تقول الحكمة إن ''لسانك حصانك''، لكن يبدو أن لسان الوزير في مصر هو طريقه إلى التخلي عن منصبه، فما أن ياتي المسؤل إلى كرسي الإعلام، تصير زلة لسان أو تصريحات هى الكارت العابر به خارج منصبه، وقبل رحيل حكومة محلب -باستقالة إلى رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي- سقطت الحكومة في اختبار الإعلام. جولات ميدانية عديدة، وظهور متكرر في برامج الفضائيات، كانت سمة حكومة ''محلب''، تفردت فيه عن غيرها، ظهور ب''الجلابية'' لوزير الزراعة صلاح هلال كان إشارة لابن الفلاح لم تعيقه من الإطاحة به من المنصب في قضية فساد لا يزال التحقيق يجري فيها اتهاما بتلقي رشوة لتسهيل أراضي، لكن ليس بالفساد وحده يرحل الوزير في مصر. ''زلات اللسان'' لوزراء ليست جديدة؛ حيث وقع رئيس الوزراء الأسبق -إبان ثورة يناير- أحمد شفيق في فخ لقاء إعلامي طاحن، كان في حلقة لبرنامج للإعلامي يسري فودة بحضور الأديب علاء الأسواني، طالت فيها الاتهامات لحكومة شفيق آنذاك بالتورط في قتلة الثوار في موقعة الجمل، وعدم حماية المتظاهرين، فضلا عن الرفض السياسي لرجل من رجال مبارك تولي الوزارة بعد الثورة، ليغادر شفيق عقبها المنصب والبلاد متوجها للإمارات. انسحاب محلب اللقطة الاخيرة التي سجلتها الكاميرات لرئيس الوزراء إبراهيم محلب قبل استقالته كانت لحالته منسحبا من أمام الإعلام، تم ذلك خلال زيارته لتونس، في مؤتمر صحفي مع نظيره الحبيب الصيد، وذلك بعد سؤاله عن اتهامه في قضية القصور الرئاسية. إشارة تبدي تعجب وضيق لوح بها محلب للصحفيين، وبخاصة الصحفي مقتاد الهجري الذي طرح عليه السؤال الأزمة، ليخرج بعدها رئيس الوزراء من المؤتمر دون رد، تطاله الانتقادات هنا في مصر، وترسل رئاسة الوزراء في اليوم التالي بيان يوضح عدم انسحاب محلب، الأمر الذي لم يشفع له من تقديم الاستقالة. الكبار وعبدالخالق رغم النفي في البداية، إلا أن قرار وزير التعليم العالي السيد عبد الخالق باستثناء ما أسماهم بأبناء الكبار لأبناء رجال الشرطة والقضاة من تطبيق التوزيع الجغرافي المطبق على طلبة الجامعات هذا العام لأول مرة، كان القرار الذي قسم ظهر الوزير، وانهالت عليه الانتقادات من الإعلام والأكاديميين، ورغم تجميد الوزير للقرار، إلا أن ذلك لم يمنع أيضا الأطاحة به. عامل النظافة وصابر في مايو السابق، صرح وزير العدل الأسبق محفوظ صابر خلال برنامج البيت بيك أن ابن عامل النظافة لا يمكن أن يتولى منصبا في القضاء، التصريح الذي طالته الانتقادات لم يمر عليه أكثر من 48 ساعة حتى أحرج وأخرج الوزير من أعلى منصب للعدل في مصر، بعد تقديم استقالته ''احتراما للرأي العام''. مصايف ''الزند'' ولوزير العدل أيضا، التالي ل''صابر''، المستشار أحمد الزند تصريحا إعلاميا بشأن سعى الوزارة لإنشاء مصايف للقضاة بالعديد من القرى السياحية، في شرم الشيخ والغردقة، مضيفاخلال افتتاحه مصيف نادي القضاة بقرية مراقيا بالإسكندرية، ''لو مكانش قضاة مصر يصيفوا في شرم الشيخ مين اللي هيصيف؟''. جنيه ''سالمان'' رسالة سلبية حملها تصريح وزير الاستثمار أشرف سالمان إلى المستثمرين حول خفض قيمة الجنيه، حين قال خلال مؤتمر اليورومني الإسبوع قبل الماضي إن تخفيض قيمة الجنيه لم يعد اختياريًا، وان الحكومة ستخفض من قيمة الجنيه، مما ألحق خسائر بالبورصة المصرية وصلت إلى نحو 9.3 مليار جنيه. زواج مصر وأمريكا وفي يونيو 2014، سقط وزير الخارجية الأسبق نبيل فهمي في فخ التصريح الأخير، حيث قال في تصريح لأحد الإذاعات الأمريكية، حيث شبَّه العلاقة بين مصر وأمريكا بالزواج الشرعى وقال إنه من المستبعد أن تكون العلاقات المصرية الأمريكية بمثابة نزوة تستمر ليوم واحد وتنقضى لكنها قائمة على أسس صلبة، وأشبه بزواج كاثوليكي بين البلدين، لتطيح بيه التصريحات ويستبدل بالوزير الحالي سامح شكري. ثقافة تواصل إعلامي غائبة ''الوزراء في مصر يفتقدون لمهارات الاتصال الإعلامي''.. هكذا صرح الخبير الإعلامي وأستاذ الإعلام بجامعة القاهرة الدكتور ياسر عبد العزيز تعليقا على أداء الوزراء إعلاميا، مشيرا إلى أن في الدول المحترمة بحسب وصفه يتم اختيار الوزراء الناجحين في التواصل السياسي والإعلامي، وليسوا فقط تكنوقراط –خبراء في مجالهم- أو رجال أمن أو أصحاب مصالح أو رجال أعمال. ويرى عبد العزيز، في تصريحه ل''مصراوي''، أن التواصل الإعلامي هو ''فرصة كبيرة وخطر كبير'' أيضا للمسؤل في مصر، عليه أن يتنبه لها أصحاب المهارات العالية، وأن يحاول الوزير أن يقوي من أدائه الإعلامي بالتدريب، وألا يغريه المنصب عن امتلاك مهارات التواصل مع الإعلام والجمهور على حد سواء، وحتى لا يفتح بابا للشائعات في حالة صمته أو بابا للانتقاد في حالة الرد الخاطئ أو الانسحاب.
