هناك العديد من العادات والمعتقدات الخاطئة والتي على الرغم من بساطتها إلا أنها تعد خطيرة بشكل كبير، من بين تلك العادات ترك الأمهات لأطفالهن أمام التلفاز، اعتقادًا منهن أنه يساعدهن بشكل كبير في التعليم واكتساب المهارات التي يحتاجها الأطفال للتفاعل مع البيئة. وحسب متخصصون فإن تعلم السلوكيات والمهارات والنطق لا يتم اكتسابها عن طريق مشاهدة قنوات الأطفال، وإنما يكتسبها الطفل عن طريق العمليات المعرفية كالانتباه والإدراك والذاكرة والتقليد والتي تتم بالتفاعل المباشر مع الطفل. تقول أسماء عبدالناصر، 27 عامًا معلمة، لديها طفلين في عمر العام، إنها تضع طفليها لبعض الوقت أمام قنوات الأطفال لأنها تجذب انتباهم لكثرة الحركة والألوان بها، كما أنها ترى أن بعض تلك القنوات بها محتوى قيمي وأخلاقي جيد للأطفال، تساعدهم في التعلم، ولكنها تخاف من أن يعاني أطفالها فيما بعد من صعوبات في النطق بسبب التضارب بين اللهجة التي يسمعونها على التلفاز واللهجة الموجودة في البيئة الطبيعية، وتحاول تفادي ذلك بعدم تركهم أمام التلفاز لفترات طويلة وتتفاعل معهم بشكل أكبر بالحديث واللعب. في الروضة اللعب أهم من التلفاز تقول كريمة عبدالسميع فاوي، 30 عامًا، معلمة رياض أطفال، أنها في الروضة لا تشغل التلفاز داخل القاعات، مشيرة إلى أن الهدف الأساسي من دخول الطفل للروضة هو تعلمه المهارات التي لا يستطيع اكتسابها في المنزل، عن طريق اللعب وبعض الأنشطة والتمارين التي تعزز المهارات والسلوكيات والقيم لدى أطفال الروضة. وتابعت أن الطفل يأتي من منزل به تلفاز، ولو كان التلفاز يعلم لما احتاج أولياء الأمور لتسجيل أبنائهم في الروضات، مشيرة إلى أنها إذا كانت في حاجة لتعزيز قيمة ما بأغنية مثلًا غير متوفرة باللهجة المصرية، فإنها تعدل كلماتها بحيث لا تعرض على الطفل كلمات مبهمة غير موجودة بالبيئة. وترى كريمة أن تأثر الأطفال باللهجات الغير مصرية، وتحدثهم بالفصحى أو باللهجة الشامية نتيجة مشاهدتهم للتلفاز، لا تعد في حد ذاتها مشكلة، إذ أن ذلك يوضح أن الطفل لا يعاني من مشاكل في النطق وسيزول هذا التأثر عند التقدم في العمر، ولكن تكون مشكلة إذا لوحظ عند الطفل صعوبات في النطق أو تلعثم جراء مشاهدة التلفاز يجب عندها استشارة أخصائي لمعالجة الطفل. مخاطر التلفاز على الأطفال في السن المبكر يوضح عبدالحميد مصطفى فهمي، أخصائي تخاطب، أن هناك إحصائية تقول إن 45% من الأطفال الذين يشاهدون التلفاز في سن مبكر يعانون من مشكلات التأخر اللغوي، مشيرًا إلى أن ترك الأطفال أمام التلفاز قد يسبب أيضًا ما يسمى بالتأخر العقلي المكتسب، نتيجة انعزله عن البيئة المحيطة، ويعزز من سمات التوحد ويجعل لديه فراط في الحركة وتشتت في الانتباه. وأضاف فهمي أن من بين المخاطر للتلفاز يعرض الطفل للسخرية نتيجة اكتسابه لبعض المفردات الغير موجودة في البيئة، مشيرًا إلى أن هناك دراسة ترى بضرورة عدم وضع الطفل حتى سن 6 أعوام، أمام التلفاز لأكثر من 18 دقيقة في اليوم، وفق ما ورد بالدراسة ويؤكد أن التلفاز لا يعلم الطفل أية سلوكيات، بل إنه يعوق عملية التعلم التي تعتمد بشكل أساسي على العمليات العقلية والتقليد، وتتم عن طريق التفاعل المباشر مع الأبوين والبيئة واللعب، وخاصة في الثلاث أعوام الأولى من عمر الطفل. ويرى فهمي أنه يمكن استخدام برامج الأطفال التي تقدم محتوى تعليمي وقيمي معين، في سنوات الروضة، ولكن بمدد زمنية معينة ومتقعطة، وتستخدم كمعزز، حيث يتم التفاعل مع الطفل أثناء تشغيلها ولا يتم الاعتماد عليها بشكل أساسي بجانب اللعب واستخدام المعززات المادية والمعنوية التي تساعد في التعلم وتدعم السلوك والقيم لدى الأطفال أكثر من التلفاز.