، والحديث عن أحكام غسل وتكفين المتوفى بالفيروس والصلاة عليه، وكيف أن صلاة الجنازة قد يكون الحاضرون فيها قليلين بسبب الخوف من انتشار العدوى، فهل يجوز أن تؤدى على أرواح من يتوفى مصابًا بهذا الوباء صلاة الغائب طمعًا في مزيد من الثواب والمغفرة له؟ فهل يجوز أن يدعو أهل المتوفي بوباء كورونا من يعرفونهم أن يصلوا عليه صلاة غائب لأن اعداد المصلين عليه قليلة؟ توجه مصراوي للدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم، العميد السابق بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر بأسيوط، ليجيبنا عن هذا السؤال. ذكر مختار مرزوق أن صلاة الغائب أمر مشروع لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي حينما مات بالحبشة، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بموت النبي وكان في ذلك الوقت النجاشي مسلمًا، ولم يصل عليه أحد صلاة الجنازة، فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومن هنا شرع للمسلمين أن يصلوا صلاة الغائب على من مات من المسلمين ولم يصل عليه كالغريق ونحوه ممن لم يعثر له على جثة، وقياسًا على هذا، فإذا كان الذي مات بوباء ولم يصل عليه فإنه تصلى عليه صلاة الغائب قياسًا على ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، لكن، من ناحية أخرى، أشار مرزوق أنه لم يكن من هدي النبي وسنته الصلاة على كل ميت غائب، فقد مات خلق كثير من المسلمين وهم غيب فلم يصلي عليهم النبي صلى الله عليه وسلم. "لا مانع من الصلاة على من مات غائبًا في أرض بعيدة أو كان قد صلى عليه أناس قليلون" يؤكد مرزوق قائلًا إنه من الجائز أيضًا أن نصلي على أي ميت صلاة الغائب ولكن بشرط ألا تكون عادة للإنسان، فيصلي كل يوم مثلًا على غائب، فهذا أمر لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه الكرام، واضاف مرزوق أنه في حالة مناداة ولي الأمر بالصلاة على الغائب فيجب على الناس أن يطيعوه في ذلك لأنه في هذا الأمر أمر بطاعة ولم يأمر بمعصية. وأوضح مرزوق أن الأصل أنه مادام المسلم قد مات وصلى عليه أناس كثيرون أو قليلون فقد قام المسلمون بأداء ما فرضه الله عليهم من صلاة الجنازة، وهو فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الإثم عن الآخرين، ولكن أيضًا، لا مانع من أن يدعو الإنسان أحبابه بالصلاة على من توفى له ولكنها تكون دعوة خاصة لا دعوة عامة على المساجد حتى لا تحدث فتنة، "وأرى منع ذلك حفاظًا على احوال المسلمين". وقد أجاب مرزوق على مسألة الطعن في المتوفى لأن عدد المصلين عليه قليل قائلًا إن الذي ينفع الإنسان عمله الصالح، ذاكرًا أنه قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بالفعل أن كثرة المصلين عن الجنازة قد يغفر الله تعالى له ، لكن المسلم ينفعه عمله، فإذا مات ولا يعترف بوجود الله مثلًا، فلو صلى عليه أهل الأرض جميعًا لن يغفر الله له، ونبه مرزوق إنه إذا كانت كثرة المصلين ينتج عنها مغفرة الله للمتوفى إلا أننا يجب أن نركز أن الأصل في ذلك الأمر أن يتبع الإنسان العمل الصالح وان يجتنب الكبائر حتى يغفر الله له، وقد ورد في بعض الأحاديث أن من فعل كذا وكذا غفر الله ما تقدم من ذنبه مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر". دار الإفتاء توضح حكم صلاة الغائب في إحدى فتاوى دار الإفتاء المصرية بتاريخ 13 سبتمبر 2004 أوضحت فيها أن صلاة الغائب تجوز في أي وقت سواء صلاها المرء في جماعة أو صلاها بمفرده، وحتى سواء كانت دائمة أو غير دائمة وقد عرفت الدار معنى صلاة الغائب على أنها الصلاة على ميتٍ غائبٍ عن المكان الذي يُصلى عليه فيه، واستشهدت الفتوى بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى أَصْحَمَةَ النَّجَاشِيِّ، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا". الأزهر يوضح كيفية الصلاة على من مات بفيروس كورونا وقد أوضح لجنة الفتاوى الالكترونية بمركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية في أحدث فتاواه كيفية الصلاة على من مات بفيروس كورونا، مبينة بعض الأحكام وهي: - مَن خرجَ من المستشفى مُجهَّزًا بكفنه يجوز لأهله أن يُصلُّوا عليه صلاة الجنازة في الخلاء بدل المسجد. - يجوز أن يُصلِّيَ عليه اثنان، وهو أقل عدد لصلاة الجماعة. - يُجوز لمن لم يُصلِّ عليه بسبب الخوف من الاختلاط والمزاحمة وانتشار الوباء أن يُصلِّيَ عليه عند قبره منفردًا. - وكذلك يجوز أن تُصلَّى عليه صلاة الغائب. كيفية صلاة الجنازة الغائب صلاة الجنازة للغائب هي التي تصلى على من مات ببلد آخر، فيصطف المصلون صفوفاً كما هو الحال في صلاة الجنازة، ويصلي بهم أحد الناس إماماً فيكبر بهم تكبيرات صلاة الجنازة الأربع يقرأ سورة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى، ثم الصلاة الإبراهيمية بعد التكبيرة الثانية، ثم الدعاء للميت بعد التكبيرة الثالثة، ثم السلام بعد التكبيرة الرابعة.
