بعد مقترح النائب محمد أبو العينين| خبير: خطوة نحو ربط التعليم بسوق العمل    أسعار الذهب تواصل الارتفاع في مصر.. عيار 21 يسجل 3740 جنيه    وزير الإسكان يزور مصنع "تربوسان" التركى لبحث فرص نقل وتوطين صناعة الطلمبات    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    بدء توافد الرؤساء والقادة إلى مقر انعقاد قمة بريكس للمشاركة فى جلسات اليوم    سنة من الحرب.. بدءًا من غزة ومرورًا بلبنان    موعد مباراة الأهلي والزمالك في نهائي السوبر المصري والقنوات الناقلة    محافظ الغربية يكرم بسملة أبو النني الفائزة بذهبية بطولة العالم في الكاراتيه    رياح نشطة وأمطار على هذه المناطق.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم الأربعاء    تفاصيل مق تل طفلة على يد زوج والدتها في المقطم    ضبط 162 مخالفة تموينية في المنيا    مفاجآت الحلقة الأخيرة من "برغم القانون".. انتقام إيمان العاصى من أكرم    "وقولوا للناس حسنا".. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة عن القول الحسن    تعاون مصري قبرصي لتعزيز الشراكات الصحية وتبادل الخبرات    رئيس فاكسيرا: توطين صناعة لقاح شلل الأطفال بالسوق المحلي بداية من 2025    جيش الاحتلال يعلن اعتراض مسيرتين قادمتين من الشرق في إيلات    إصابة عامل بطلق نارى أثناء عبثه بسلاح غير مرخص بالمنشاه سوهاج    حملات مرورية لرصد المخالفات على محاور القاهرة والجيزة    الداخلية تواصل فعاليات المبادرة «كلنا واحد» لتوفير السلع بأسعار مخفضة    وزيرة التنمية المحلية: زراعة 80 مليون شجرة بالمحافظات حتى 2029    كيف انشق القمر لسيدنا محمد؟.. معجزة يكشف جوانبها علي جمعة    "عبد الغفار" يُدير جلسة حوارية حول تعزيز حقوق الصحة الإنجابية وديناميكيات السكان    في زيارة مفاجئة.. وزير التعليم يتفقد 3 مدارس بإدارة المطرية التعليمية    "الصحافة على جبهتي تحرير وتطهير سيناء" في ندوة بنقابة الصحفيين .. الخميس    بمناسبة الكريسماس.. هاني شاكر يحيي حفلاً غنائياً في دبي    عاوزين تخلوها صفر ليه، تعليق ناري من خالد النبوي على هدم قبة حليم باشا التاريخية    عمرك ما ترى حقد من «الحوت» أو خذلان من «الجوزاء».. تعرف على مستحيلات الأبراج    ارتفاع أرباح بيكر هيوز للخدمات النفطية خلال الربع الثالث    حديد عز يبلغ 41 ألف جنيه.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 23 أكتوبر 2024    تعرف علي مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 23-10-2024 في محافظة البحيرة    زعيم كوريا الشمالية يطالب بتعزيز الردع في مواجهة التهديدات النووية    قوات الاحتلال تقتحم مدينة قلقيلية وتعتقل عددا من المواطنين    نشرة المرأة والمنوعات.. فواكه تخلصك من رائحة الفم الكريهة.. سعر فستان هنا الزاهد في إسبانيا    الناصري: انضمام مصر إلى «بريكس» خطوة استراتيجية لتعزيز مكانتها الاقتصادية والسياسية    عبد الرحيم حسن: شخصيتي في «فارس بلا جواد» كان «بصمة» في حياتي    مع اقتراب الشتاء.. 3 عادات صباحية للتصدي للإنفلونزا والبرد    أحمد عادل: لا يجوز مقارنة كولر مع جوزيه.. وطرق اللعب كانت تمنح اللاعبين حرية كبيرة    إبراهيم عيسى: اختلاف الرأي ثقافة لا تسود في مجتمعنا.. نعيش قمة الفاشية    هاريس: جاهزون لمواجهة أي محاولة من ترامب لتخريب الانتخابات    يسرا تدير الجلسة الحوارية لإسعاد يونس في مهرجان الجونة    منصور المحمدي يُعلن ترشحه لمنصب نائب رئيس اتحاد الطائرة بقائمة مخلوف    الكومي: فرد الأمن المعتدى عليه بالإمارات «زملكاوي».. والأبيض سيتأثر أمام الأهلي    خبير يكشف موقف توربينات سد النهضة من التشغيل    إذا كان دخول الجنة برحمة الله فلماذا العمل والعبادة؟ أمين الفتوى يجيب    بركات يوم الجمعة وكيفية استغلالها بالدعاء والعبادات    الخطوط الجوية التركية تلغى جميع رحلاتها من وإلى إيران    رسميًا بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 23 أكتوبر 2024    مصرع طفل أُغلق على جسده باب مصعد كهربائي بكفر الشيخ    حسام المندوه يكشف سبب تأخر بيان الزمالك بشأن أزمة الثلاثي |تفاصيل    الفنانة عبير منير تكشف كواليس تعارفها بالكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة: "عشنا مع بعض 4 سنين"    تشريح جثة طفل عثر عليها ملقاة بالشارع في حلوان    كشف غموض العثور على جثة شاب ملقاة في ترعة ببيلا    البطريرك يلتقي عددًا من الآباء الكهنة والراهبات في روما    ملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد بروسيا دورتموند في دوري أبطال أوروبا    أرسنال يعود لسكة الانتصارات بفوز صعب على شاختار دونيتسك    رئيس جامعة الأزهر يتابع أعمال التطوير المستمر في المدن الجامعية    القاهرة الإخبارية: 4 غارات إسرائيلية على مناطق برج البراجنة وحارة حريك والليلكي في الضاحية جنوب لبنان    نشرة المرأة والمنوعات: الوقوف لساعات طويلة يصيبك بمرض خطير.. أبرز أسباب مرض داليا مصطفى.. سعر غير متوقع ل فستان ريهام حجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في يومهن العالمي.. ألطف الكائنات: ''نفسنا نتنفس حرية''
نشر في مصراوي يوم 11 - 10 - 2016

بين جَنبات حياتهن اليومية يمرحن، يبدأن بطور الطفولة ثم المراهقة حتى النضج."ألطف الكائنات" هكذا يُطلق عليهن، ولهذا اختارت لهن منظمة الأمم المتحدة يوم الحادي عشر من أكتوبر ليكون يومهن؛ رفضًا لأي تمييز، عنف، أو عنصرية قد يتعرضن لها.
من أجل مستقبل أفضل لهن؛ يحتفل العالم منذ خمس سنوات وحتى الآن بهذا اليوم بهدف زيادة الوعي عن عدم المساواة التي تواجهها الفتيات في جميع أنحاء العالم على أساس جنسهن، فيما تؤكد المنظمة العالمية للأمم المتحدة بأن الاستثمار في الفتاة يدل على صحة مساعي التنمية، بحسب أمينها العام "بان كي مون".. وفي هذا اليوم، يلتقط "مصراوي" أربعة صور لأربع فتيات، يتحدثن عن المستقبل، الطموح، الأمل، وحتى الصعوبات.
"نفسي أمشي في الشارع براحتي، وألبس فساتين" بهذه الكلمات القليلة التي تحمل في طياتها الكثير من المعاني المُختزلة، بدأت "بسمة" حديثها. أمنيةٌ بسيطة ومشروعة كتلك صارت من أهم ما تطمح إليه ابنة السادسة عشر في مُجتمع يضن على فتياته بأقل قدرٍ من الحرية والمساواة حسبها "مُجرد ما بلبس تي شيرت نص كم بسمع كلام زي الزفت، فما بالك لو لبست فستان!".
مُنذ وعت بسمة على الحياة وفي طور طفولتها الأول، اختبرت التفرقة التي يرسخها المجتمع بين الولد والبنت "اخواتي الولاد بيتعاملوا معاملة مختلفة عني واللي بيمشي عليَّ مبيمشيش عليهم". كفتياتٍ عديدات وضِعت لها القيود التي لا يجب أن تجتازها أو تتناقش بشأنها فقط لأنها خُلِقت أنثى، ورغم أنها حظت بوالدين على قدر من الوعي جعلهم يضعونها بين أيدي القائمين على معهد "الكونسيرفتوار" لتدرس الموسيقى، إلا أن مخزونهم من الموروث الاجتماعي الذي يحذر على "البنات" أمورًا عِدة كان دائمًا ما يصيب صغيرتهم بالضيق والإحباط "وأنا صغيرة كنت بتحايل على بابا عشان يرضى يجيبلي عجلة، بس كان دايمًا يقولي العجل للولاد، مفيش بنات بتركب عجل، عيب!".
"مينفعش تتكلمي كده، مينفعش تلبسي كده، مينفعش تعملي ده".. كُلها قيود تجزم بسمة بأن كل الفتيات يتعرضن لها يوميًا، فيما يسكتن رغمًا عنهن لأنهن لا يملكن خِيارًا آخر" في بنات بتقبل بقهر أهاليها لأنهم مبيعرفوش يعترضوا، بس أنا عُمري ما هسكت لو حد حاول يقهرني أو يأذيني حتى لو كانوا أهلي".
بسمة مثل الكثير من الفتيات، لم تكن تعلم شيئًا عن"اليوم العالمي للفتاة" - والذي خصصته الأمم المتحدة لزيادة الوعي من عدم المساواة التي تواجهها الفتيات في جميع أنحاء العالم؛ لضمان مستقبل أفضل- لكنها دائمًا ما تحلم لنفسها ولغيرها من بنات جنسها بقدرٍ أكبر من الحرية "نفسي البنات ميسكتوش على أي حاجة مش عجباهم وميسمعوش لكلام الناس، من حق كل بنت يبقى ليها طموح وتنجح في تحقيقه من غير ما حد يهينها أو يقهرها".
بقرية بني قريش بمحافظة الشرقية، بيت صغير، تدلف إليه وأنت مطاطئ الرأس، البيت عبارة عن غرفة واحدة وحمام بلا باب.. هناك، تمكث الفتاة "ص.م"، 11 سنة. بالاسم هو منزل والدها، بينما في الواقع هو أكثر مكان تود الفرار منه، "اليوم العالمي للفتيات" يمر عليها مثلما كان منذ شهر يوليو الماضي، عقب وفاة والدتها، بعدما انتقلت الطفلة من كنف خالتها في الزقازيق إلى رعاية والدها قهرًا، حيث تتعرض منه لمعاملة قاسية تدفعها للبكاء ليلًا ونهارًا "أنا بتضرب كل يوم.. أنا عايزة امشي من هنا".
بعد ضغط من خالتها، ذهبت الفتاة لمدرستها، بينما يرفض والدها ذلك رفضًا قاطعًا. تحكي الخالة "آمال" ل"مصراوي"، إنها سعت منذ وفاة والدة "ص" لتربيتها، منذ نهاية عام 2005، في ذلك الوقت كانت الطفلة تعيش مع الخالة بسلام، حتى دفع الوالد ابنته من أجل العمل في المنزل ناهرًا الخالة "إزاي متعملهاش تطبخ وتعمل شغل البيت"، لترد "دي لسة عيلة وعايزة تعيش طفولتها".
تقول الخالة إن "الطفلة تتعرض يوميًا للخطر والعنف في كنف أبيها". تشكو من ضربها ب"الخرزانة" وتستغيث فيما تحاول خالتها أن تُخفف من وطأة الوضع بالحديث للوالد "كدة تجبلها حالة نفسية". يضرب الأب العاطل بكلام الخالة عرض الحائط فلا يتغير الوضع في شيء لتبقى الطفلة - حسب خالتها- على حالها تُهان يوميًا وتُحمل مالا طاقة لها به "بتستحمى في شونة، وبيطلب منها تأكل البهايم في الأرض، هتعمل كل ده إزاي؟".
رئيسة الجمعية القانونية لحقوق الطفل والأسرة المصرية، دعاء عباس، تُعلّق "حالة الطفلة تعد ضمن المعنفات في المجتمع، واللائي يتعرضن للعنف ولديهن احتمالات كبيرة للتعرض للانحراف".
تستكمل الخالة آمال، حديثها، "توجهت إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان وخط نجدة الطفل - الذي اتصلت به بنفسها- فجاء الرد بأن تذهب الطفلة إلى القسم لتحرر محضرًا"، ثم أبدت تعجبها "إزاي طفلة تروح تعمل محضر من نفسها؟ وأنا لو بلغت ما هو هيضربها زيادة؟"، قائلة: "إحدى المحاميات قالت إن الوالد هو الوحيد الذي له حق الوصاية عليها، خاصة أن جدتها أيضًا متوفية".
ومن دنيا الريف إلى عالم الجامعة، يمر اليوم العالمي للفتيات على "ليلى الهنداوي" وهى بجامعة المنوفية، انتصرت لحلمها هذا العام قبل أن تتم التاسعة عشر عامًا. التحقت بالكلية التي تتمناها رغم أنف جميع من رددوا على مسامعها "أي كلية والسلام ما دام في الآخر هتتجوزي وتقعدي في البيت"، فيما أحبطتها إحداهن لأنها كانت تفاضل بين كلية التجارة وكلية الآداب "انتي متنفعيش في تجارة انتي بنت"، لترد ليلى بتحدٍ "البنت تعرف تعمل أي حاجة.. احنا بنفكر كويس ويمكن أحسن من الولاد".
تعرفت ليلى على "اليوم العالمي للفتيات" من خلال تنويه على "فيسبوك"، فشعرت أن اليوم ذو قيمة، وتسربت إليها الفرحة، مضيفةً "قررتُ أكتب عنه"، فهى من الفتيات اللائي يرفضن قولبة أحلامهن، تطلق لمستقبلها العنان، تحب الكتابة، ترغب في السفر، العمل، وترفض سلوك بعض صديقاتها وهو الزواج في سن مبكر"صاحبتي أول امبارح اتجوزت.. كنت عايزة أقولها إن المستقبل لسة قدامها.. انتوا ليه كدة!".
في مُحيطها العائلي تحظى ليلى بقدرٍ لا بأس به من الحُرية الممنوحة لها من أهلها في أشياءٍ عديدة منها ركوب العجل، بينما تتمنى أن يَقل "دلع" الأولاد في العائلة ، مُفسِرة "والدتي بتدلع أخويا أكتر لأنه الراجل الوحيد، ومسموح له يخرج براحته، لكن أنا فيه حدود، زي إن صاحبتي هى اللي تجيلي مش أنا اللي أروحلها".
لا تختلف "ريم" عن "ليلي" كثيرًا، فهى تتمتع باستقلالية وقدر كبير من الحرية منحها لها أهلها رغم كونها لم تتجاوز السادسة عشر من عُمرها بعد. لكن أكثر ما يزعجها هو التمييز الواضح بين الإناث والذكور في المجتمع بحسب جنسهم.
"الناس على طول تقول هو ولد يعمل اللي هو عاوزه، إنما البنات لأ" قالتها ريم وهي تتذكر يوم أن ذهبت إحدى صديقاتها للمدرسة بقميص يغاير لونه اللون المُحدد لِ"اللبس المدرسي" لتنهرها المديرة على الملاء وسط الجموع، وحين سألتها الفتاة من بين دموعها التي تغالبها عن سبب كل هذا اللوم الذي تُكيّله لها في حين أنها لا تُحادث زملائها ممكن لا يلتزمون بالزي المدرسي مُطلقًا فتأتي إجابة المُديرة صادمة وقابضة لنفس ريم وصديقتها "انتِ بتقارني نفسك بيهم ليه، هُما ولاد، إنما انتِ بنت".
كانت تلك هي أول اللطمات التي تلقتها ريم لتجعلها تتساءل ببراءة "يعني إيه يبقى في فرق بين بنت وولد، كلنا بني آدمين، والولاد ميزيدوش عننا في حاجة!". بالوقت اكتشفت ريم أن ما حدث بين صديقتها ومديرة مدرستها هو أسهل الجولات التي يتوجب على بنات مجتمعنا خوضها، فألسنة الناس لن تكف عن تناول تصرفات الفتيات طوال الوقت بل إنها قد تمتد للحكم عليهن أحيانًا بغير وجه حق "الناس مبتبطلش كلام، بيحكموا على البنات طول الوقت، لدرجة إنهم ممكن يفكروا إن دي بنت مش محترمة عشان مش محجبة ولا بتتكلم مع ولاد".
لا تحلم ريم بالكثير، فقط تتمنى أمورًا ترى أنها بديهية في مُجتمعاتٍ أخرى غير مجتماعتنا العربية، "نفسي البنات ياخدوا حقهم، محدش يفرض عليهم حاجة، نفسي المجتمع ميهدش ثقة البنت في نفسها، فتبقى واعية وعارفة هىّ عاوزة تعمل إيه، نفسي نبطل نستسلم لكلام الناس اللي مبيسيبوش حد في حاله".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.