رغم السنوات الطويلة التي ظلت نقابة الأطباء تنادي فيها بضرورة إقرار قانون التأمين الصحي الشامل، إلا أنها أعلنت رفضها لمسودة القانون الذي وافق عليه مجلس الوزراء أمس الإثنين، لوجود ما وصفته ب"سلبيات جوهرية بمشروع القانون"، بل تجاوز الأمر إلى حد اعتباره "محاولة خلفية لخصخصة المستشفيات الحكومية". يقول الدكتور إيهاب الطاهر، الأمين العام لنقابة الأطباء، إن فلسفة قانون التأمين الصحي تقوم على التعاقد مع المستشفيات طبقًا لمعايير الجودة، لكن ذلك يُعتبر "بابا لخصخصة تلك المستشفيات". ويوضح الطاهر لمصراوي مخاطر ذلك: "كلمة التعاقد أنه عقد محدد المدة، وهم يقولون إننا سنرفع الجودة ونتعاقد معها، فماذا عن المستشفيات التي ستنخفض فيها الجودة بعد نهاية التعاقد، وماذا عن وضع الفريق الطبي؟ هذه المخاوف مشروعة جدًا لأنها قد تتعرض للغلق أو الخصخصة أو تتولى إدارة من القطاع الخاص تشغيلها وهذا أمر مرفوض تمامًا"، مضيفًا: "النص في المشروع هي أن المستشفيات الحكومية هيّ الركيزة الأساسية للقانون، ويجوز التعاقد مع المستشفيات الخاصة لاستكمال الخدمات، ولكن أرض الواقع تتحدث عن التعاقد مع مستشفيات القطاع الخاص بما لها من جودة مرتفعة عن المستشفيات الحكومية نظرًا للميزانية الضخمة المرصودة لها، وليس مستشفيات الحكومة لأن ميزانيتها أقل بالتأكيد.. مستشفيات الحكومة مبنية بأموال الشعب ولابد أن يستفيد بها". الأمر الآخر في اعتراض نقابة الأطباء على فكرة التعاقد مع المستشفيات؛ أن تقليص عدد المستشفيات الحكومية المنضوية للتأمين الصحي سيرغم الحكومة للاستجابة لطلبات المستشفيات الخاصة: "لن استطيع فرض شروطي على القطاع الخاص وسترتفع أسعار الخدمات.. هذه الفلسفة نرفضها جملة وتفصيلا"، حسبما ذكر الأمين العام. في هذا الإطار، تتساءل الدكتورة منى مينا وكيل النقابة: "كيف يتحدث مشروع القانون عن "معايير الجودة" في منظومة صحية تعاني من عجز شديد في التمريض (حوالي 50% عجز عام في أعداد التمريض و عجز 75% في تمريض المستشفيات) و عجز نسبي في الأطباء وخصوصا التخصصات الحرجة و التخدير،وعجز في القدرة على توفير الأدوية والمستلزمات العلاج الأساسية بدءً من المحاليل والجوانتيات و حتى القساطر؟ هل قمنا بالجهد اللازم لتوفير هذه المقومات الأساسية للخدمة الصحية؟ أم تركنا المنظومة الصحية تفتقد الدعامات الأساسية لتقديم الخدمة ، ثم نتجرأ بالحديث عن "معايير الجودة"؟". تخوف "خصخصة المستشفيات الحكومية" تُعضضه "منى مينا" بالقول إن: هذه المادة تفتح الباب واسعا أمام طرح هذه المستشفيات للشراكة مع القطاع الخاص، فكلنا نتذكر الحجج التي سمعناها بالأمس القريب عند مناقشة خطط تطوير مستشفيات التكامل وملخصها أن الدولة لن تستطيع القيام بالتطوير وحدها ويجب أن نعطي فرصة لمساهمة القطاع الخاص، وبذلك تضيع المستشفيات التي بناها الشعب من أمواله عبر عشرات السنين، و نعطي اليد العليا للقطاع الخاص للتحكم في أسعار تقديم الخدمة، مما سيحمل التأمين الصحي بتكلفة عالية ستدفعه بالتأكيد لرفع عبء الاشتراكات و المساهمات على المرضى. المساهمات والاشتراكات إلى جانب تخوفات "خصخصة المستشفيات"، ترى نقابة الأطباء أن مسودة القانون الحالية تضعها أعباءً إضافية على كاهل غير القادرين في تلقي الخدمة الطبية. يقول الدكتور إيهاب الطاهر: "لا توجد أي اعترضات على دفع اشتراكات ولكن لا يجوز دفع مساهمات إضافية بدون حد أقصى، فوفقًا للقانون تتحمل الدولة تكاليف اشتراك غير القادرين ولكنه عند العلاج سيضطر لدفع مساهمة "هيجيبها منين؟". الحل من وجهة نظر "الطاهر" يتمثل في زيادة قيمة الاشتراك السنوي للفئات القادرة ، وإلغاء المساهمات، ففي الصياغات السابقة لمسودة القانون كانت هناك إعفاء للمساهمات المعاشات والذين يعانون من أمراض مزمنة وغير القادرين وتتحملهم الدولة، وتم إلغاء هذه الإعفاءات في النسخة الأخيرة. وتُضيف الدكتورة منى مينا أن "النسخة التي وافق عليها مجلس الوزارء، تلزم المواطن ليس فقط بدفع الاشتراك بشكل ثابت لنفسه و لزوجته إذا كانت لا تعمل، و لأطفاله ولكل من يعولهم، و لكنها أيضا تلزمه بدفع "مساهمات" كنسب ثابته من تكلفة العلاج عند الاحتياج له، و هذه النسب ليست نسبا رمزية (عشرة جنيهات مثلا على كل روشتة ) و لكنها نسب مئوية تصل إلى 20% من قيمة الدواء و10% من قيمة الأشعات و5% من قيمة التحاليل بدون حد أقصى ، و كلنا نعلم القيم الخرافية التي تصل لها بعض الاشعات و التحاليل و الأدوية". مجلس النواب وأشار أمين عام نقابة الأطباء إلى أنهم سيدعون مجلس النواب لعقد جلسات استماع حول مشروع القانون قبل إقراره لنقل تلك التخوفات ومحاولة تعديلها في القانون، مضيفًا: "هناك تواصل مع لجنة الصحة وكل أعضاء مجلس النواب لأنه شئ للتاريخ وسيكتب في سجل النائب الذي وافق على تلك السلبيات".