يوم عصيب دامٍ شهده اليوم الأربعاء محيط جامعة القاهرة.. أصوات دوي انفجارات، وسقوط قتيل ومصابين من رجال الشرطة، وحالة من الفزع انتابت المواطنين تارة، وقوات الأمن تارة أخرى.. بينما اختفى من المشهد - وإن كانوا حاضرين بقوة- أية عناصر من تنظيم الجماعة الإرهابية، فلم تتمكن قوات الأمن من ضبط الجناة المتورطين في العمليات التي جرت وتركت جرحا غائرا في قلب الوطن وشعورا بعدم الأمان والاستقرار بداخل البلاد. الانفجار صباح الأربعاء.. في حدود الساعة الحادية عشرة، الأمور هادئة، قوات الأمن تنتشر في الجهة المقابلة للبوابة الرئيسية لجامعة القاهرة، بالقرب من كلية هندسة، استعدادًا للتصدي لتظاهرات الطلاب المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين. اللواء عبدالرؤوف الصيرفي، نائب مدير أمن الجيزة، والعميد طارق المرجاوي، رئيس مباحث قطاع غرب الجيزة، يتناقشان سويًا في الخطة الموضوعة للتعامل مع جميع الاحتمالات المتوقعة اليوم - بحسب شهادات ضحايا الحادث- وبجوارهما، يقف عدداً من الضباط يتلقون التعليمات الأخيرة، أهمها إجراء تمشيط كامل للمنطقة للتأكد من عدم وجود أية متفجرات.. لم تمهل القنابل التى زرعها الإرهابيون وقتا لتنفيذ الخطة الأمنية، وأعلنت عن نفسها في ذات اللحظة، حيث انفجرت تحت أقدامهما، لتتفرق القوات، ويسقط العميد المرجاوي على الأرض ويلفظ أنفاسه الأخيرة وبالقرب منه مصابين. الخدعة المفاجأة لم تمنع قوات الأمن من نفض الخوف والاندفاع تجاه المصابين، وأثناء محاولتهم إسعاف رئيس مباحث قطاع غرب الجيزة وباقي المصابين، تنفجر قنبلة ثانية ليسقط المزيد من الأبرياء، وتضيف الى مقتل العميد المرجاوي 5 مصابين آخرين من الضباط، بينهم اللواء عبدالرؤوف الصيرفي، نائب مدير أمن الجيزة. فور تلقي الأجهزة الأمنية إخطار بالواقعة، انتقلت سيارات الإسعاف لنقل جثمان العميد، والمصابين إلى أقرب مستشفى لتلقي الاسعافات اللازمة، وقوات الحماية المدنية وخبراء المفرقعات بصحبتهم الكلاب البوليسية، التي قامت بتمشيط محيط جامعة القاهرة، للتأكد من عدم وجود أي متفجرات أخرى، فضلا عن فحص القنبلتين اللتين أسفرتا عن سقوط الضحايا، كما فرضت قوات الأمن كردونًا أمنيًا في محيط الانفجارين. إخلاء وسط حالة من القلق أخلى الأمن الإداري بجامعة القاهرة، الحرم الجامعي من الطلاب والسيارات، خوفًا من وقوع أية انفجارات أخرى. كما قامت إدارة مدرسة السعيدية الثانوية، المجاورة لجامعة القاهرة، اليوم الأربعاء، بإغلاق أبوابها بعد إخلائها تماما من الطلاب والموظفين، فيما حذرت قوات الأمن المواطنين والطلاب المتواجدين بشارع الجامعة من المغادرة حرصا على سلامتهم. إغلاق الطرق أغلقت الإدارة العامة للمرور جميع الطرقات المتجهة للجامعة، وتم منع السيارات من استخدام كوبري الدقي، أو المرور من شارع الجامعة، بينما تُرك المواطنون في الشوارع ينتظرون ''الفَرج'' أو أي وسيلة تمكنهم من العودة لمنازلهم. وزارة الداخلية عززت من التواجد الأمني في محيط الحادث، وانتقل فريق من نيابة جنوبالجيزة الكلية لفحص الواقعة وإجراء معاينة للوقوف على ملابسات العملية الإرهابية. فخ جديد بعد مرور أكثر من ساعتين على الانفجارين، وبينما تنشغل النيابة من إجراء المعاينة، وقوات الأمن من تمشيط المنطقة، والإعلاميين والصحفيين من تغطية الحادث إخباريًا، فوجئ الجميع بانفجار قنبلة ثالثة، اهتزت لها الأرض، وسادت حالة من الزعر والهرج والمرج، قبل أن يكتشف رجال الشرطة إن القنبلة مُلصقة بشجرة على سور حديقة الأورمان المقابل لجامعة القاهرة. ولم تمر سوى دقائق، ثم عثر خبراء المفرقعات على قنبلة رابعة تم التعامل معها وإبطال مفعولها، واشتبهت أجهزة الأمن بالجيزة، في سيارة ملاكي، متوقفة بالقرب من موقع الانفجارات الثلاثة، أمام المدخل الرئيسي لجامعة القاهرة، وقامت القوات بفحصها السيارة، وتبين خلوها من المتفجرات. كما أطلقت قوات الأمن، أعيرة تحذيرية في الهواء لتفرقة المواطنين الذين تجمهروا حول مكان الانفجارات، لتهدأ الأوضاع أخيرًا. الوزير يتفقد انتقل اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، إلى موقع الحادث أمام جامعة القاهرة، لتفقد الحالة الأمنية، ومن جانبه قال اللواء عبد الفتاح عثمان، مساعد وزير الداخلية للعلاقات العامة والإعلام في تصريحات تلفزيونية، إن ''الحادث خسيس وغادر من عناصر إخوانية قامت بزرع عبوات ناسفة في إحدى الأشجار القديمة المواجهة للباب الرئيسي لجامعة القاهرة ليتم تفجيرها''، وأكد أن الانفجارات لن تثني الشرطة عن الاستمرار في أداء رسالتها في تحقيق الأمن.