لم تثن الثلوج والبرد القارس المتظاهرين المناهضين للحكومة في العاصمة الأوكرانية كييف عن السيطرة على ميدان الاستقلال دعما للقوى المؤيدة للغرب بقيادة بطل الملاكمة في الوزن الثقيل فيتالي كليتشكو. وبغض النظر عن الحواجز والخيام في الميدان، شكل معارضو الحكومة حركة مقاومة وطنية، ويحتلون مكتب عمدة المدينة ومبنى مقر النقابات العمالية في كييف. ولم يتم اقتحام المباني الحكومية أو مكتب الرئيس خلال الاحتجاجات المستمرة منذ 12 يوما والتي تستهدف إجبار الحكومة على الاستقالة. ويعرف ميدان الاستقلال بأنه مركز الاحتجاجات في هذه الجمهورية السوفيتية السابقة، كما كان خلال الثورة البرتقالية في عام 2004. ورغم انقسام المعارضة بسبب صراعات داخلية على السلطة، إلا أنها متحدة في هدفها، ألا وهو إجراء تصويت بسحب الثقة من رئيس الوزراء نيكولاي أزاروف. ولا تزال نتيجة التصويت، المقرر غدا الثلاثاء، غير واضحة، حيث سيكون للحزب الشيوعي دور حاسم في هذا الصدد. ويطالب عشرات الآلاف من مواطني البلاد في شوارع كييف بالتغيير ورحيل الحكومة الحالية. وقال ارسيني ياتسينيوك، من حزب الوطن الذي تنتمي إليه رئيسة الوزراء السابقة المسجونة حاليا يوليا تيموشينكو '' فقط، قرار بشأن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة هو الذي يمكن أن يخرجنا من هذه الأزمة''. وأعلن ازاروف الاسبوع الماضي، نهاية مفاجئة لمحادثات كانت تهدف الى توثيق العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، مبررا هذه الخطوة بإجراء مفاوضات مع روسيا بشأن زيادة المساعدات المالية لتجنب الإفلاس الذي يلوح في الأفق. وتعول أوكرانيا بشكل خاص على خفض روسيا أسعار واردات الغاز الطبيعي الضروري لكييف. وتحتاج أوكرانيا إلى نحو 14 مليار دولار مساعدة مالية على المدى القصير، حسبما أعلن سيرجي أربوزوف نائب رئيس الوزراء، الذي ينظر إليه على أنه خليفة ازاروف المحتمل. وكان أربوزوف طالب في نهاية الأسبوع الماضي، بمزيد من المساعدات وذلك خلال قمة الشراكة الشرقية بين الاتحاد الأوروبي وست من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق عقدت في العاصمة الليتوانية فيلنيوس ، ولكن دون جدوى. وعندما عاد رئيس البلاد فيكتور يانوكوفيتش من القمة مع الاتحاد الأوروبي دون توقيع اتفاقية الشراكة مع التكتل الاوروبي الذي يضم 28 دولة، تصاعد الوضع في كييف واندلعت مواجهات عنيفة في بين الشرطة والمتظاهرين. وأصبحت الأغلبية التي يمتلكها حزب الأقاليم بقيادة ازاروف مهددة الآن، بعد إعلان العديد من النواب تخليهم عن الرئيس . ويرى المراقب السياسي الأوكراني كوست بوندارينكو إنه يمكن التضحية بازاروف لكي يتمكن يانوكوفيتش من التشبث بالسلطة، رغم أنه يرى الرئيس تحت ضغوط متزايدة . وبالنسبة للمعارضة المؤيدة للاتحاد الأوروبي في الميدان، فإن اسقاط حكومة ازاروف ليس سوى الخطوة الأولى. ويعتقد الكثيرون أن أوكرانيا، بالنظر إلى وضعها الاقتصادي المأساوي، ليس لديها الآن ما تخسره، كما أن تهديدات روسيا بتقويض الاقتصاد تماما بقطع جميع المساعدات التجارية لا يثير خوفهم بدرجة كبيرة.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة...للاشتراك...اضغط هنا