بنغازي (ليبيا) (رويترز) - كان عبد الله يطلق على نفسه يوما ما لقب ثائر لكن بعد أن أمضى شهورا في سجن تابع للمعارضة باعتباره من المتعاونين المشتبه بهم مع الحكومة الليبية يقول الطبيب انه فقد ايمانه بالثورة ضد العقيد معمر القذافي. وقال الطبيب البالغ من العمر 28 عاما متحدثا من داخل زنزانة كئيبة في بنغازي معقل المعارضة ان قوات للمعارضة ألقت القبض عليه في راس لانوف في مارس اذار لعمله في مستشفى حكومي. وأضاف بينما كان يجلس فوق سجادة صغيرة في زنزانته شبه المظلمة "عندما كنت أعمل في المستشفى كنت مؤيدا قويا للثورة. لكن معتقداتي الان تبدلت." ومضى يقول "ما زلت أعتقد أن القذافي يجب أن يرحل. لكني لم أعد أدعم الثورة. نحن في حالة حرب أهلية. من الصعب حل المشكلات بالقوة.. مستحيل. كل قطرة دم ستزيد الموضوع سوءا." وأقام مقاتلو المعارضة مركز الاحتجاز الذي تكسو واجهته اثار الرصاص في وقت مبكر من الصراع لاحتجاز أفراد القوات الحكومية الذين يلقى القبض عليهم خلال القتال في أنحاء ليبيا. أغلب المحتجزين وعددهم 75 من الجنود والضباط لكن هناك عددا محدودا مثل عبد الله من المدنيين. ألقي القبض على هؤلاء باعتبارهم من الموالين للقذافي خلال حالة التشوش التي كانت سائدة في الايام الاولى من الصراع وهم الان في مأزق نظرا لعدم قدرتهم على اثبات الى أي طرف يدينون بالولاء والعودة الى أسرهم. بعضهم مثل عبد الله يشعر بالمرارة والاستياء الشديد. وقال عبد الله الذي طلب عدم نشر اسمه كاملا بانجليزية طليقة "لم توجه اتهامات لاي أحد هنا. قيل لنا اننا هنا لاسباب أمنية كأسرى حرب." وأضاف "تحدثت مرة الى أسرتي. مرة واحدة قبل شهر. تحدثت الى شقيقي. صدرت لنا تعليمات بعدم تقديم أي معلومات عن الطريقة التي نعامل بها. قلت لهم أني بخير وفي مكان امن.. هذا كل ما في الامر." وعدت سلطات السجن بالافراج عن الجميع سواء من المدنيين أو العسكريين بمجرد أن تضع الحرب أوزارها ووجود الية ملائمة للافراج عنهم. وقال النقيب طارق مفتاح (40 عاما) وهو من كبار حراس السجن ان لكل من السجناء انتماءه القبلي وانه عندما يموت القذافي أو يفر من البلاد فسيكون هناك اجتماع قبلي كبير وسيحضر الناس الى السجن من كل قبيلة وستأخذ كل منها أبناءها. ويقول مقاتلون من المعارضة انه قبل أن تصبح منشأة الاحتجاز سجنا كانت تضم مكاتب ادارية خلال حكم القذافي. وكانت هناك قطع أثاث محطمة تتناثر في غرف المنشأة وأروقتها عندما أتيح لرويترز أن تزورها هذا الاسبوع. يوجد في الممر الرئيسي زنازين صغيرة تضم ما يصل الى خمسة محتجزين. يجلس المحتجزون في زنازينهم على سجاد وبطاطين قديمة. يحملق المحتجزون في الفراغ وتحيط بهم أكوام من الملابس والقمامة. كان بعضهم يدخن بينما كانوا يلعبون لعبة الاوراق بينما كان الذباب يحوم في الهواء. وكانت هناك صور لطائرات هليكوبتر عسكرية مرسومة على الجدران. بدت وجوههم هزيلة ورفض البعض التحدث أصلا. قال رجل هامسا وهو يغالب دموعه انه كان قائد مقاتلة ثم استدار ليواجه الحائط. وأكد حراس السجن الذين رافقوا رويترز روايات المحتجزين. ولم يسمح لرويترز بالتقاط صور فيديو أو صور فوتوغرافية. قال عبد السلام عثمان (23 عاما) وهو يجلس على حشية متهالكة في الممر انه كان يعمل في ورشة لقطع غيار السيارات قرب اجدابيا عندما احتجزته قوات القذافي في مارس اذار. وأضاف أنه أفرج عنه لاحقا وأعيد الى الشرق الذي تسيطر عليه المعارضة لتحتجزه قوات المعارضة على الفور للاشتباه به بعد احتجاز قوات القذافي له. وقال "لست جنديا. أعمل في ورشة لاصلاح السيارات. والان أنا هنا" وأشار الى ثلاث رجال يجلسون بجواره قالوا انهم أيضا مدنيون من بلدته. ومضى يقول وهو يهز كتفيه "ألقى الثوار القبض علي. قالوا.. لسنا متأكدين الى أي جانب انت.. أنت ات من جانب القذافي.. لذلك سوف تسجن. أنا أؤمن بالثورة. كل يوم يقولون لي سوف نفرج عنك غدا." وزارت منظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بحقوق الانسان والتي زار باحثوها مركز الاحتجاز وقالوا انهم يتلقون معاملة طيبة بصفة عامة. وقال سيدني كويرام من هيومان رايتس ووتش لرويترز "هناك بعض المشكلات وقت الاعتقال. قال لنا عدد محدود من المحتجزين انهم تعرضوا لسوء المعاملة أو أطلق عليهم الرصاص عندما ألقي القبض عليهم في الجبهة." وأضاف "من الضروري أن تظهر سلطات المعارضة قيادة واضحة حول كيفية معاملة أفراد قوات القذافي المحتجزين وأن يواصلوا ابراز رسالتهم بشأن المعاملة الانسانية بما في ذلك لمقاتليهم على الجبهات." وقال أغلب جنود القذافي متحدثين الى رويترز بينما كان حراس السجن حاضرين انهم الان يؤيدون الانتفاضة الشعبية. ذكر نصر الدين محمد وهو رقيب بالجيش احتجز يوم 15 مارس اذار "قيل لي في (بلدي) سرت وأنا جندي ان بنغازي مليئة بعناصر القاعدة. لذلك توجهت لمحاربتهم." ومضى يقول "بعد ذلك أدركت أنني على الجانب الخاطيء. الان أريد الحرية فحسب." ثم أضاف بصوت خافت "وعدوني بالافراج عني بمجرد انهيار حكومة القذافي لكني لا أصدق ذلك. لا أصدق ذلك. أنا حائر."