منذ أن تدخل حدودها تشم روائحها الطيبة، المنتشرة في كافة أنحائها، فهذه البلدة الصغيرة التي لايسمع عنها الكثيرين في مصر تمتاز ب"صناعة الزيوت العطرية خاصة زيت الياسمين منها الذي يستخدم في صناعة أفخم العطور العالمية. إنها قرية شبرابلولة التابعة لمركز قطور بمحافظة الغربية، حالها مثل قرى عدة في مصر، تعاني من عدم الاهتمام بها رغم أن انتاجها ينتظره أفضل صناع العطور في العالم. " مصراوي" تجول داخل القرية ليتعرف علي مراحل صناعة الزيوت العطرية والعلاجية التي يتم استخلاصها من الزهور والنباتات التي تزرع بأيدي الفلاحين داخل مزارع القرية. داخل مزرعة الشبراوي للنباتات العطرية والطبية قال أشرف الشبراوي، صاحب المزرعة:" إن صناعة استخلاص زيوت الياسمين تدهورت منذ التسعينات وبدأ السوق الأوروبي بالتحكم في الأسعار، إلى جانب استبدال فرنساوأمريكا لشراء الزيوت بأقل الأسعار من الهند والمغرب بدلا منها رغم أن الجودة الأكبر هنا في مصر وبهذه البلدة، وتظل مصر الأنسب لإنتاج الياسمين الذي يحتاج إلى مناخ معين ودرجة حراره عالية". وأضاف أشرف:" يقدر انتاج العالم لزيت أوعجينة الياسمين نحو 14 طنا يوميا تنتج مصر نصفها تقريبا وبجودة أعلى، نظرا لأن بلدنا مصر بها 6 مصانع لصناعة الياسمين منهم اثنين في شبرابلوله و مثليهما بمركز بسيون و2 ببنها ومدينة السادات ولكن مصنعي شبرابلوله يساهما بثلثي انتاج مصر من زيوت الياسمين". وتعود مهنة صناعة العطور بالقرية، بحسب أشرف الشبراوي إلى بداية الخمسينات عندما أنشأت "سيسل كحيل" أول مصنع لإنتاج العطور من زهرة الياسمين والتي تشتهر بها القرية بشكل خاص ومصر بشكل عام، حيث المناخ الأنسب بين دول العالم لزراعتها. وعن مراحل صناعة الياسمين أضاف الشبراوي انه يقوم بزراعته بعد شراء شتلات الورد والزهور من الفلاحين بسعر 20 جنيها للكيلو وزراعته خلف المصنع ويجنى مع بداية فصل الربيع حتي نهاية شهر نوفمبر يوميا، ينتج الفدان فيها حوالي 100 كيلو ياسمين يوميا وبعد ذلك يتم تجميعه في المصنع في معدات ضخمة ويسكب عليه مادة تسمى (اكسان) من أنواع الزيوت التي تساعد زهور الياسمين علي العصر واستخلاص منها الزيت غير النقي". ويتابع: نفصل عنها زيت الاكسان مرة اخرى عن طريق مضخات البخار وسحبها بمواسير لمكينات الترشيح ليستخلص الزيت نقي دون شوائب، ومن هنا يتم تحويلها إلى مايسمى ب(عجينة الياسمين) التي يستخلص منها عطر الياسمين الخام ويتم تعبئته في عبوات معدنية محكمة الغلق لتجهيزها للتصدير لفرنسا أو أمريكا". وأضاف:" نستخلص 800 جرام زيت عطري من كل طن زهور ياسمين حاليا اما في بداية التسعينات كنا نستخلص 3 كيلو من كل طن ويرجع ذلك لتدهور زراعة الياسمين وعدم اهتمام الفلاح بها ورش البذور والعيدان بكميات كبيرة من المياه". وأكد أشرف أن تنتج أنواع كثيرة من الزيوت بنفس الطريقة ويتم تقسيمها إلى زيوت عطرية مثل "اللارنج" الذي يتم استخلاص زيوته بالتقطير بمرحلة واحدة وزيت اليوسفي الذي يعطي مذاق الأطعمة ورائحتها". وقال:"النوع الآخر الذي تنتجه القرية هو الزيوت العلاجية التي يتم استخدامها في علاج الأمراض وصناعة الأدوية مثل زيت البنفسج والقرني والبردقوش والنعناع والكمون ، وزراعة نبات " حورية" الذي يباع لشركات الأدوية بأوروبا لاستخراج الكالسيوم منه". وأضاف الشبراوي:" فرنسا تستورد 70% من إنتاج مصر والباقي لأمريكا، ولا تستفيد مصر من الزيوت سواء العطرية أو العلاجية، بسبب عدم وجود تقنيات بها لتحويل الزيت لعطور أو أدوية ونقص الخبراء الذين يمكنهم الاستفادة من الثروة الكبيرة التي تصدر بأسعار منخفضة للغاية، ولكن بعد تحويلها في هيئة عطور وأدوية في البلاد المستوردة، تباع بمبالغ مرتفعة للغاية". وطالب الشبراوي الدولة الاهتمام بهذه الزراعة والصناعة "الياسمين" قائلا:" لو اهتم المسئولون بها ستقدم عائد هائل لمصر".