تكررت الاتهامات الموجهة لجهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيل (الموساد) بالوقوف وراء اغتيال وقتل عدد من العلماء والطلبة النابغين العرب، باعتبار أن هؤلاء يشكلون خطرًا على دولة الاحتلال، وربما كانت لهؤلاء علاقات مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس). وفي مقابلة مع المراسل العسكري والاستخباراتي رونين برجمان لصحيفة "تايمز اوف إسرائيل"، حول كتابه الجديد "أقتل أولا: التاريخ السري للاغتيالات المستهدفة في إسرائيل"، قال إن القادة الإسرائيليين اعتقدوا منذ بداية تأسيس دولة الاحتلال أن العمليات السرية والاغتيالات التي تتجاوز حدود العدو كانت أداة مفيدة لتغيير التاريخ أو القيام بشيء ما، إلى واقع دون اللجوء إلى الحرب. وأضاف أن هؤلاء القادة كانت لديهم هذا التصور قبل وقت طويل من أن تكون للمخابرات الإسرائيلية القدرة على تنفيذ هذه العمليات، بحسب المقابلة التي نشرتها تايم أوف إسرائيل. وأشار إلى أن نجاح وفاعلية أكثر من 2700 عملية اغتيال في تاريخ إسرائيل الحديث القائم منذ 70 عاما، دفع في بعض الأحيان الساسة الإسرائيليين إلى تجنب القيادة الحقيقية والدبلوماسية. "حلقة جديدة" كانت أحدث هذه الاتهامات قتل المهندس والمحاضر الفلسطيني فادي البطش فجر السبت الماضي في العاصمة الماليزية كوالالمبور. كان اغتيال البطش، أحدث حلقة من حلقات الاغتيالات التي تُوجه فيها أصابع الاتهام إلى الموساد. وقتل المهندس الفلسطيني أمام مقر إقامته أثناء عودته من صلاة الفجر. وكان البطش محاضرًا في جامعة كوالالمبور، وكان متخصصًا في هندسة الطاقة والطاقة البديلة، وخبيرًا في الطائرات بدون طيار في الآونة الأخيرة، ورغم أنه كان يعيش في ماليزيا في السنوات الأخيرة الماضية، إلا أنه كان يتردد على قطاع غزة المحاصر باستمرار. ونشرت الشرطة الماليزية، الأربعاء، معلومات جديدة عن المشتبه بهما في اغتيال البطش، 35 عامًا، والذي اتهمت حركة حماس الموساد الإسرائيلي في قتله. وحسب الشرطة الماليزية، فإن رجلين كانا على ظهر دراجة بخارية أطلقا عليه حوالي 14 رصاصة، وقال محمد فوزي هارون، المفتش العام للشرطة الماليزية، إنه تم العثور على الدراجة النارية التي استخدمها المشتبه بهما في بحرية تبعد عن موقع الحادث حوالي 9 دقائق. وادعت صحيفة يديعوت احرنوت الإسرائيلية أن حركة حماس جندّت البطش، في إحدى زياراته للقطاع، للمساعدة على تصنيع هذه الطائرات، وللمساعدة في عملية تطوير الصواريخ التي تنتجها الحركة الإسلامية. وتقول يديعوت احرونوت إن حركة حماس لجأت إلى مجال الطائرات بدون طيار، بعد محاولات إسرائيل المتكررة في التصدي لأي جهود تقوم بها من أجل احباط جهودها لتطوير قواتها العسكرية ومنظومتها الدافعية، مُشيرة إلى أن اغتيال البطش لا يختلف كثيرًا عن تصدي قوات الاحتلال للأعمال التي يقوم بها الناشطون الفلسطينيون، أو تدميرها للأنفاق. "النابغة الفلسطينية" وقبل مقتل البطش بحوالي 3 أسابيع، عثرت الشرطة الفلسطينية على "النابغة" الفلسطينية إيمان حسام الزرة، مُعلقة من رقبتها في شقتها بمدينة البيرة، في 25 مارس الماضي، وباشرت السلطات الفلسطينية التحقيقات، فيما نفت عائلتها أن ابنتهما أقدمت على الانتحار. واتهمت العائلة قوات الاحتلال الإسرائيلي باغتيال إيمان، 27 عامًا، لا سيما وأنها كانت "نابغة" في الكيمياء، تلقت شهادة الهندسة الكيماوية من جامعة النجاح الوطنية. وقال والد إيمان إن ضابطا في جيش الاحتلال ابتزها قبيل اغتيالها بقترة وجيزة، وطلب منها وقف الأبحاث التي تعمل عليها. "اغتيالات لبنانية" في مساء يوم 27 فبراير الماضي، اكتشفت مايا سليم مراد، الطالبة اللبنانية في فرنسا، مقتل شقيقها، طالب الفيزياء النووية والنابغة اللبنانية هشام، فأخبرت عائلتها في بلدة قضاء النبطية، جنوبلبنان، ليكسو الحزن البلدة، التي كانت تتوقع أن يعود إليها الشاب المتفوق بأرفع الشهادات العلمية. كشفت التحقيقات أن هشام، المتخصص في مجال الفيزياء النووية، قتل في منزله في مدينة جرونوبل الفرنسية، وتضاربت الأنباء عن الطريقة التي قُتل بها، إذ افادت تقارير صحفية بأنه توفي بعد أن تلقى عدة طعنات في جسده داخل شقته، فيما قالت الشرطة الفرنسية إنه وقع من شرفة منزله. وحسب مُحاضر في جامعة جرونوبل، فإن مايا تقدمت ببلاغ عن فقدان شقيقها، لأنها فقدت أثرة ذلك اليوم، فطلبت منها الشرطة الحضور إلى المركز، وأبلغتها أنه نحو الساعة 11 صباحاً تلقت الشرطة اتصالاً من الجيران في المنطقة تفيد بسقوط جثة في حديقة المنزل حيث يقطن الشاب اللبناني. وقالت صحف ومواقع لبنانية إن الشبهات حامت حول الموساد الإسرائيلي، واتهم بعض أساتذة هشام في الجامعة الاستخبارات الإسرائيلية باغتياله وإلقائه من شرفة منزله، للقضاء عليه نظرًا إلى تفوقه العلمي في مجال الفيزياء النووية، وخوفًا من أن تلجأ إليه الحركة الإسلامية في تطوير أسلحتها العسكرية. وفي مارس الماضي، أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين أن شرطة مدينة جرونوبل نشرت تقريرها حول وفاة هشام، مؤكدة أن الجريمة لم تحدث بناءً على دوافع جنائية. وقع خبر مقتل الشاب اللبناني حسن علي خيرالدين، 23 عامًا، كالكارثة على اللبانين، والذي عُثر عليه أسفل الدرج الخلفي لحرم جامعة هاليفاكس، في ولاية هاليفاكس، في كندا، في 25 فبراير الماضي، مُصاب بطعنتين من سكين حاد، أحدها في خاصرته والأخرى في رقبته استقرت في قلبه. وحسب صحف ومواقع لبنانية، فإن خير الدين، من بلدة مجدلون، بالبقاع، كان طالب اقتصاد وباحثًا في موضوع الاقتصاد العالمي، دخل في غيبوبة قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة. وزعمت عدة جهات أن خيرالدين اُغتيل بسبب أطروحة الدكتوراة حول سيطرة اليهود على الاقتصاد العالمي، وأشار بعض معارفه إلى تلقيه التهديدات للتوقف عن إجراء بحثه حول اليهود. وما أثار الشبهات حول مقتل خيرالدين، وما أكد أن وفاته لم تكن حادثًا عاديًا، هو أن مكان الحادث كان الزاوية الوحيدة في الجامعة التي لا تظهرها كاميرات المراقبة الموجودة في كل مكان بالجامعة، ما تسبب في تأخر حصوله على الاسعافات الأولية، وخسارته كميات كبيرة من الدم قبل نقله إلى المستشفى، والتي بقى فيها 10 أيام حتى توقف قلبه. "الانتقام من الزواري" قبل حوالي عام ونصف، اغتيل العالم والمهندس التونسي محمد الزواري، في مدينة صفاقسالتونسية، واتهمت حماس الموساد الإسرائيلي بقتله،لعمله على مشروع تطوير طائرات دون طيار وتصنيعها، كما أنه كان عضوًا في كتائب القسام، وهي الجناح العسكري للحركة الإسلامية. وقالت حماس إن التحقيقات خلصت إلى أن الموساد الإسرائيلي مسؤول عن عملية الاغتيال، للانتقام من الزواري، والذي كان المشرف على مشروع إنتاج طائرات مسيرة، التي استخدمتها حماس في حربها ضد إسرائيل في قطاع غزة عام 2014. وحسب محمد نزال، عضو المكتب السياسي لحماس، فإن عملية اغتيال الزواري جرى التحضير لها قبل عام ونصف العام من تنفيذها، ومرّت ب3 مراحل، أولها عام 2015، ونفذها شخصان وصلا إلى تونس بجوازي سفر بوسنيين، حسب ما نقلته وكالة معًا الإخبارية. واتهمت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، في تحليل نشرته على موقعها الإلكتروني الأربعاء، حركة حماس بتجنيد موظفين وأكاديميين عرب وفلسطينيين في جميع أنحاء العالم، لتعزيز صواريخها، وطائراتها بدون طيار. وزعمت الصحيفة أن حماس تجمع التبرعات وتوظف الناشطين وتبني العلاقات مع تركيا وإندونيسيا وتونسولبنان وغيرها من الدول، وذلك كله من أجل تحقيق هدف واحد وهو تعزيز قدراتها العسكرية. وحسب هآرتس فإن مقتل البطش، وعملية الاغتيال التي حدثت في تونس، ومحاولة القتل في لبنان، تعكس التغيير الكبير الذي حدث في محاولات التصدي لجهود حماس، وتؤكد أن هناك من يحاول احباط جهودها في تطوير أسلحتها. ويرى طاهر النونو، القيادي في حركة حماس، أن الموساد يقوم بعمليات تستهدف العقول الفلسطينية، في خطط إرهابية لترويع النوابغ واخافتهم، مضيفا أن الموساد يعمل وفق خطة ممنهجة تستهدف كل فلسطيني ناجح. وقال لمصراوي "حماس تحصر عملها في الأراضي المحتلة وليس لديها دور في الرد على تلك الاستهدافات". ودعا القيادي الحمساوي الدول والمؤسسات الدولية لحماية هذه العقول وتوفير الحماية لها "فنحن كحركة ليس لدينا يد لنتحرك الا على المستوى الداخلي وليس في مثل تلك الأمور، ونامل في توقف تلك العمليات."