فجر حادث غرق معدية عرب الزينة، الجمعة الماضية، ملف "معديات الموت" المنتشرة بطول شاطئي نيل المنيا، المعديات المتهالكة كانت وسيلة انتقال لعشرات من مدينة سمالوط، لم تنقلهم من جهة إلى أخرى بل نقلتهم إلى العالم الآخر. أكثر من 20 فقدوا أرواحهم عندما ارتدت سيارة نقل كانت تقلها معدية متجهة من الغرب النيل إلى الجهة الشرقية عند مرسى أولاد على بقرية السرارية كانوا في طريقهم لدفن متوفاة. أهالي قرى شرق النيل بالمنيا مضطرون لارتقاء مثل هذه المعديات للوصول إلى قرى ومدن غرب النيل حيث يوجد غالبية المستشفيات والمصالح الحكومية والمراكز التجارية. حمولات مضاعفة يقول علاء محمود (30عاما) مقيم بقرية بني خالد إحدى قرى مركز سمالوط، إن عشرات الحوادث تقع يوميا أثناء استخدام المعديات والمراكب للتنقل بين جانبي النيل، بسبب عدم وجود رقابة على مدى التزام مالكي المعديات والمراكب باشتراطات الأمان، إضافة إلى "الجشع" الذي يغريهم فيقلون حمولات مضاعفة لتحقيق ربح سريع، كما أن معظم هذه المعديات تخلو من أطواق النجاة. ويضيف محمود أنه مضطر هو وغيره من أهالي القرى إلى استخدام وسائل النقل النهري غير الآمنة تلك، لأنها الوسيلة الوحيدة للتنقل في ظل عدم وجود كباري أو طرق برية تربط شرق النيل بغربه. خوفا على حياته وحياة من يقلهم من الركاب، يقول ناجح مهران (50عاما) صاحب مركب، مقيم ببني خالد، إنه يحرص على إجراء صيانة دورية لمركبه لأن هذا العمل -يقصد نقل المواطنين- هو "لقمة عيشنا من زمان". تعويضات هزيلة وبأسى يضيف: "الحوادث كتير وبتحصل من زمان لكن الناس اتعودت"، وأن من أسباب وقوع حوادث الغرق –حسب قوله- عمد أصحاب المعديات الكبيرة لنقل جرارات زراعية وسيارات نقل ومواشي وهي أشياء ثقيلة قد لا تقوى هذه المعديات المتهالكة على حملها. مؤمن السيد شعبان (30 عاما) مهندس، مقيم بمدينة سمالوط، ساخرا من تصريحات المسؤولين -عقب كل حادث- يصفها بأنها "نارية"، وأن كل ما تفعله المحافظة هو صرف تعويضات "هزيلة" آخرها تعويضات حادث معدية عرب الزينة، عندما قررت المحافظة منح 2000 جنيه لأسرة المتوفي و1000 جنيه للمصاب، دون البحث في أسباب الحادث وطرق منع تكراره، متسائلا عن الأسباب التي تقف وراء توقف استكمال إنشاء كوبري يربط بين ضفتي النيل. شبهة تواطؤ وحسب أقوال غير مؤكدة يشير شعبان إلى وجود شبهة تواطؤ بين مسؤولين محليين ومالكي معديات ومراكب نقل الركاب بين ضفتي النيل، لكي لا تستكمل أعمال إنشاء كوبري يربط بين الغرب والشرق. عشرات المراكب غير المرخصة ما زالت تعمل ويضيف شعبان أنه رغم مرور ما يقرب من أسبوع على حادث غرق ضحايا عرب الزينة إلا أن عشرات المراكب والمعديات غير المرخصة ما زالت تعمل دون أن تتعرض لها أي جهة رقابية، محذرا من أن الحادث -يقصد حادث عرب الزينة- لم يكن الأول ولن يكون الأخير طالما غابت الرقابة. تستقل مني عماد (28عاما) مدرسة، مقيمة بقرية جبل الطير، معدية اطسا لتنقّل بين ضفتي النيل، منى شاهدة على وجود 50 شخصا على هذه المعدية في أوقات الذروة غالبيتهم من الطلاب والموظفين، يتزاحمون من أجل العودة إلى منازلهم بقرى يفصل بينها وبين مدارسهم وأماكن عملهم مجرى النهر. مجرد مخاطبات يقول المهندس محمود سعد، رئيس مدينة سمالوط، إنه لا يوجد اعتماد مالي لإنشاء كوبري ليربط بين غرب وشرق النيل، وأن ما يثار بهذا الشأن هو مجرد مخاطبات سبقت حادث عرب الزينة بحوالي 10 أشهر. ويطالب سعد أي شخص يملك دليل وجود تواطؤ بين مسؤول ومالك معدية أو مركب بشكل غير شرعي من شأنه الإضرار بالمصلحة العامة، أن يظهر هذا الدليل للرأي العام وللجهات الرقابية. ويوضح أن إنشاء مثل هذا الكوبري يتطلب توفير اعتماد مالي يقدر بحوالي 250 مليون جنيه، وأن الدولة لن توفر مثل هذا الاعتماد الضخم إلا في حال وجود مصلحة عامة مثل وجود شبكة طرق بحاجة للربط، كما هو الحال في مركز بنى مزار الذي يجري ربطه بطريق الواحات. ويرى شعبان أن فرص إنشاء كوبري يربط بين الشرق والغرب في عرب الزينة بسمالوط كبيرة، خاصة في ظل وجود محاجر الحجر الجيري، إضافة إلى مولد دير العدرا بجبل الطير، الذي يقصده حوالي مليون زائر سنويا. ويقول إن محافظ المنيا اللواء صلاح الدين زيادة، أمر بتخصيص مساحة ما بين 20 إلى 30 فدانا على الطريق الصحراوي الشرقى ليستخدمها أهالي القرى في دفن موتاهم من المسلمين والمسيحيين، للحد من عبور أعداد كبيرة منهم للجانب الغربي لدفن ذويهم.