دى احتدام المعارك في محافظة الحسكة بشمال شرق سوريا في المثلث الحدودي مع العراق وتركيا إلى مقتل نحو 40 شخصا من الطرفين خلال الأيام الثلاثة الماضية وأسر أكثر من 80 شخصا بين المقاتلين العرب و الكرد. وكانت الحسكة بعيدة عن الحرب الدائرة بين القوات النظامية والمعارضة التي تشهدها غالبية المحافظات الأخرى ، قبل أن تصل إلى أطرافها نيران رصاص المتقاتلين رغم كل الدعوات إلى التهدئة والحوار . يقول سليمان يوسف وهو ناشط سياسي وباحث مسيحي مهتم بقضايا الأقليات لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) : ''مطلب ورغبة غالبية سكان الحسكة، الآشوريين والسريان والعشائر العربية والأكراد والارمن، أن تبقى المنطقة ملاذا آمنا لأهلها ولمئات الآلاف من النازحين اليها من مختلف المناطق والمدن السورية المنكوبة جراء المعارك المستمرة''. ويضيف يوسف انه من المهم ''تجنيب محافظة الحسكة والمعروفة أيضا ب( الجزيرة السورية) عموماً نزاعاً عرقياً بين العرب والأكراد حول من سيحكم محافظة الحسكة، التي تشكل المخزون الاستراتيجي لسوريا من النفط والغاز والحبوب و القطن والخضروات والبقوليات الموسمية''. وبدأ نذير هذا النزاع يظهر في أكثر من منطقة، ولاسيما بوجود مصلحة للنظام الحاكم في سوريا في اشعال مثل هذا النزاع الداخلي لتشتيت قوى المعارضة وشرذمتها. ومنذ أيام دعا أساقفه السريان الارثوذكس و الكاثوليك في الحسكة حاضرة الفاتيكان وأطراف دولية وإقليمية إلى حماية أكثر من 25 ألف من المسيحيين في المنطقة وتوفير سبل الأمان والاستقرار لهم ولباقي فئات المجتمع حيث يتعرض الجميع و من بينهم المسيحيون للخطف و طلب الفدية. ويرى الناشط السياسي ابن العشائر العربية السنية خالد الطلاع في حديثه لوكالة الأنباء الألمانية :''أن الحديث زاد في الآونة الاخيرة عن الفتنة بين العرب والكرد، وأدلى كل بدلوه بخصوص وأد الفتنة والحفاظ على النسيج الاجتماعي، ولعبة السلطة المعروفة بصناعة الصدام بين مكونات البلاد ويعلم كل أهلنا في المحافظة كم بذلنا من جهد لحوار عربي كردي مثمر على امتداد العامين الماضيين ، و لكن ماحصل ويحصل كل يوم يدل بشكل قاطع على مشروع حزب العمال الكردستاني في الحسكة في إدارة وإثارة الفتنة''. ويتهم السكان السلطات بدعم حزب العمال الكردستاني بسبب تناغم مصالحهما في هذه الفترة. وقتل أكثر من 25 عنصرا من حزب العمال الكردستاني في منطقة رأس العين التابعة لمحافظة الحسكة في الأيام القليلة الماضية في مواجهات مع قوات من الجيش الحر الذي خسر أكثر من سبعة من مقاتليه وإصابة نحو 16 آخرين وفق تأكيدات النشطاء و السكان فضلا عن أن ''الحر'' أسر من الأكراد حوالي 75 مقاتلا بينهم امرأتين مقاتلتين. ويقول يوسف في حديثه للألمانية اليوم ''رغم أن المعارك بقيت على اطراف الحسكة إلا أن المدينة كلها مهددة بحصول كارثة إنسانية كبيرة جراء حصار جائر مفروض عليها منذ أشهر من قبل السلطة ومن قبل مسلحي المعارضة بدرجة أقل لأن بعض مقاتليها سيطروا على عدد من مفارق الطرق التي تربط محافظة الحسكة بالمدن الرئيسية مثل حلب وحمص ودمشق، والتي تشكل الشريان التجاري الأساسي لمنطقة الجزيرة، الأمر الذي دفع بالسلطات السورية إلى وقف مد الحسكة بمشتقات النفط والمواد الأساسية الأخرى مثل الدقيق، متذرعة بسطو وسيطرة مسلحي المعارضة على صهاريج الوقود وعلى شاحنات الدقيق المرسلة للمحافظة''. وتزداد معاناة السوريين كافة في كل المنطقة جراء صعوبات تأمين مستلزمات الحياة اليومية من خبز وماء ومصادر الطاقة كالكهرباء والمازوت والبنزين و الغاز المنزلي والمستلزمات الصحية والطبية، ما يحول الحياة اليومية إلى ما يشبه الجحيم. ودفعت هذه الازمة الخانقة بعض المرجعيات الدينية والأهلية في المحافظة إلى إطلاق صرخات استغاثة لبلدان وحكومات إقليمية ودولية، طالبتها بالتدخل السريع لكسر هذا الحصار وإنقاذ أبنائها من كارثة محتمة.