بغداد (رويترز) - منذ نحو خمس سنوات باع الصائغ سمير رزاق كل متاعه وهرب من الحرب الطائفية التي كانت مستعرة في وطنه ليبدأ حياة جديدة في سوريا. لكنه عاد في الايام القليلة الماضية الى العراق باحثا هذه المرة عن ملاذ من العنف وعدم الاستقرار الذي يهدد سوريا ودولا أخرى في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا. ويقول مسؤولون في بغداد ان مئات العراقيين الذين كانوا في السابق لاجئين بسبب سنوات الاضطرابات والصراع الطائفي في بلدهم يتدفقون عائدين هذا العام من مصر واليمن وليبيا وسوريا بعدما اجتاحت الانتفاضات الشعبية المطالبة بالاصلاح المنطقة. وعاد رزاق الى الوطن مع زوجته تاركا ولديه في سوريا لاداء الامتحانات الدراسية. وعاد لاصلاح منزله الذي مازال يحمل اثار الدمار الناجم عن العنف الطائفي الذي تعرضت له الضاحية التي يسكنها في جنوب بغداد في الفترة بين 2006 و2007 . ومع تراجع الصراع الداخلي في العراق نسبيا فضل العودة الان الى الوطن بدلا من البقاء في سوريا. وقال وهو يحمل حشية جديدة لاعادة تأثيث منزله "الوضع لا يحتمل وسوريا لم تعد ملاذا امنا وستشهد نفس العنف الذي مر به العراق بعد تغيير النظام في عام 2003 ." واستقبلت سوريا التي تشترك في حدود تمتد بطول 600 كيلومتر مع العراق مئات الاف اللاجئين العراقيين في أعقاب الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة في عام 2003 والذي أطاح بالرئيس الراحل صدام حسين وأعقبته سنوات من الصراع الطائفي الدموي. وقال سلام الخفاجي نائب وزير الهجرة والمهجرين ان مئات العراقيين يعودون من الخارج وتوقع ان تزداد الاعداد مع تزايد الاضطرابات في سوريا ودول أخرى في المنطقة. وقال الخفاجي ان هناك كثيرا من العراقيين الذين تقطعت بهم السبل في تلك الدول وان العراق يسعى الى اجلائهم لكن هناك مشكلة تتمثل في عدم وجود مكاتب للعراق في تلك الدول وضعف التنسيق بين الوزارات المعنية. وأضاف ان الحكومة العراقية أرسلت طائرات لاعادة 3734 عراقيا من مصر واليمن وليبيا هذا العام بعد ان طلبوا الاجلاء. وقال الخفاجي ان أضعاف هؤلاء اللاجئين عادوا الى العراق من تلقاء أنفسهم ودون ابلاغ المسؤولين العراقيين. وتراجع مستوى العنف في العراق من ذروة العنف الطائفي في 2006-2007 لكن البلاد لا تزال تشهد بصورة يومية هجمات بالقنابل والاسلحة ضد مسؤولين وقوات الامن. وتحاول الحكومة رغم ذلك تشجيع اللاجئين على العودة بتوفير وسائل نقل مجانية وحوافز مالية قيمتها أربعة ملايين دينار عراقي (3400 دولار) للاسرة. وعاد حيدر فريد وهو طبيب الى العراق الاسبوع الماضي من اليمن على طائرة ارسلتها الحكومة العراقية. وقال لرويترز "قررت أنا وعائلتي العودة الى الوطن لان الوضع في اليمن يزداد سوءا." وقال فريد الذي كان يزور وزارة الهجرة والمهجرين لتقديم وثائق كي يحصل على منحة العودة "تركنا العراق بحثا عن الامان والان قررنا العودة الى الوطن لانه لا يوجد أمن في اليمن." وأدت عودة اللاجئين العراقيين من الخارج الى تعزيز نشاط شركات السفر التي زادت عدد رحلاتها من سوريا. ويبلغ سعر تذكرة الحافلة من دمشق الى بغداد نحو 30 دولارا. وقال موفق محمد الذي يملك شركة سفر في بغداد "سافر نحو 700 راكب عبر حافلاتنا في الاسبوع المنصرم معظمهم عائلات عادت بأمتعتها." وأضاف "نرسل حافلات شبه خاوية الى سوريا وتعود ممتلئة." وقال عراقيون عائدون انهم سعداء ويشعرون بالارتياح للعودة الى الوطن مرة اخرى ويأملون في ان يستمر تحسن الوضع الامني في بلدهم. وقال فريد "كوننا في الخارج اثر كثيرا علينا. اشعر بارتياح عندما اسمع اللهجةالعراقية .. اشعر كأني سمكة عادت الى الماء."