تراهن الحكومة المصرية على قدرة مشروع تنمية محور إقليم قناة السويس في تحقيق الانطلاق الاقتصادي، وجذب استثمارات عربية وأجنبية تتجاوز نحو 100 مليار جنيه في العام. ويأتي هذا الحلم ليصطدم بخفض مؤسسة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني لمصر إلى درجة ''CCC+''، وهى درجة قريبة من تصنيف دولة قبرص، وتتساوى مع تصنيف جاميكا. واختلف الخبراء حول مدى تأثير التخفيض الائتماني لمصر في قدرتها على جذب مستثمرين إلى تنمية محور إقليم قناة السويس والصعوبات التي قد تواجها، حيث اعتبر البعض أن تأثير التصنيف لا ينحصر فقط في محور قناة السويس وإنما التأثير السلبي على الاقتصاد ككل مما يلزم الحكومة النظر إلى ذلك بمحمل الجد والعمل على حله، بعد أن وصل إلى المرحلة قبل الأخيرة. بينما يرى آخرون أن تنمية قناة السويس، مشروع طويل الأجل يحتاج إلى مستثمر استراتيجي ليس قصير الأجل، حيث من المتوقع قدرة مصر عل تحسين تصنيفها الائتماني خلال الفترة المقبلة، خصوصاً بعد تحسن تصنيف قبرص في الفترة الأخيرة على الرغم من وصولها إلى درجة إشهار الإفلاس وهو الحد الذي لم تصله مصر. تأثير محدود وقال عمرو الألفي رئيس الجمعية المصرية لخبراء الاستثمار، إن تنمية إقليم محور قناة السويس مشروع طويل الجل، يتعامل مع مستثمر استراتيجي، وبالتالي التخفيض لن يؤثر على المستثمرين التي تسعى الحكومة إلى جذبه لتنمية المحور. واعتبر أن تأثير التصنيف الائتماني، تأثيره محدود فقط في الجدارة الائتماني لمصر من ناحية سداد القروض، مما يرفع من تكلفة الإقراض. وتوقع أن يتحس تصنيف مصر الائتماني خلال الفترة المقبلة، قائلاً ''إن اليونان تحسن التصنيف الائتماني لها في الفترة الأخيرة بعد أن كانت على حافة إشهار الإفلاس، على عكس حال مصر التي لم تصل إلى هذه الحالة، والذي قد يعني أن يتحسن تصنيف مصر على المدى الطول''. وكان الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء، قد ذكر سابقًا أن "من يعرف قيمة قناة السويس سيعرف أن هذا مشروع عملاق سيضع مصر على خريطة الاستثمار العالمي، وسيجعل مصر مصدرًا رئيسًا للتجارة الدولية". واستنكر في مؤتمر تمية إقليم قناة السويس الذي عقد الأسبوع الماضي، ترويج البعض لما أسماه أوهام حول مشروع تنمية إقليم قناة السويس، والذي نشر مؤخرًا وأدى لعدد من ردود الأفعال المتناقضة، مؤكدًا أنه لا صحة لمخاوف استقلال إقليم قناة السويس قائلًا: ''لن تكون هناك دولة داخل دولة، فهذا مشروع لمحور قناة السويس وليس لدولة قناة السويس''. صعوبات كبيرة من ناحية أخرى، قال الدكتور علي لطفي رئيس الوزراء السابق، إن المؤسسات الدولية مثل ''فيتش وستاندرد اند بورز وموديز'' خفضت تقيمها للاقتصاد المصري 6 مرات منذ بداية الثورة حتى 2013، ولذلك على الحكومة أن تأخذ هذا الأمر مأخذ الجد، لتأثيره على الاقتصاد ككل. وأوضح خلال اتصال هاتفي بمصراوي أن تخفيض التصنيف الائتماني يؤثر سلبًا على جذب المستثمرين، ويؤدي لصعوبة الحصول على تمويل خارجي، ولا ينحصر فقط في تأثيره على تنمية إقليم قناة السويس. وأضاف أن المشكلات الاقتصادية منذ 2011 والتي أدت إلى تخفيض تصنيف مصر أكثر من مرة لم تحل إلى الآن، والذي أدى إلى وصول درجة تصنيف مصر إلى المرحلة قبل الأخيرة، مما يزيد من تخوف كثيرين في قدرة مصر على السداد، ويعمل على ارتفاع سعر فائدة القروض التي تحصل عليها مصر. وطالب رئيس الوزراء السابق، الحكومة بالعمل على معالجة مشكلات عجز الموازنة وتراجع الاحتياطي، وزيادة الدين وفوائده، بالإضافة إلى الوضع والانقسام السياسي المتواجد حالياً والذي يؤثر على التصنيف الائتماني لمصر. وقال وليد عبد الغفار، رئيس الأمانة الفنية لمشروع تنمية إقليم قناة السويس في تصريحات سابقة له، إن "مشروع تنمية محور قناة السويس هو قاطرة الاقتصاد المصري وفقا للبنك الدولي والمؤسسات الاقتصادية الدولية"، مشيرًا إلى أن هذا المشروع يخطط كمحور كامل يشمل عدة جوانب ويهدف إلى أن يكون مركزًا عالميًا صناعيًا وسياحيًا واقتصاديًا وأن يكون لمصر الريادة العالمية في مجال صناعة النقل البحري.
الاستقرار السياسي والاصلاح الاقتصادي وتوقع محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل و الاستثمار، عدم تاثر المشروعات القومية بتخفيض التصنيف الائتماني، بشرط استقرار الاوضاع السياسية والاستمرار في اصلاح التشريعات الاقتصادية. وقال عادل في تصريحات لمصراوي، إن ما يحتاجه الاقتصاد هو زيادة الإنتاج والاستثمارات، كما أن مصر مازالت بحاجة إلى استعادة المستثمرين الاجانب لتخفيف الضغط على البنوك المحلية والمساعدة في تمويل عجزها المالي، مؤكداً على ضرورة اتخاذ سياسات اقتصادية أكثر فاعلية وتأثيراً على المدى القصير تساعد على تحقيق الاستقرار الاقتصادي من خلال عدد من القرارات والإجراءات التحفيزية و التنشيطية للاستثمار . وأضاف أنه هناك أهمية لوجود استثمارات محلية ضخمة وعدم الاعتماد على الاستثمارات الأجنبية فقط، مشدداً على ضرورة زيادة الناتج المحلي من خلال زيادة إنتاجية العمال، وترشيد الإنفاق الحكومي والبحث عن موارد جديدة لتمويل الموازنة العامة للدولة وخفض العجز فيها حتى لا تضطر مصر للاستمرار في الاستدانة من الخارج أو الداخل، مؤكداً على ان الموازنات القادمة ستخصص مبالغ أكبر في كل مرة لسداد أقساط وأصول الدين. من جهة أخرى، توقع نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل و الاستثمار، إنفراجة في الوضع الاقتصادي منتصف العام المقبل، سواء على مستوى الاستثمار الأجنبي أو عودة السياحة والتصدير إلى النمو، لافتاً إلى أنه على الرغم من الخسائر، فإن أساسيات الاقتصاد المصري تبقى قوية، وما أنجز مع الثورة لجهة الإصلاحات الديمقراطية الحقيقية، يتجاوز الأرباح التي لم تحقق وآثارها، وكذلك سيكون هناك قدوم الاستثمارات من دول الخليج مستقبلاً .