يعيش اليمن أوضاعا إنسانية كارثية منذ بداية عملية عاصفة الحزم التي تقودها المملكة العربية السعودية في 26 مارس الماضي لمواجهة استيلاء الحوثيين وحلفائهم من قوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، حيث أغلقت المدارس في العديد من المحافظات، وانتشرت الحرب الأهلية بين الحوثيين وقوات صالح من جانب ورجال القبائل والقوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي المدعومة بغارات تحالف عاصفة الحزم. أنهى تحالف عاصفة الحزم الذي تقوده السعودية غاراته الجوية التي استهدفت مواقع تابعة للحوثيين وحلفائهم في اليمن، حسب بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس). وقالت وزارة الفاع السعودية إن عاصفة الحزم حققت أهدافها العسكرية، مضيفة أن القرار اتخذ بإنهاء الحملة بناء على طلب الحكومة اليمنية. وأضاف البيان أن عملية جديدة تحت اسم "إعادة الأمل" سوف تبدأ، وستركز على إيجاد حل سياسي للأزمة في اليمن، لكن العملية العسكرية ستستمر على مستوى أدنى. وقد شنت طائرات التحالف غارات جوية على مدى شهر تقريبا، بهدف وقف تقدم الحوثيين وتقول الأممالمتحدة إن حوالي تسعمئة شخص قتلوا من جراء الغارات والاشتباكات بين الأطراف المتنازعة. كانت عاصفة الحزم قد جاء بناء على طلب الرئيس اليمني بعد استيلاء الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر الماضي ووضعهم هادي وكبار المسؤولين الحكوميين تحت الإقامة الجبرية، إلا أن هادي تمكن من الفرار إلى مدينة عدن الساحلية التي اتخذها مقرا مؤقتا له. أوضاع مأسوية وحكى سكان في عديد من المدن اليمنية خاصة في الجنوب عن مأساوية الأوضاع هناك وهجوم الحوثيين على المدن وانتشار قناصتهم، وإغلاق المدارس في بعضها وتسليح الأطفال فضلا عن نقص المواد الغذائية والطبية. وطلب السكان من مصراوي عدم ذكر هوياتهم حرصا على سلامتهم. يقول السكان إن هناك عشرات الآلاف من الأهالي بلا مأوى، كما أن المياه مقطوعة في كثير من المناطق والمستشفيات إمكانياتها ضعيفة للغاية وتنقصها الكثير من المستلزمات الصحية. وتقول الأممالمتحدة إن المواجهات على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية أسفرت عن مقتل نحو 731 شخصا وإصابة 2754 شخصا - غالبيتهم من المدنيين. كما تقول إن نحو 150 ألف شخص نزحوا من منازلهم، وناشدت المانحين الدوليين توفير 275 مليون دولار لمساعدة المدنيين المتضررين من العنف الدائر في اليمن. وأعلنت السعودية السبت الماضي أنها ستتبرع بمبلغ 274 مليون دولار على شكل مساعدات انسانية لليمن. وتقول احدى السيدات لا مدارس ولا أشغال في المناطق التي تم اجتياحها، مثل محافظة عدن ولحج والضالع كوارث إنسانية يشكل كبير محافظتي شبوة وأبين فيهما معاناة أيضا، والقتال محتدم في شبوة حول عاصمتها عٓتٓق حيث دخلت قوات صالح والحوثيين، حتى حضرموت فيها مشاكل في بعض المناطق، إلا أن أجزاء منها لا زالت آمنة حتى الآن، لم يصلها قوات صالح والحوثيين. وأوضح بعض السكان أن قوات الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح دخلت المدن والأحياء السكنية بالأسلحة الثقيلة وقصفوا البيوت بالدبابات والصواريخ ومدافع الهاون بشكل عشوائي. وأضافوا أن قناصة تابعين للحوثيين لقوات صالح اعتلوا بعض البيوت بعد طرد أصحابها بالقوة، وبدأوا في قنص كل من يتحرك في الشارع في المناطق الجنوبية. مقاومة شعبية وأوضح أحد الشهود أن شباب الجنوب شكلوا مقاومة شعبية بأسلحتهم البسيطة مثل الكلاشينكوف وما شابه، ويواجهون بها الدبابات والصواريخ التي بحوزة قوات الحوثي وقوات صالح. وقال "رغم أن كثير منهم، خاصة في المدن الحضرية كعدن، ليس لديهم خبرة في القتال، إلا أنهم أظهروا مقاومة شديدة وباسلة وصمودا عجيبا". وأشار السكان هناك إلى أن قوات صالح متفوقة عدة وعددا، وبسبب تفرق الجيش اليمني، استطاع صالح على مدى السنوات شراء ولاء عددا من قادة الجيش الذين انضموا بألويتهم وكتائبهم، اضافة للحرس الجمهوري الذي ولاءه لعلي صالح وابنه أحمد هذا فضلا عن ميليشيات الحوثيين. "كل هؤلاء استطاعوا بأعدادهم الضخمة وتجهيزاتهم العسكرية أن يقتحموا مناطق كثيرة وينتظروا في المحافظات الجنوبية، مثيرين الفزع والقتل والهدم في كل مكان، ولكنهم ينتشرون من منطقة إلى أخرى". وقال السكان إن قوات الحوثي وصالح إذا لم تتمكن من السيطرة على منطقة ما بالكامل فإنهم يكتفون بترك مجموعات كبيرة، على أن تتوالى الإمدادات إليهم من الشمال، ويظلون في المنطقة يستمرون في الكر والفر على أهلها وينطلقون إلى مناطق أخرى وهكذا". وكشفت إحدى الشهود أنه تم الكشف عن وجود شبكة أنفاق ومخازن أسلحة داخل الجبال وتحت الأرض في عدن، إضافة إلى خلايا نائمة من السكان، ما يشير إلى أن الأمر كان معدا له سلفا، حسبما قالت السيدة. وقالت إن ذلك سهل سرعة زحف قوات صالح والحوثين وتوالي الامدادات إليهم. مقاتلون أطفال وقال سكان إن الحوثيين وقوات صالح تعمل على تجنيد الأطفال والقصر من هم دون الثالثة عشر، وأعطوا بعضهم بطاقات عسكرية – حصل مصراوي على صورة إحدى هذه البطاقات – مضيفين أنهم يستخدمون الأطفال يستخدمون من جهة كوسيلة لدر تعاطف المقاومة الجنوبية، حتى يكون هناك تردد في إطلاق النار من جانبهم فيتمكنون منهم". "ومن جهة أخرى، في قتلهم تقليل لخسارة المقاتلين الأكثر خبرة وقدرة، فمهما قتل من قواتهم يظل معهم الكثير لتحقيق أهدافهم". أما في المناطق القبلية خارج المدن، يقول سكان أن المقاومة من الجنوبيين أكثر خبرة ودراية باستخدام السلام، غير أنه يظل ينقصهم العدة والعدد فقد "سقط الكثير من الأطفال والقُصر المجندين قتلى، كما يوجد منهم أسرى". ويضيف أحد الأهالي هناك أنه "سمع أكثر من مرة أن الحوثيين لا يهتمون بدفن موتاهم، فيتركونهم ويستقدمون كأنهم لا يعنون لهم شيئا". وبالنسبة لحصولهم على مساعدات من قوات التحالف، فيقول أحدهم إن قوات التحالف ساعدت الجنوبيين في نواحي متعددة؛ أولا سيطرتها على الأجواء والبحر، مما أدى إلى تأمين الجنوبيين من القصف الجوي والبحري. "ففي حرب 1994 كانت الطائرات تدك عدن بشكل شنيع، لكن الحمدلله منذ سيطرت قوات التحالف على الجو ليس هناك قصف على الجنوبيين أيضا". كذلك قامت قوات التحالف بقصف عدد من مخازن الأسلحة في عدن التابعة لصالح والحوثيين، كما قصفت أماكن تجمعاتهم في عدد من الأماكن، إلا أن الحوثيين لم يتراجعوا حتى الأن فالقصف مستمر على الجنوبيين بشكل يومي، بحسب شهود عيان. وأشار شهود إلى أن هناك تواصل بين شباب المقاومة الشعبية والقوات الموالية لعبد ربه منصور هادي وقوات التحالف، وهناك أهداف يتم قصفها بالتنسيق مع شباب المقاومة الذين يبلغون في بعض الأحيان عن أماكن تخزين السلاح أو تجمعات قوات الحوثيين وصالح فيتم قصفها طبعا ليست كل استجاباتهم سريعة، وإنما بحسب ما يمكن تضمينه في جدول قوات تحالف عاصفة الحزم. القاعدة أما عن تنظيم القاعدة في اليمن، يوضح أحد الجنوبين إن وضعها عموما مختلف عن باقي العالم ليست لها قيادة موحدة لذلك تتلاعب بها قوى مختلفة،فبعض قياداتها اشتراهم علي صالح منذ كان على كرسي الرئاسة، وقد استقدمهم من دول مختلفة، وأعطى بعضهم رتبا عسكرية، كما أن بعض خلاياها تتبع علي محسن الأحمر الذي كان رئيس أركان الجيش في عهد صالح ومؤخرا فر إلى السعودية بعد دخول الحوثيين صنعاء. "لكن ذلك لا يعني ذلك أن أفراد القاعدة على علم بهذا الاختراق، وإنما يعني أن بعض القيادات تتلقى أوامرها من هذه الجهة أو تلك، وتقوم بتنفيذها من خلال عناصرها دون إشعارهم بتعاونهم مع تلك الجهة". وأطلقت القاعدة في حضرموت على نفسها اسم "أبناء حضرموت". وسيطر التنظيم على مدينة المكلا وتم تكوين مجلس أهلي وقامت القاعدة بتسليم إدارة الأمور للمجلس والمحافظ على غرار ما يفعل الحوثيون في المحافظات الشمالية التي يسيطرون عليها. والقاعدة في شبه الجزيرة العربية من أقوى فروع تنظيم القاعدة، ويقول مراقبون إن التنظيم يحقق مكاسب كبيرة من الفوضى التي اجتاحت البلاد بداية من اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء في سبتمبر الماضي وشن عاصفة الحزم. من ناحية أخرى، قالت سيدة يمنية إنها سمعت عن تواجد ضباط إيرانيين ولبنانين في صفوف الحوثين غير انها ليست متأكدة من ذلك، مشيرة إلى أن الحوثيين برروا اجتياحهم للجنوب لمحاربة القاعدة أو التكفيريين، كما أسموهم، وأخذوا من تفجير المسجدين في صنعاء ذريعة لذلك. وأضافت "لكن الواقع أن قوات صالح والحوثيين عند اجتياحها للجنوب قامت بتحرير سجناء القاعدة في السجون المركزية في أكثر من منطقة". وأضافت السيدة أن "هناك محاولات لتحويل المشكلة إلى طائفية مذهبية، وهي بعيدة كل البعد عن ذلك ولكن توظف الاختلافات المذهبية لزرع كراهية نخشى إن استمرت أن تتحول إلى فتنة يصعب إخمادها حتى بعد الحرب، فالزيدية والشافعية خلافهما المذهبي قام على الإثراء وليس الإقصاء". وتتهم دول عربية وغربية إيران بدعم الحوثيين ومدهم بالسلاح، الأمر الذي تنفيه طهران. ومؤخران أطلقت إيران انتقادات حادة ضد السعودية، واتهمتها بالتدخل في شؤون اليمن الداخلية وأنها ترتكب "خطأ استراتيجي". وتقول السعودية وقوات التحالف إن التدخل العسكري في اليمن جاء استجابة لطلب الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي لاذ بها بعد تقدم الحوثيين نحو معقله الأخير في مدينة عدن، جنوبي اليمن.