تزداد التخوفات داخل القطاع الصناعي، خلال الفترة الحالية من استمرار أزمة الطاقة، وسط تحذيرات للعاملين والمراقبين بالسوق من أن القطاعات الصناعية مهددة بالإغلاق خلال الفترة القليلة المقبلة إذا استمر الوضع الحالي لإنتاج الطاقة في مصر، وكذلك تسببها في ارتفاع أسعار بعض السلع. وكان منير فخري عبد النور، وزير الصناعة والاستثمار والتجارة، قال إن نقص الطاقة أصبحت قضية خطيرة، حيث أن إنتاج الغاز لا يكفي لتحقيق النمو أو تغطية طلبات المصانع الحالية، وهوما أدى إلى ارتفاع أسعار المنتجات وعلى رأسها الأسمنت، وكذلك الأسمدة الأزوتية التي زادت أسعارها بشدة في السوق المحلي، وهو ما يؤثر على الفلاح الأمر الذي ينعكس على أسعار المنتجات الغذائية، مضيفاً ''الطاقة أصبحت قيداً على التنمية الصناعية والاقتصادية ومعوقاً للاستثمار وفي توفير فرص عمل للشباب''. وأوضح وزير الصناعة أن كثير من المستثمرين يطالبون بإنشاء وإقامة مصانع باستثمارات ضخمة، ولكنها تتوقف بسبب عدم القدرة على توفير الطاقة اللازمة لها، متوقعاً أن يشهد معدل النمو الصناعي تراجعاً بسبب أزمة الطاقة الحالية والتي تؤثر بشدة على النمو. ووافق مجلس الوزراء خلال اجتماعه أمس على إدخال الفحم ضمن منظومة الطاقة في مصر، في محاولة للسيطرة على العجز الملحوظ في مصادر الطاقة. كارثة بحاجة لخطوات سريعة من جانبه، قال الدكتور تامر أبو بكر، رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات المصرية، إن المصانع المصرية، ستتعرض لكارثة إن لم يتم حل أزمة الطاقة الحالية، قائلاً: ''إحنا داخلين على كارثة، ولابد من خطوات سريعة واستيراد الغاز الطبيعي من الخارج''. وأوضح رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات، خلال اتصال هاتفي بمصراوي، أنه في حالة حدوث نقص في كميات الطاقة الموجهة في الصناعة فإن ذلك يأتي على حساب الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة في مقابل الصناعات الأخرى خاصة كثيفة العمالة. وأشار رفيق الضو، رئيس مجلس إدارة السويس للصلب، إلى أن الحكومة تقوم بقطع الطاقة عن مصانع إنتاج البليت المستخدم في إنتاج الحديد مابين 8 إلى 7 ساعات، أي مايعادل ثلث الإنتاج. وطالب رفيق الضو، خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، من الحكومة العمل على توفير الطاقة لمصانع إنتاج البليت خلال الوقت الحالي، لتفادي أي أزمة خارجية قد تحدث، ومنها التخوفات من تأثير أحداث أوكرانيا على أسعار البليت في السوق العالمي، وبالتالي تأثر سعر الحديد. وأكد أن الطاقات الإنتاجية للمصانع المصرية، قادرة على توفير البليت، وتلبية احتياجات السوق المصري، في حال تأثير الأزمة الأوكرانية على السوق العالمي، ولكن بشرط قيام الحكومة بتوفير الطاقة اللازمة. كما قال المهندس محمد شعيب العضو المنتدب لقطاع الطاقة بمجموعة القلعة، في تصريحات سابقة له، إن القطاعات الصناعية مهددة بالإغلاق خلال الفترة القليلة المقبلة إذا استمر الوضع الحالي لإنتاج الطاقة في مصر. وطالب بوضع رؤية موحدة لإنتاج الطاقة حتى عام 2020 حتى يمكن حل هذه الأزمة، داعيًا إلى إلزام المنازل باستخدام الطاقة الشمسية بنسبة لا تقل عن 20 بالمئة في مجال التسخين الشمسي في المناطق العمرانية الجديدة من خلال تيسير قروض بنكية، مؤكدًا أنه قادر على توفير 25 بالمئة على الأقل من الطاقة خلال 5 سنوات مقبلة فضلًا عن توفير الاستثمارات الموجهة لإقامة محطات كهرباء. رفع دعم الطاقة من جانبه، أكد محمد البهي، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات، إن الصناع ليس لديهم مشكلة في اتجاه الحكومة لرفع الدعم عن الطاقة المقدمة للممصانع، ولكن يجب أن يتم بشكل تدريجي. وقال ''البهي'' خلال اتصال هاتفي بمصراوي، إن القطاع الصناعي يتفهم المشاكل التي تمر بها مصر وماتحتاجه خزانة الدولة، ولكن الحفاظ على القطاع، هو الحفاظ على الدولة نفسها، حيث أن أكثر إيرادات خزانة الدولة من الصناع، فمثلاً 70 بالمئة من إيردات مصر من الضرائب، و70 بالمئة من الضرائب التي تتحصل عليها الدولة، من القطاع الصناعي''. وأضاف: ''وعلى الدولة أن ترفع يديها عن دعم الطاقة للمصانع، وتتركها للتعامل الحر، فالدولة غير قادرة على استمرار دعمها للطاقة المقدمة للمصانع وهو شئ سينتهي لامحالة، ولذلك على الحكومة القادمة أن تضع ملف الطاقة على أولوياتها، وتطرح حلول خارج الصندوق، وتقوم بوضع خريطة لرفع دعم الطاقة عن المصانع بشكل تدريجي تتفهمه الصناعة والمجتمع، حيث أن العديد من الصناعات القائمة تعاقدت على تصدير منتج أو طرحه بالسوق المحلي بسعر، تم تحديده وفقاً لسعر الطاقة المحدد للمصانع، ولن تستطيع أن تتحمل فرق السعر''. وعن التخوف من أن يتسبب رفع دعم الطاقة عن المصانع في ارتفاع الأسعار، قال البهي: ''الطاقة مكون في سعر المنتج، ولكن كل المنتجات التي تستوردها مصر من الخارج، يتم إنتاجها في دولة المصدر بالسعر العالمي للطاقة، ومع ذلك المنتج المحلي لا يكون أرخص من المستورد، فدعم الطاقة ليس الشئ الوحيد لدعم الصناعة المحلية، بل هناك خدمات كثيرة من الممكن أن تقدمها الدولة لدعم الصناع، كما أن مصر تعاني من خلل في التعامل مع الطاقة، فهناك مصانع من الممكن أن تستخدم مواد أخرى أقل تكلفة للتشغيل، بالإضافة إلى أنه من الممكن أن يكون هناك قيمة مضافة في استخدام الطاقة''. وحذر ''البهي'' من أن استمرار مشكلة الطاقة، وانقطاع التيار الكهربائي على المصانع في وقت الذروة، يهدد الصناعات القائمة، وإقامة استثمارات جديدة، قائلاً:''هناك المكون الأساسي للمنتج هو الطاقة ذاتها، كصناعة الحديد، بالأفران المستخدمة بمصانع الحديد لايتم إطفائها لفترات طويلة، وعند انقطاع الطاقة التي تغذى بها الماصنع يؤثر على إنتاجية المصانع وكفائة الأفران، كما أن مشاكل الطاقة يتسبب في تأخير الإنتاج، وتتحمل المصانع ذلك التأخير والوفاء بالتزامتها أو تلغي تعاقدات التصدير ''. وحول التخوف من إغلاق المصانع بسبب مشاكل الطاقة، قال ''إنه من الصعب غلق المصانع وبالأخص كثيفة استخدام العمالة، فالصناع يتحملون مسئوليتهم الاجتماعية وكل المشاكل القائمة''. وطالب الحكومة القادمة، بالتفكير خارج الصندوق لمعالجة مشكلة الطاقة للمصانع، من خلال السماح للقطاع الخاص باستيراد الغاز، واستخدام الشبكة القومية لتوزيعها على القطاعات الصناعية مقابل رسم معين، والتوسع في استخدام الطاقة المتجددة. وعن سماح حكومة الدكتور حازم الببلاوي، المستقيلة، للقطاع الخاص باستيراد الغاز دون مناقصة، قال ''كلها تصريحات لم تخرج إلى أرض الواقع، فلم يكن للحكومة أي خريطة او رؤية للأوضاع الحالية، كما أنها اتخذت قرارات انفعالية ''. وقال عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات، ''إن مصر لديها فرصة قوية في أن تصبح منطقة تصنيع، حيث أنها غنية بالخامات والأيدي العاملة والخبرات والكفاءات، بالإضافة إلى الموقع الجغرافي والمواني وقناة السويس، ولكن ذلك مرهون بتوفير الطاقة ووجود خريطة استثمارية في المجال الصناعي والتوسع الأفقي، مما يقضي على مشكلة البطالة ويزيد من دخل الخزانة العامة، ومحاصرة عجز الموازنة، وتقليل الدين الداخلي والخارجي''.