أصبحت سماء سوريا، ملعبا للطائرات الروسية والأوروبية الأمريكية والسورية، كل منهما يحاول أن يصطاد فريسته، سواء من المدنيين السوريين أو المعارضة السورية أو من تنظيم الدولة الذي يعرف بداعش. وأعلنت روسيا، يوم الأربعاء، بدء مقاتلاتها الجوية شن غارات على معاقل داعش استجابة لطلب الرئيس السوري بشار الأسد، وذلك بعد حصول الرئيس الروسي بوتين على موافقة مجلس الاتحاد بالإجماع. ولم تعلق مصر أو جامعة الدول العربية على الغارات الروسية على سوريا، فيما طالبت قطر والسعودية في بيان مع دول أخرى روسيا بالكف عن استهداف المعارضة والمدنيين السوريين. وشنت المقاتلات الروسية غارات لأول مرة على مدينة الرقة معقل تنظيم الدولة (داعش) في سوريا وقتلت 12 مسلحا من التنظيم. فيما تقول الولاياتالمتحدةالأمريكية وتركيا، إن المقاتلات الروسية لم تستهدف تنظيم داعش، وإنما قصفت وقتلت أفرادا من "المعارضة المعتدلة" في سوريا. صمت مصري عربي لم تعلق مصر حتى الآن على الغارات الجوية التي شنتها روسيا على سوريا، سواء عبر رئاسة الجمهورية أو وزارة الخارجية، وكذلك الحال بالنسبة لجامعة الدول العربية. ولم تخرج أية بيانات رسمية مصرية تؤيد الغارات الروسية أو تتحفظ على أدائها وطبيعة عملها، أو ترفضها بشكل قاطع. ومنذ تفاقم الأزمة السورية، تقول مصر إنها تدعم الحل السياسي ما يضمن سلامة ووحدة أراضي سوريا ويحافظ على حقوق شعبها. كما أن مجلس الجامعة العربية علّق عضوية سوريا في الجامعة في نهاية عام 2011 . الدكتور وحيد عبد المجيد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، يقول إن "الموقف العربي بشكل عام القضية السورية جاء مخزيا باستثناء دولتين أو ثلاثة دول فقط". ويضيف عبد المجيد في تصريحات هاتفية لمصراوي، أن "بعض الدول العربية متواطئة تجاه الاحتلال الإيرانيلسوريا، وظلت أيضا متواطئة على الاحتلال الروسي سواء بصمتها أو مشاركتها بالتواطؤ على الشعب السوري". ويؤكد نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنه "لا يوجد ما يسمى بنظام بشار الأسد، فالأخير لا يحكم سوى ربع مساحة سوريا من دمشق إلى الساحل". ويفسر عبد المجيد الصمت المصري على الغارات الجوية الروسية على روسيا، قائلا "الصمت المصري ليس جديدًا، فمصر صمتت من قبل على الاحتلال الإيراني والآن تصمت على الاحتلال الروسي الذي يعد أول احتلال مباشر لأرض عربية بعد رحيل القوات الأمريكية عن بغداد"، مضيفًا "بشار الأسد حوّل دمشق إلى محافظة إيرانية لتصبح المحافظ ال39 ضمن محافظاتإيران، ويكتفي هو بمنصب المحافظ" . تحفظ عربي أوروبي أمريكي بعد الغارات الروسية على سوريا، أعربت حكومات 7 دول عربية أوروبية أمريكية، عن رفضها للغارات الروسية على "المدنيين السوريين والمعارضة المعتدلة" في سوريا، وطالبت موسكو بالكف عن استهدافهم والتركيز على ضرب داعش. وقال البيان "نحن حكومات فرنسا وألمانيا وقطر والسعودية وتركيا والمملكة المتحدةوالولاياتالمتحدة، نرفض التصعيد الروسي داخل الأراضي السورية"، وأوضح البيان أن التدخل الروسي والذي نفذه سلاح الجو الروسي في حماة وحمص وإدلب، أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين ولم يستهدف داعش. ووفقًا للبيان الذي وقعت عليه 7 دول، فإن التدخل الروسي يُشكل تصعيدا آخر للأزمة، وسوف يؤدي لتأجيج مزيد من التطرف والجنوح إلى التطرف، مطالبين روسيا بوقف اعتداءاتها على المعارضة السورية والمدنيين، وتركيز جهودها على مكافحة داعش. ويعلق الدكتور وحيد عبد المجيد على مشاركة دولتين عربيتين في هذا البيان هما "قطر والسعودية"، قائلا إنه "أقل من الحد الادنى المطلوب للرد على الاحتلال الإيراني الروسي لسوريا". ويضيف عبد المجيد أن "الغارات الأمريكية بالتعاون قوات التحالف الدولي في سوريا الغرض منها محاربة إرهاب داعش، فيما تضرب الغارات الروسية القوى المدنية المعتدلة في سوريا والتي تعد بديلا عن نظام السفاح بشار الأسد، والهدف منها هو قيام مستعمرة إيرانية روسية لخدمة مصالحها في الشرق الأوسط". اليمن وسوريا وفي مارس من العام الحالي طلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، من المملكة العربية السعودية التدخل العسكري لدعم شرعيته من الحوثيين بعد أن سيطروا على أكثر من ثلاثة أرباع اليمن، وفي يوم الأربعاء الماضي طلب الرئيس السوري من نظيره الروسي فلاديمير بوتين التدخل العسكري لدعمه ضد من وصفهم بالإرهابيين الذين يسيطرون على أكثر من ثلاثة أرباع سوريا. وعن أوجه الشبه في طلب الأسد من روسيا المساعدة، وطلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من السعودية المساعدة، يقول الدكتور وحيد عبد المجيد إن "بشار الأسد قتل أكثر من نصف مليون سوري وشرد نحو 8 ملايين أخرين، وقامت ضده ثورة عظيمة سعى إلى إغراقها بالإرهاب، أما منصور هادي فهو رئيس شرعي معترف به من المجتمع الدولي وأيضا من الحوثيين الذين انقلبوا عليه بدعم من إيراني، كما أنه لم تقم ضده ثورة ولم يقتل شعبه كما فعل بشار الأسد" 4 ملايين نازح منذ تفاقم الأزمة السورية قبل 4 أعوام من الآن، ظل زعماء ورؤساء الدول الكبرى يطالبون برحيل بشار الأسد فورًا، على عكس روسيا والصين وإيران الذين ظلوا داعمين للأسد ضد ما يطلقون عليهم "التنظيمات المتطرفة". وبعد مرور أكثر من 4 سنوات على اشتعال الأزمة السورية التي حصدت حياة أكثر من 200 ألف شخص واضطرت 4 ملايين شخص إلى النزوح خارج سوريا، مازال الرئيس السوري بشار الأسد متمسكا بمنصبه، ويقصف بطائراته ما يصفهم بالإرهابيين، وجبهة النصرة الذراع العسكري لتنظيم القاعدة في الشام مازال يشتبك مع حزب الله ونظام الأسد في المناطق الجبلية والريفية، وداعش يفرض سلطاته على المناطق التي يسيطر عليها. وفشلت الأممالمتحدة عبر مبعوثيها إلى سوريا وآخرهم ستيفان دي ميستورا، في التوصل إلى حل للأزمة السورية المتفاقمة منذ مارس 2011. وعُلّقت عضوية سوريا في جامعة الدول العربية في نهاية عام 2011 بناء على قرار مجلس الجامعة، كما أن مجلس التعاون الخليجي لا يرى حلا للأزمة السورية إلا برحيل بشار الأسد. وتدعم المملكة العربية السعودية المعارضة السورية بالسلاح، فيما يحظى نظام بشار الأسد بدعم كل روسيا والصين وإيران وحزب الله اللبناني، فيما تدعم مصر الحل السياسي ما يضمن سلامة ووحدة أراضي سوريا ويحافظ على حقوق شعبها.