لا تخطو السعودية نحو مزيدًا من الانفتاح الاقتصادي فحسب، بل تسير المملكة بخطوات سريعة نحو مزيدًا من التغيّرات على المستوى المجتمعي لم تشهدها المملكة من قبل على مدار العقود الماضية، ويبدو أن خطط الأمير السعودي الشاب محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، تمضي نحو كسر مزيد من القيود والموروثات، التي كان يعتبرها الشعب السعودي مسلمات ومقدسات لا تمس. ويمكننا رصد مظاهر الانفتاح والتغيرات المتعاقبة على المملكة العربية السعودية على هذا النحو: 1- خطة 2030 في 25 أبريل 2016، أعلن محمد بن سلمان، ولي العهد الحالي، عن خطة "رؤية 2030"، لإحداث ثورة في الاقتصاد السعودي بإنهاء اعتماده على النفط.. ويهدف "برنامج التحول الوطني 2030" إلى خفض الإنفاق العام بنسبة 40 في المئة، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، بحسب ما كانت قد أعلنت المملكة. ويتضمن البرنامج أيضا إنشاء مدينة إعلامية سعودية، وتطوير السياحة، وإنشاء مجمعات تتيح للنساء مزاولة النشاطات الرياضية، وخصخصة خدمات البريد. 2- دعم وسائل الترفيه مع سياسة الانفتاح والتغيير الثقافي قبل التغيير السياسي التي يتبناها الأمير بن سلمان، أشارت وكالة "بلومبرج" الأمريكية إلى أن المملكة تسعى إلى الإكثار من وسائل التسلية والترفيه والسماح للمواطنين بالاستمتاع بوقتهم، وذلك بهدف جني المزيد من الأرباح عبر النشاطات الترفيهية والمهرجانات الثقافية. وعلى الرغم من عدم وجود قاعات للسينما في السعودية حالياً، إلا أن الأفلام السعودية بدأت تحقّق في الأعوام القليلة الماضية نجاحات عربية وعالمية. 3- ثورة في القطاع السياحي سلطت السعودية الضوء في رؤيتها 2030 على أهمية تطوير قطاع السياحة والترفيه من أجل تنويع مصادر دخل المملكة وتشجيع استثمار القطاع الخاص، وتحدثت عن خطط لتطوير مواقع سياحية، ولذلك دشنت السعودية، في الأسابيع الماضية، مشروعا سياحيا ضخما يهدف إلى تحويل 50 جزيرة، وسلسلة مواقع أخرى ساحل على البحر الأحمر، إلى منتجعات فاخرة. وأكدت وكالة "بلومبرج" أن السعودية تشهد ثورة في القطاع السياحي، تهدف الخطة إلى تشجيع السعوديين على إنفاق المزيد من دخلهم في البلاد، بدلا من إنفاقها في السفر إلى الخارج.ويتوقع أن تستكمل المرحلة الأولى من المشروع السياحي في نهاية عام 2022. 4- برامج الخصخصة وفي اطار رؤية "2030"،أعلنت الحكومة السعودية، في بداية الشهر الحالي، اعتزامها المضي قدماً في خطط بيع نحو 5% من شركة النفط الوطنية العملاقة "أرامكو" السعودية. ويقول المسؤولون إنهم يستهدفون الانتهاء من البيع بنهاية 2018 وجمع نحو 100 مليار دولار. وتهدف خطة الإصلاح "رؤية 2030" التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان العام الماضي إلى تخليص الاقتصاد من الاعتماد على النفط. وبدأت الخطة تحقق أهدافها في احتواء الوضع المالي العام لكنها لم تخلق حتى الآن أي مصادر جديدة كبيرة لتحقيق النمو خارج قطاع النفط، بحسب رويترز. 5- تحولات اجتماعية لاقت الحكومة السعودية العديد من الانتقادات حول حقوق المراة السعودية، حيث تطالب النساء في المملكة العربية السعودية، على غرار النساء في كل بقاع الأرض، بالاحترام والمساواة في الحقوق وبألا يُعاملن كمواطنات من الدرجة الثانية. وفي السياق ذاته، أفادت وكالة الأأنباء السعودية "واس" أن العاهل السعودي أصدر أمر ملكي، اليوم الثلاثاء، بالسماح للنساء بقيادة السيارت يعكس توجهًا جديدًا أكثر جرأة في مواجهة الهيمنة المجتمعية والدينية التي كانت تعرقل حصول النساء على هذا الحق. "دور محمد بن سلمان" ومن جانبه، قال الباحث في العلاقات الدولية بهاء الدين عياد، إن ما أقدمت المملكة العربية السعودية على اتخاذه يعد خطوة تحديثية كبيرة بالنظر إلى مسار التطور الاجتماعي في المملكة، وإن كانت متأخرة مقارنة بدول أخرى، مؤكدا أن الفضل في ذلك يرجع الى التغيرات التي شهدها بيت الحكم السعودي ممثلا في صعود قيادة جديدة للدولة السعودية بسمات فكرية جديدة تتناسب مع تولي الشاب الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد. وفي تصريحات لمصراوي، اعتبر "عياد" أن هذا التطور يمثل فرصة لتحسين صورة الاوضاع الاجتماعية والحقوقية في المملكة أمام العالم وهو ما يدل عليه حرص المملكة على شرح أهمية هذا التطور من خلال تصريحات سفيرها لدى واشنطن الامير خالد بن سلمان المتوقع ان يتولى موقعا هاما في النظام السعودي المستقبلي بقيادة أخيه "محمد" عقب انتهاء مهمة عمله في واشنطن. وأكد الباحث على أن هذا التطور يجرد خصوم المملكة من أحد أهم مقولاتهم في مهاجمة النظام السعودي بوصفه بأنه لا يسمح للنساء بقيادة السيارة وغيرها.. الا أنه سيضع المشايخ وأصحاب الفتوى السابقة المؤيدة لحظر قيادة السيارات على النساء في ورطة، اذا ايدوا او تجاهلوا القرار الجديد بعد سنوات وربما عقود من اصرارهم على منع وتحريم قيادة المرأة للسيارة.