نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: «احترم نفسك أنت في حضرة نادي العظماء».. تعليق ناري من عمرو أديب بعد فوز الزمالك على الأهلي.. أحمد موسى عن مناورات الجيش بالذخيرة الحية: «اللى يفت من حدودنا يموت»    بحضور السيسي، الداخلية تحتفل بتخريج دفعة من كلية الشرطة، اليوم    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 29 سبتمبر    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم الأحد 29 سبتمبر    قفزة في سعر الكتكوت.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    جيش الاحتلال: دمرنا قاذفات صواريخ لحزب الله كانت موجهة نحو إسرائيل    إسرائيل تمهد لعمل بري في لبنان، وإيران تطالب بإدانة "العدوان الإرهابي"    داعية إسلامي يضع حلًا دينيًا للتعامل مع ارتفاع الأسعار (فيديو)    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    كتابة الاسم العلمي للدواء يقلل المشكلات الطبية.. تفاصيل    مسؤول أمريكي: إسرائيل على وشك تنفيذ عمليات صغيرة النطاق في لبنان    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الأحد 29-9-2024    مصرع شخص صدمته سيارة نقل في سوهاج    بعد اعتذارها.. شقيق شيرين عبد الوهاب يرد عليها: «إنتي أمي وتاج رأسي»    نشوي مصطفي تكشف عن مهنتها قبل دخولها المجال الفني    وزير الخارجية يوجه بسرعة إنهاء الإجراءات لاسترداد القطع الآثرية من الخارج    سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 29-9-2024 مع بداية التعاملات الصباحية    أحدث استطلاعات الرأي: ترامب وهاريس متعادلان    طائرات الاحتلال تشن غارة جوية على مدينة الهرمل شرقي لبنان    لصحة أفراد أسرتك، وصفات طبيعية لتعطير البيت    أصالة ل ريهام عبدالغور: انتي وفيّه بزمن فيه الوفا وين نلاقيه.. ما القصة؟    شريف عبد الفضيل: «الغرور والاستهتار» وراء خسارة الأهلي السوبر الإفريقي    الجيش الأردني: سقوط صاروخ من نوع غراد في منطقة مفتوحة    «الأهلاوية قاعدين مستنينك دلوقتي».. عمرو أديب يوجه رسالة ل ناصر منسي (فيديو)    إصابة ناهد السباعي بكدمات وجروح بالغة بسبب «بنات الباشا» (صور)    المنيا تحتفل باليوم العالمي للسياحة تحت شعار «السياحة والسلام»    رئيس موازنة النواب: نسب الفقر لم تنخفض رغم ضخ المليارات!    الفيفا يعلن عن المدن التي ستستضيف نهائيات كأس العالم للأندية    ضبط 1100 كرتونة تمر منتهية الصلاحية في حملة تموينية بالبحيرة    أمير عزمي: بنتايك مفاجأة الزمالك..والجمهور كلمة السر في التتويج بالسوبر الإفريقي    أحدث ظهور ل يوسف الشريف في مباراة الأهلي والزمالك (صورة)    لافروف يرفض الدعوات المنادية بوضع بداية جديدة للعلاقات الدولية    الجيش السوداني يواصل عملياته لليوم الثالث.. ومصدر عسكري ل«الشروق»: تقدم كبير في العاصمة المثلثة واستمرار معارك مصفاه الجيلي    سحر مؤمن زكريا يصل إلي النائب العام.. القصة الكاملة من «تُرب البساتين» للأزهر    أول تعليق من محمد عواد على احتفالات رامي ربيعة وعمر كمال (فيديو)    "حط التليفون بالحمام".. ضبط عامل في إحدى الكافيهات بطنطا لتصويره السيدات    حكاية أخر الليل.. ماذا جرى مع "عبده الصعيدي" بعد عقيقة ابنته في كعابيش؟    مصر توجه تحذيرا شديد اللهجة لإثيوبيا بسبب سد النهضة    الصحة اللبنانية: سقوط 1030 شهيدًا و6358 إصابة في العدوان الإسرائيلي منذ 19 سبتمبر    ورود وهتافات لزيزو وعمر جابر ومنسي فى استقبال لاعبى الزمالك بالمطار بعد حسم السوبر الأفريقي    راعي أبرشية صيدا للموارنة يطمئن على رعيته    أسعار السيارات هل ستنخفض بالفترة المقبلة..الشعبة تعلن المفاجأة    «التنمية المحلية»: انطلاق الأسبوع التاسع من الخطة التدريبية الجديدة    برج السرطان.. حظك اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024: عبر عن مشاعرك بصدق    "100 يوم صحة" تقدم أكثر من 91 مليون خدمة طبية خلال 58 يومًا    «الداخلية» تطلق وحدات متنقلة لاستخراج جوازات السفر وشهادات التحركات    سيدة فى دعوى خلع: «غشاش وفقد معايير الاحترام والتقاليد التى تربينا عليها»    تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. «الحمل»: لديك استعداد لسماع الرأى الآخر.. و«الدلو»: لا تركز في سلبيات الأمور المالية    ضبط 27 عنصرًا إجراميًا بحوزتهم مخدرات ب12 مليون جنيه    وزير التعليم العالى يتابع أول يوم دراسي بالجامعات    في عطلة الصاغة.. تعرف على أسعار الذهب الآن وعيار 21 اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    قفزة كبيرة في سعر طن الحديد الاستثمارى وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    «شمال سيناء الأزهرية» تدعو طلابها للمشاركة في مبادرة «تحدي علوم المستقبل» لتعزيز الابتكار التكنولوجي    اتحاد العمال المصريين بإيطاليا يوقع اتفاقية مع الكونفدرالية الإيطالية لتأهيل الشباب المصري    باحثة تحذر من تناول أدوية التنحيف    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    أحمد عمر هاشم: الأزهر حمل لواء الوسطية في مواجهة أصحاب المخالفات    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



''المغارة''.. قرية منسية في بطن جبال سيناء
نشر في مصراوي يوم 13 - 05 - 2013

''عايز ابقى ظابط.. عشان اقبض على تجار المخدرات والمهربين''، هكذا قال سليم سليمان صاحب الأربعة عشر عاما الذي يدرس في الصف الثاني الإعدادي بمدرسة المغارة للتعليم الأساسي، تلك المدرسة الواقعة في قرية المغارة التابعة لمدينة العريش بشمال سيناء. لكن هل إمكانيات القرية التعليمية والمعيشية والاقتصادية ستساعد سليم على تحقيق حلمه.
تقع قرية المغارة، الواقعة في زمام قبيلة "الترابين" الشهيرة في سيناء، على بعد أكثر من 120 كيلو متر من مدينة العريش، وتحيطها الجبال من كل جانب، ويقطنها نحو 800 نسمة يعتمدون أساسا على رعي الأغنام في معيشتهم. القرية بعض بيوتها من الطوب الأحمر والأسمنت، وتلك بيوت على شكل شقق سكنية من غرفتين بنتها الدولة وملكتها للأهالي بقسط شهري خمسة عشر جنيها على ثلاثين عاما، وهناك ''عشش'' من الصفيح وزعف النخيل وجزوع الأشجار مترامية على أطراف القرية وسط الصحراء الممتدة على مدد البصر.
معاناة المدرسين
تشمل القرية على مدرسة للتعليم الأساسي فقط (الابتدائي والاعدادي) ويدرس بها نحو 110 تلميذا وتلميذة، إلا أن المأساة تكمن كما قال محمد السيد، أحد المدرسين، في صعوبة الوصول إلى المدرسة بالنسبة للمدرسين وللتلاميذ أيضا. فلا مواصلات تنقلهم من حيث يقيمون سواء في العريش أو غيرها إلى ''تلك البقعة النائية'' الواقعة بها المدرسة، كما أن التلاميذ يقطعون مسافات طويلة تتراوح بين خمسة حتى اثنى عشر كيلو مترا سيرا على الأقدام للوصول إلى المدرسة ومثلهم عند العودة لبيوتهم.
وأوضح السيد أن أجرة السيارة ''التاكسي'' التي تقله هو وزميلين له من العريش إلى المدرسة 140 جنيه ذهابا ومثلهم إيابا، إن ورضي السائق أن ''يأتي إلى هذا المكان خوفا من قطاع الطرق''.
مديرية التربية والتعليم بالعريش، من جانبها، وفرت أتوبيس يقل المدرسين إلى المدرسة إلا أن محطته الأخيرة في الحسنة التي تبعد أكثر من 35 كيلو متر عن قرية المغارة، مما يضطرهم إلى قطعها على الأقدام اللهم إلا رزقوا بأحد الأهالي يقلهم بسيارته.
كما أن المدرسين في هذه المناطق يعملون 17 يوما فقط في الشهر فيها أيام الجمع والاجازات الرسمية، ويقضون 13 يوما آخرين في بيوتهم، هذا من شروط التعاقد، والرواتب للمدرس حديث التعاقد تبلغ نحو 1300 جنيه شهريا.
رغم أن المدرسة بها استراحة للمدرسين المغتربين، إلا أن منظرها كان مزريا وبها سريران مراتبهما ممزقة ولا توجد أية وسائل أخرى للمعيشة، ما يجعل المدرسين يقطعون تلك المسافة يوميا ذهابا وإيابا. يقول أحد المدرسين الذي لا يتحمل مشقة السفر يوميا ويضطر للمبيت في المدرسة ''التعاقد مع المدرسين في تلك المناطق النائية يشمل الإقامة، إلا أنه في الحقيقة لا توجد إقامة من أي نوع... فالمكان غير آدمي بالمرة''.
كان الخوف مسيطرا على المدرسين أثناء حديثهم معنا، كانوا يريدون الحديث عما يعانونه من أهالي القرية من البدو، تحدث بعضهم عن تعامل أهالي التلاميذ معهم وكيف أنهم لا يستطيعون السيطرة على التلاميذ خوفا من انتقام أهاليهم. وحكى بعضهم كيف أنه تم التنكيل بمدرس مسيحي وتكبيله وجرجرته خارج المدرسة بعد أن ضرب تلميذ سب المسيحيين.
اشتكى المدرسون أيضا تدني مستوى التلاميذ وعدم تعاون الأهالي معهم، هذا بجانب سوء حالة الحمامات وعدم وجود ''كانتين'' ومياه نظيفة للشرب في المدرسة.
بعض التلاميذ اشتكوا من المدرسين وكيف أنهم يجعلونهم ينظفون الحمامات والفصول والحوش، حيث لا يوجد ''فراش'' بها. وكان في حوش المدرسة حفرة عميقة تستخدم للصرف الصحي وغير مغطاة، والحمامات رائحتها تزكم الأنوف.
وحدة صحية بلا أطباء
رغم أن القرية تبدو وكأنها تعيش في العصور الوسطى إلا أن الوحدة الصحية بها مجهزة بأحدث التجهيزات الطبية، من أجهزة وأسرة وأثاث، لكن للأسف لايوجد بها لا أطباء ولا ممرضين.
كانت الوحدة حينما وصلنا القرية مغلقة فجاء أحد الأطفال يدعى حسين بالمفتاح من بيت مجاور لها، وفتح الباب وكان التراب منتشرا في كل شبر بالمكان، وسجلات التطعيم والمرضى ملقاة على الأرض ومبعثرة على المكاتب والعناكب وأعشاش الطيور تسكن الشبابيك، ولوحات حملات التطعيم، وجرائد منذ عام 2004.
هذا بالإضافة إلى أجهزة وأدوات طبية لم تستعمل أبدا، مثل كرسي الأسنان أو سرير الولادة الذي كساه التراب.
كتابات كثيرة وجدناها على الجدران الوحدة الصحية ويبدو أنها لممرضات أو عاملات فيها، كن يحضرن في بعض الأيام ولم يجدن دفاتر الحضور والانصراف فاضطررن للكتابة على الجدران موعد الحضور وموعد الانصراف.
يقول الشيخ مسلم عريف، مؤسس منظمة ''درع سيناء 26''، إن آخر طبيب جاء إلى الوحدة كان من سنة 2009، من وقتها أغلقت الوحدة واعتمد الأهالي على علاج ابناءهم بالأعشاب.
وأضاف عريف، الذي كان دليلنا، أنهم تقدموا بشكاوى عديدة لمديرية الصحة بالعريش إلا أن ''لا حياة لمن ينادي''، وأن الأحزاب السياسية لا تعرف شيئا عن تلك المنطقة وما يكابده أهاليها.
حكى لنا أحد الأهالي ويدعى عايش موسى (25 سنة) أن أحد أطفال القرية لدغه عقرب، ولما لم يكن هناك طبيبا في الوحدة الصحية لم يستطع الطفل الصمود حتى نقله إلى اقرب مستشفى وفارق الحياة، مشيرا إلى تكرار هذه الحادثة مره أخرى عندما فوجئ بابنته الصغرى وقد لدغها هي الأخرى عقرب، فأسرع بها إلى أقرب وحدة صحية في قرية ''بغداد'' والتي تبعد عن المغارة نحو 45 كيلو مترا، ولم يجدوا بها المصل فاتجهوا إلى العريش خوفا من تكرار نفس السيناريو السابق.
لم تكن تلك هي الحالة التي استمعنا إليها بل هي من ضمن حالات كثيرة حكاها أهالي المغارة، وأغلبها عن ''لدغات'' من عقارب أو ثعابين، حتى أن الشيخ مسلم عريف اضطر إلى تحصين أطفاله ''زياد وفيروز وعمار'' بخلطة بدوية توضع على لبن الطفل وهو رضيع.
الإدارة الصحية في العريش، لم تنفي ما رأيناه بأعيننا، بل أكدته – على لسان أحد مسؤوليها الذي طلب عدم كتابة اسمه- وعللت ذلك بعدم رضا الأطباء حديثي التخرج العمل في تلك المناطق لعدة أسباب أهمها عدم الأمان وتدني الأجور وبعد المسافة وعدم وجود أي وسائل للحياة في القرية، حيث لا انترنت ولا شبكة اتصالات. (التقطت هواتفنا ونحن هناك شبكة اتصالات إسرائيلية).
قرية بلا مياه
من ضمن مشاكل القرية الرئيسية الأخرى، المياه، حيث لا مياه للشرب رغم أن هناك شبكة للتحلية، إلا أن الأهالي وأطفالهم يستخدمونها في الغسيل والاستحمام في أحواضها، حتى بدت وكأنها مصرف لري الزراعات لا لإطفاء ظمأ الأهالي.
هناك الآبار إلا أنها قليلة، وهم يرجعون ذلك إلى التكلفة العالية للبئر الواحد والتي تصل إلى نحو 200 ألف جنيه، من حفر وتركيب مواسير وخلافه.
اصطحبنا دليلنا إلى مكان به سد عال يسمى ''سد الكرم''، أنشئ في عام 1990، بتكلفة 3.4 مليون جنيه بأسعار ذلك الوقت، ''لحماية منطقة المغارة من مياه الأمطار والسيول''، وتخزينها لاستخدامها في الزراعة على مدى العام، إلا أن الجفاف كان سيد الموقف هناك حيث لا ماء مخزنة ولا زرع ولا غيره.
كثير من الأهالي اشتكوا من عدم اهتمام الدولة بهم ومن سوء الخدمات أو انعدامها، حتى أنهم أرونا عدة حجرات مهجورة ومهدمة وقال إنها ''المجلس المحلي'' للقرية، وكان حاله يندى له الجبين، كذلك المسجد الذي يحتاج ككل بيوت القرية إلى ترميم. هؤلاء الأهالي لديهم أمل في الحياة وفي أن ينظر إليهم أحدا من المسؤولين على أنهم مواطنين ''مثلهم مثل أهل وادي النيل''، على حد قولهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.