أودعت الدائرة الحادية عشر بالمحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار يحيى الدكروري، نائب رئيس مجلس الدولة، حيثيات حكمها بتأييد حكم القضاء الإداري، بوقف إجراءات انتخابات مجلس النواب الجديد، في الطعون المقدمة من هيئة قضايا الدولة بصفتها وكيلا عن رئاسة الجمهورية ووزارة العدل ومجلس الشورى. وقالت المحكمة في حيثياتها، إن موضوع الطعن الماثل يتلخص فى مدى اعتبار القرارين الصادرين من رئيس الجمهورية، من أعمال السيادة البعيدة عن رقابة القضاء أم من أعمال الإدارة الخاضعة للقضاء. وواصلت حيثيات المحكمة، أن اختصاص رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين لانتخاب مجلس النواب لا يدخل ضمن الاختصاصات التى يباشرها منفردا بواسطة مجلس الوزراء وقرار الرئيس خارج عن أعمال السيادة وداخلا فى أعمال الإدارة التى تخضع لرقابة القضاء. وأضافت المحكمة أنه حيث أن الرقابة القضائية على أعمال الإدارة تقوم بسند من سيادة القانون وخضوع الدولة لأحكامه إعلاءً لراية الشرعية وحيث أن المحكمة الدستورية العليا قد ذهبت إلى أنه لا يجوز أن يكون للدولة غير صوت واحد كتلك الأعمال المتعلقة بإدارة الدولة للشئون الخارجية أو إعلان الحرب فلا يجوز فى الحالة الأولى أن يعدل حكم قضائي من بيان السياسة الخارجية للدولة ولا إعاقة تنفيذ تدابير الدولة ذات الصلة الوثيقة بالأمن الوطنى لها ومرجع ذلك أن السلطة القضائية هى نقطة التوازن بين سلطتين أخريين منتخبتين، وأن لكل منهما اختصاصاتها التى كفلها الدستور والتى تمارس فى إطار من الرقابة الشعبية عليها. وأكدت المحكمة فى حيثياتها أن ما كان للرئيس بدستور ''71'' هو ما دفع باللجنة التأسيسية التى وضعت دستور 2012 إلى إزالة هذا الخلل الذى اصاب التنظيم الدستوري لسلطات الدولة ومن ثم عملت على إقامة التوازن لدى تنظيمها للسلطة التنفيذية بين اختصاصات رئيس الجمهورية واختصاصات الحكومة فدستور 2012 ألغى التنظيم الدستورى لرئيس الدولة وجاء جزءا من السلطة التنفيذية مقيدة سلطاته فى تعيين رئيس الوزراء على النحو الذى رسمه فى المادة ''139'' منه ولم يخوله فى المادة '' 143 '' دعوة الحكومة للاجتماع إلا للتشاور فى الأمور المهمة . وأكدت الحيثيات على أن أعمال السياسة التى تماثل أعمال السيادة ترتكز على ذات الصلة ولا تكون كذلك بإعتبار أن جانبا من سماتها من طبيعة سياسية ولذلك كان إتصال بعض الأعمال بالمصلحة السياسية العليا لايكفى دوما بإعتبارها من المسائل السياسية التى يتعين حصر مفهومها فى دائرة ضيقة برسم الضوابط الدستورية الواردة فى الدستور . وقالت المحكمة أنه من حيث أن الخضوع للقانون هو ركيزة الدولة وركنها جوهره وتقيد السلطتين التنفيذية والتشريعية بالدستور ولذلك لن تعد السلطة فى النظم الديمقراطية امتيازا لأحد وإنما يتم مباشرتها نيابة عن المجتمع وترتكز مشروعية السلطة على احترامها للقانون وإنفاذها لأحكامه وإعلاءها لشانه ليصبح بذلك محورا لكل تنظيم واحد ولكل سلطة ورادعا ضد العدوان عليها وحائلا من النيل منها . وحول أعمال السيادة قالت المحكمة إنه وإن كانت تتأبى عن الرقابة القضائية إلا أنها لا تحمل فى ذاتها تكوينا ثابتا ولكن يتغير مضمونها بتغير الغطاء الدستوري الذى ينظم سلطات الدولة. وبالنسبة لقراري الرئيس المطعون فيهما '' 134 و148 '' أكدت المحكمة أن دستور 1971 قد مال إلى الفكر الرئاسي ولم يكتف بتخويل رئيس الجمهورية هذه السلطات فرئيس الجمهورية هو رئيس الدولة والمهيمن على السلطة التنفيذية يملك اختصاصاتها منفردا وليس عليه من حساب سوى إرتكابه جريمة الخيانة العظمى للبلاد وأضافت المحكمة أن دستور 1971 لم ينظم مساءلة الرئيس سياسيا وألقى على كاهل رئيس الوزراء ونوابه بالمسئولية السياسية. وأوضحت المحكمة فى حيثياتها أن المحكمة الدستورية ليس لها من بعد من إختصاصات إلا إذا قام لدى القاضى من شبهة إرتاي أنها علقت بقاعدة قانونية واجبة التطبيق على قية مطروحة على قضائه فيصل الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا للنظر فى أمر هذه الشبهة. وارتكزت حيثيات المحكمة إلى نص المواد '' 14 و139 و145 إلى المادة 149 من الدستور''، بأن رئيس الجمهورية يتولى سلطاته بواسطة رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء عدا ما يتصل بالدفاع والأمن القومى والسياسة الخارجية. وأكدت المحكمة أن ما لا يقوم به الواجب فهو واجب فضلا عن الفكر الدستورى الذى تبناه دستور 2012 ونصت المادة 141 المشار إليها بفعل مضارع نصه ''يتولى'' وهو من صيغ الأامر فى اللغة ومفادها على النحو المقرر بالدستور بواسطة رئيس الوزراء.