في الوقت الذي يسعى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان للحد من الردات السلبية على ''فضيحة الفساد'' التي تفجرت مؤخرًاً، عاجله ثلاثة نواب في البرلمان عن حزب العدالة والتنمية الحاكم بانسحابهم من الحزب. وأعلن أردوغان عن تعديلات وزارية، بعد استقالة وزراء الاقتصاد والداخلية والبيئة، والأخير دعا أردوغان الى الاستقالة، يخضعون للتحقيق، في إطار فضيحة الفساد السياسية والمالية التي وصفت بأنها ''غير مسبوقة''. وشملت التعديلات الوزارية عشرة حقائب. وذكرت وكالة فرانس برس أن من بين النواب الذين انسحبوا من حزب أردوغان وزير الثقافة السابق ارتورول غوناي الذي اتهم حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ 2002 بعرقلة عمل القضاء في التحقيق ضد الفساد. وكان النائب عام في مدينة اسطنبول معمّر أكاش، قد كشف أمس الخميس في بيان له، عن ضغوط تمارس عليه وتمنعه من ممارسة مهامه في التحقيق بقضية فساد ثانية، واصفاً ذلك ب''التدخل الصارخ'' في السلطة القضائية. وأشارت وسائل إعلام تركية أن أكاش كان يعد لحملة اعتقالات ثانية متعلقة بقضية فساد كبيرة، تتضمن استدعاء واعتقال 30 شخصًا من الموظفين العموميين لتورطهم بفساد مالي كبير وصل حجمه إلى 100مليار دولار. وقد أثرت الفضيحة أيضًا على الليرة التركية إذ شهدت انخفاضًا جديدًا أمام الدولار الأمريكي. هذا وأصدت اليوم الجمعة النيابة العامة في اسطنبول تعليمات لقوات الدرك من أجل تنفيذ الحملة الثانية ضد الفساد والرشوة، بعد امتناع قوات الشرطة والأمن عن تنفيذها. وذكرت وكالة ''جيهان'' التركية، أن النيابة العامة في اسطنبول أصدرت تعليمات لقوات ''الجاندرمة'' (الدرك) من أجل تنفيذ الحملة الثانية من الاعتقالات ضد أشخاص يشتبه بممارستهم الفساد والرشوة. وجهت النيابة في اليومين الماضيين تعليمات إلى مديريات الأمن لتنفيذ الحملة، إلا أن الأخيرة إمتنعت عن تنفيذ تلك الأوامر، بحسب الوكالة. وأشارت الوكالة، إلى أن سبب امتناع مديريات الأمن عن تنفيذ تلك الأوامر سببه التعديلات التي أجرتها الحكومة في القيادات الأمنية، وبناء عليه وجدت النيابة العامة نفسها مضطرة إلى تفويض قوات الدرك بتنفيذ تلك الحملة. وبدأت فضيحة الفساد في تركيا في 17 ديسمبر عندما ألقي القبض على عشرات الأشخاص، من بينهم عدد من أبناء الوزراء ورجال أعمال في قضايا فساد مالي ورشاوى. ويعتقد معلقون في تركيا أن جذور فضيحة الفساد جاءت جراء صراع على السلطة بين حكومة إردوغان و فتح الله غولن، وهو قائد إسلامي يعيش في الولاياتالمتحدة وله الكثير من المؤيدين في مؤسستي الشرطة والقضاء التركيتين، وفقا لما ذكره تقرير لبي بي سي. ويرى المؤيدون إن هذه الحركة، وتدعى ''حزمت'' - أي ''خدمة'' - هي الوجه الأكثر تسامحًا وحداثة للإسلام، لكن منتقديها يشككون في حقيقة دوافعها. وكان غولن، الذي أنكر أي تدخل في التحقيقات، قد ترك تركيا عام 1999 بعدما اتهمته الحكومة آنذاك بالتخطيط لإقامة دولة إسلامية، وعلى الرغم من سقوط التهمة عنه إلا أنه لم يعد لتركيا ويعيش حاليًا في ولاية بنسلفينيا الأمريكية.