فرص عمل جديدة بمحافظة القليوبية.. اعرف التفاصيل    مدبولي: الحكومة طورت 60 محطة صرف صحي لتحويها لصرف ثنائي وثلاثي    رغم امتلاء بحيرة سد النهضة، إثيوبيا تواصل تعنتها وتخفض تدفق المياه من المفيض    رفع الإشغالات بمنطقة السيد البدوى بطنطا بعد انتهاء الاحتفالات    وزيرة التنمية المحلية: النهوض بموظفي المحليات ورفع مهاراتهم لجذب الاستثمارات    أمين عام حماة الوطن: انتصار أكتوبر المجيد يجسد عزيمة الشعب المصري    وزير الكهرباء: بدء تشغيل محطة الضبعة عام 2029    وزيرة التنمية المحلية تتابع تطبيق تعريفة الركوب الجديدة لسيارات الأجرة والنقل الجماعي    المشاط تلتقي المدير الإقليمي للبنك الدولي لمناقشة تطورات المشروعات والبرامج الجاري تنفيذها    وزير الكهرباء: زيادة سعر بيع المليون وحدة حرارية ل 4 دولارات    عاجل| لا زيادة في أسعار البنزين لمدة 6 أشهر    وزير الكهرباء: سارقو التيار يستخدمون تكنولوجيا حديثة لا نمتلكها    بوتين: دول «بريكس» تعمل على إنشاء نظام بنكي بديل ل «سويفت»    أمريكا ترسل قوات كوماندوز سرا إلى إسرائيل للمساعدة في استعادة الأسرى    21 عامًا من السوبر المصري.. إنجازات وأرقام تاريخية    رياضة البحيرة تواصل تدريبات قوافل "مشواري" بجميع مدارس المحافظة (صور)    مرموش ضمن قائمة أكثر اللاعبين تسجيلًا للأهداف بالدوريات الخمسة الكبرى    وزير الشباب والرياضة يفتتح بطولة الأمم الأفريقية للكرة الشاطئية بالغردقة    السيطرة على حريق مخزن خردة في أبو النمرس    ضبط قضايا "إتجار" في العملات الأجنبية بقيمة 11 مليون جنيه    من أرض الفنون.. النغم يتكلم عربي    «كلب» على قمة الهرم.. رحلة الصعود والهبوط تبهر العالم    الحكومة: تشغيل مستشفى العدوة المركزي تجريبياً خلال شهر لخدمة أهالي المنيا    فرق المتابعة تواصل المرور على الوحدات الصحية لمتابعة الانضباط الإداري بالزرقا بدمياط    عميد طب الأزهر بأسيوط: الإخلاص والعمل بروح الفريق سر نجاحنا وتألقنا في المنظومة الصحية    ضبط 3 طلاب تحرشوا بسيدة أجنبية في القاهرة    6 غيابات تضرب يوفنتوس أمام لاتسيو.. وعودة فاجيولي وويا    مؤتمر سلوت: أنت تقللون من لاعبينا.. ولست الشحص الذي يتفاوض مع الوكلاء    رئيس مياه المنيا يتفقد محطتي مياه بني مزار الجديدة والعدوة الجديدة لمتابعة حسن سير العمل    شرطة طوكيو: هجوم بالقنابل يستهدف مقر الحزب الحاكم في اليابان واعتقال مشتبه به    دفاع سائق أوبر للمحكمة: موكلي يعاني من ضعف السمع والفتاة استغلت التريند    مدبولي: القطاع الصحي ركيزة رئيسية ضمن خطط تطوير الدولة المصرية    جولات ميدانية لمتابعة تطبيق الأجرة الجديدة في المنوفية.. صور    الأوقاف: انعقاد مجلس الحديث الثاني لقراءة كتاب "صحيح البخاري" بمسجد الحسين    «آثار أبوسمبل» تستعد للاحتفال بتعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني    الرئيس السيسي لوفد النواب الأمريكي: يجب وضع حد للحرب في غزة ولبنان    أفشة: مباراة سيراميكا صعبة| وتعاهدنا على الفوز باللقب    محافظ كفر الشيخ: تحرير 14 محضرًا ضد مخابز مخالفة بدسوق    الداخلية تستعيد 11 مليون جنيه في ضربة قوية لتجار العملة    بالاسم .. الصحة تدشن موقعاً إلكترونياً لمعرفة المثائل و البدائل للادوية الهامة    داعية بالأوقاف: الانشغال بالرزق قد يبعدنا عن ما طلبه الله منا    ارتدوا الملابس الخريفية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة خلال الأيام المقبلة (تفاصيل)    مصر تشدد على ضرورة إيقاف العدوان الإسرائيلي وفك الحصار عن قطاع غزة    14 عبادة مهجورة تجلب السعادة .. عالم أزهري يكشف عنها    خيري الكمار يكتب : رسالة إلى وزير الثقافة .. المهرجانات فى خطر    التصرف الشرعي لمسافر أدرك صلاة الجماعة خلف إمام يصلي 4 ركعات    الشيخ أحمد كريمة يوجه رسالة لمطرب المهرجانات عمر كمال    حزب الله يُعلن استهداف جنود ومواقع إسرائيلية    المخرج عمرو سلامة لمتسابقة «كاستنج»: مبسوط بكِ    رغم اعتراض ترامب.. قاضية تُفرج عن وثائق فى قضية انتخابات 2020    موعد صرف حساب المواطن لشهر أكتوبر 2024 / 1446 وكيفية الاستعلام عن الأهلية    بسبب الأجرة.. ضبط سائق تاكسي استولى على هاتف سيدة في القاهرة (تفاصيل)    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    عمرو أديب: المتحف المصري الكبير أسطوري ولا يضاهيه شيء    كرة يد - فلاورز البنيني يتأهل لنهائي إفريقيا ويضرب موعدا مع الأهلي    30 شهيدا بينهم 20 طفلا وامرأة في قصف مخيم جباليا في غزة    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    الصور الأولى من حفل خطوبة منة عدلي القيعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الثورة صالحتني على البلد".. "مونيكا" تركت إيطاليا للحفاظ على آثار مصر
نشر في مصراوي يوم 11 - 02 - 2019

في الرابع والعشرين من نوفمبر 2010، تاريخ لا ينمحي من مخيلتها؛ كان القرار حاسما، جمعت كتبها وطوت ذكرياتها، لملت قصاصات ومخطوطات تذكرها بآثار البلد العريقة وودعت الشوارع بعيون أغرقتها الدموع، اشترت تذكرة طيران اتجاه واحد إلى إيطاليا، دون حجز للعودة. قالت لوالدتها في حزم: "أنا مش راجعة هنا تاني"، غير أن ما جرى بعد 62 يوما كان كفيلا أن يعيدها كرتها الأولى "الثورة جت وصالحتني تاني على مصر.. وقلت مبدهاش بقى".
الأيام التي تلت الثورة كانت مشاهد انتهاكات الآثار تفتت قلب "مونيكا حنا"، ومع حفاظ بعض الثوار على مكتسبات أخرى كحماية المتحف المصري وتحذيرات تخص المواقع الأثرية، ووقوف أهل القرنة بالعصيان لصون أرض الأجداد بالأقصر، عندها بدأت أستاذ علم المصريات في التفكير جديا بالعودة لمصر والاستقرار بها "دايما كان عندي هاجس إن بعد 15 سنة هحكي للطلبة إننا مقدرناش نعمل حاجة.. ولا على الأقل هقولهم حاولت ومسلمناش إننا نسيب الآثار تتسرق".
في نهاية 2012 كانت العودة "وقتها مكنش عندي شغل ثابت.. بعدها بدأت التدريس في الجامعة الأمريكية وحطيت خطة واضحة إني مش هسيب أي ربع فرصة للحفاظ على تراثنا وما اعملهاش.. بدأت أتواصل مع جهات رسمية؛ الرقابة الإدارية، والنيابة، وشرطة السياحة، وبقى عندي أرشيف من الأرض للسقف لملفات أزمات في كل حتة في مصر؛ السرقات من المواقع المسجلة والحفر الخلسة واللعب في المخازن والمشاريع الوهمية والترميم الغلط، ولقيت ناس كتير عايزين يصلحوا".
وخلال 3 سنوات بدأت رحلات مكوكية في العالم كله تتكلم عن آثارنا وضرورة الحفاظ عليها "معدتش عليا أي لحظة ندم.. وطول الوقت شايفة الثورة صاحبة الفضل في إنقاذ كتير من آثارنا، وكفاية إني بحس بوعي الناس اللي زاد وحست إن التاريخ ده بتاعها مش بتاع الخواجات".
قرار الهجرة الذي تبدل لم يكن من فراغ؛ بعد تخرجها من قسم علوم المصريات بالجامعة الأمريكية كان طموح "مونيكا حنا" كبيرا، لا تكل عن التعلم، تذوب عشقا في حب الآثار وما يتعلق بها، حصلّت دراسة الدكتوراة بإيطاليا في 2006، واشتركت في الإشراف على أحد المشاريع المختصة بمواقع أثرية بمصر من خلال منحة للاتحاد الأوربي "بس اكتشفت إن فلوس الدعم بتروح في غير محلها.. وحسيت إن البلد مفيهاش رجا، وقلت الهجرة هي الحل".
قبل اندلاع الثورة بيوم هاتفت "مونيكا" والدتها وهي تقول "يا ماما خزني أكل كويس.. أنا عندي إحساس إن اللي حصل في تونس هيتعاد عندنا"، تلقت الأم العبارات بالضحك، كان الأمر مستبعدا، فيما كر شريط الأحداث حلم "مونيكا" بنهاية فساد نظام مبارك طيلة 18 يوم "مكنش عندي هم غير إن الثورة تنجح"، حين انقطعت الاتصالات في مصر، كان أصدقاء الشابة العشرينية يتواصلون معها من السنترالات بالتليفون الأرضي "وبقوا يحكولي التفاصيل وأنا أوصل صوتهم على فيس بوك وتويتر.. وأنقل الأحداث لكل المهتمين باللي بيحصل".
لم تكن "مونيكا" وحدها من يتعلق بما يجري في التحرير، العالم كله كان يتابع؛ وبينما تحاضر داخل إحدى قاعات جامعة "لوكا" الإيطالية، وجدت هاتفها يسجل 11 مكالمة فائتة من والدتها "أول ما كلمتها قالتلي: أتنحى خلاص"، يومها شعرت "مونيكا" أن مصر عادت لأصحابها الأصليين "جمعت كل أصحابنا المصريين في إيطاليا وعزمتهم على كشري"، تضحك وهي تتذكر أيام انتصار الثورة.
تفخر "مونيكا" بأنها شخص لا يعرف الإحباط "كنت عارفة إني بدخل أيدي في شق الثعابين.. بس الناس معانا وفي جهات حكومية كتير مهتمة تكشف الفساد وساعدونا.. معركتي عمرها ما كانت سياسية اللي يهمني آثار بلدي وتاريخها".
لم تزل تتذكر اللحظة التي قررت برفقة صديقتيها –أستاذة التراث الإسلامي وأخرى مرممة آثار- الحملة المجتمعية للرقابة على التراث والآثار، كان ذلك قبيل أحداث 30 يونيو بأيام "جالنا تليفون إن في محاولات للاستيلاء على أرض منطقة عرب الحصن من مافيا الأراضي واللي بتقوم بالحفر الخلسة والبناء العشوائي عالموقع الآثري عشان عارفين إن الدولة هتبقى مشغولة بالمظاهرات"، طفق في ذهنها فكرة ذكية "عملنا حملة نظافة في المنطقة وجبنا الشرطة والتليفزيون يصوروا.. صحيح اتضرب علينا خرطوش بس وقفنا خطة مافيا الأراضي.. ودلوقتي بقى في بعثة من جامعة عين شمس مسئولة عن المكان".
إنجازات عدة حققتها طوال سنوات خلت؛ إنقاذ 46 قطعة أثرية من الحرق في متحف ملوي بالمنيا وقت هجوم المسلحين عقب فض رابعة والنهضة، تسجيل موقع الشيخ عبادة الأثري بالمنيا والحفاظ على ألف قطعة بقرار من مجلس الوزراء، حماية "بيت مدكور" بحي الدرب الأحمر من الانتهاكات، إزالة المقابر التي بُنيت على الطريق الصاعد للملك سنفرو بدهشور "كنا بنلف في كل حتة وننقذ اللي نقدر عليه، إسلامي وقبطي، فرعوني وروماني.. وجايز فشلنا في حاجات بس الطشاش ولا العمى، وكل حاجة نعملها أفتكر الثورة وأضحك إن كان زماني برة وبمصمص شفايفي وخلاص".
في 2014 شاركت "مونيكا" ضمن فريق صاغ المادة رقم 50 في الدستور المصري، والتي تنص على أن: "تراث مصر الحضارى والثقافى، المادى والمعنوى، بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى، المصرية القديمة، والقبطية، والإسلامية، ثروة قومية وإنسانية، تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته، وكذا الرصيد الثقافى المعاصر المعمارى والأدبى والفنى بمختلف تنوعاته، والاعتداء على أى من ذلك جريمة يعاقب عليها القانون. وتولى الدولة اهتماما خاصا بالحفاظ على مكونات التعددية الثقافية فى مصر".
حصدت "مونيكا" جائزة "سيدة الآثار" من منظمة اليونسكو، بسبب مساهمتها في إنقاذ متحف ملوي، وجائزة "Safe Beacon Award" العالمية، والمعنية بحماية الآثار، وحصلت على لقب أفضل خريجة للجامعة الأمريكية –مرتين- في مصر ونيويورك، كانت المصرية الوحيدة من خارج الدولاب الحكومي التي طلبتها الخارجية الأمريكية للشهادة أمام الكونجرس قبيل إمضاء اتفاقية منع الإتجار في الآثار بأمريكا لمدة 5 سنوات.
قبل شهور تيقنت "مونيكا" أن مجهودها لم يُذهب سدى، حين أسست كلية الآثار والتراث الحضاري بأسوان، والتي تتبع جامعة الدول العربية، والتي بدأت الدراسة فيها بأكتوبر 2018، وبينما يتردد اسم "مونيكا حنا" أكثر من مرة لمنصب وزير الآثار، تقول دوما "أنا قيمتي في السبورة اللي بقف أدامها والبحث العلمي اللي بنشره والكام ساعة اللي في المكتبة عندي بالدنيا".
كلما تنظر "مونيكا" لصغيرتها "مايا" تلمع عينيها وهي توقن بأن كل شئ له عمر افتراضي ويزول إلا الآثار لذلك تعلنها دوما "معركتي عشان اللي جاي والآثار مش ماضي دي هي اللي مكملة وهي المستقبل.. والشرارة اللي طلعت من الثورة بالوعي وحقنا في تراثنا وحمايته هتفضل عايشة وهفضل فخورة بها طول العمر".
تابع باقي موضوعات الملف:
"الثورة يعني بناء".. كيف طوّر 24 مصريا قرى الفيوم؟
مّد الثورة إلى الصعيد.. "مجراية" الثقافة والسينما في "ملوي"
جنوبية حرة.. "الثورة في دم بنات أسوان"
قصة "السيد" مع الثورة.. درس التاريخ الذي أسقط حسني مبارك
أثر الثورة لا يزول.. رحلة مبادرة "لاستخدام العقل" من القاهرة للمحافظات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.