تحظى الأفيال في تايلاند بأهمية كبيرة؛ حيث كان السكان يعتمدون عليها في السابق للعمل في الغابات، لكن هذا الأمر قد ولى وانقضى، وأصبحت الأفيال الآن من أهم عوامل الجذب السياحي لهذا البلد الذي يقع في جنوب شرق آسيا. وتستقطب قرية الأفيال في تايلاند أعداداً غفيرة من السياح كل عام. وقد شاهد السياح في طريقهم إلى قرية الأفيال، أطفال المدارس بزيهم الأصفر الزاهي، وهم يتوجهون من سورين إلى بان تا كلانغ لمشاهدة الأفيال التي تعجبهم كثيراً. وتوقف قائد الحافلة أمام معبد بوذي، حيث خرج الرهبان في ثيابهم باللون الأصفر الزعفراني، وخطوا بعض الخطوات بين اثنين من تماثيل الأفيال الحجرية الضخمة الموجودة عند مدخل المعبد. ولكن في هذه اللحظات شاهد السياح اثنين من الأفيال الكبيرة مع مدربهم وهم يمرون على التماثيل الحجرية، ويهرولون على الطريق الزراعي ليواصلوا مسيرتهم إلى بان تا كلانغ، التي تبعد مسافة ثلاثة كيلومترات عن هذا المكان. ويمكن الوصول إليها على مهل بسرعة الأفيال خلال 30 دقيقة، وتمر الرحلة بين حقول الأزر ومزارع الدجاج. رحلة ممتعة وبعد الوصول إلى بان تا كلانغ يلاحظ السياح أجواء مفعمة بالحيوية والنشاط، حيث ينطلق جرار أخضر من إحدى المزارع، وبعد ذلك بفترة وجيزة يخرج فيل ضخم من مسكنه إلى شوارع القرية. ويجلس صبي صغير فوق هذا الفيل الذي يسير برفقة قائده. وفي هذه اللحظات تظهر الأفيال من كل الاتجاهات، حيث تتجه إلى قرية الأفيال على حافة المدينة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه القرية تضم الأفيال كبيرة السن والأمهات ذات الصغار، حيث تعيش هذه الحيوانات وتنام مع قائدها في هذه القرية. وبشعور لا يخلو من الفخر يقول براكيت كلانغ باتانا :''نحن أكبر قرية أفيال في العالم''، ويضيف رئيس البلدية، الذي يبلغ عمره 52 عاماً، :''يعيش في قريتنا 190 فيلاً و1400 شخص''. وتوفر بعض العائلات في القرية، بما فيها عائلة براكيت كلانغ، غرفاً لاستضافة السياح الذين يرغبون في الاستمتاع بتجربة فريدة من نوعها مع الأفيال. ولا تزيد تكلفة المبيت في غرفة بسيطة مع ثلاث وجبات طازجة على 25 يورو، وغالباً ما يتمكن السياح من استعمال الدراجة الهوائية الخاصة الموجودة في المنزل بدون مقابل، كما يقوم رب الأسرة باصطحاب السياح في جولة بالدراجة النارية لزيارة القرى المجاورة. وبالطبع تعتبر صغار الأفيال أكثر الأشياء التي تثير اهتمام وإعجاب الأطفال. ويحكي بعض السياح من ألمانيا بأنهم يشاهدون صغار الأفيال منذ ثلاث ساعات، ويؤكدون على أنه منظر في غاية الروعة والجمال. وبالإضافة إلى ذلك فقد شاهد السياح حديقة الأفيال في باتايا، التي تستقبل أفواجاً كبيرة من السياح من جميع دول العالم وخاصة من ألمانيا وبريطانيا، بالإضافة إلى سكان تايلاند الذين يقصدون هذه الحديقة للاستمتاع بمشاهدة عروض السيرك الترفيهي. ويتابع الكثير من السياح مجموعة من الأفيال وهى تهرول باتجاه المدرج، ويتوجه الزوار من المتحف الصغير والأكشاك المحيطة إلى مكان العرض، لكي يشاهدوا الأفيال الملونة أثناء تقديمها لعروضها الراقصة. ويقوم بعض زوار الحديقة بتقديم براعم الخيرزان أو ثمار الموز كطعام للأفيال. وفي السابق كانت أعداد الأفيال تصل إلى عشرات الآلاف وكانت تعيش في غابات تايلاند ذات الأشجار الكثيفة، أما اليوم فإن أعدادها لا تتجاوز بضع مئات، حيث فقدت الأفيال بيئتها الطبيعية بسبب إزالة الغابات. ويقول أحد قائدي الأفيال :''تعيش الأفيال في القرية بصورة أفضل عما كانت عليه في السابق في المدينة''. تقديس الأفيال وقبل 12 عاماً كان يوجد بالعاصمة التايلاندية بانكوك قرابة 100 فيل يتسولون طعامهم وأرزاقهم من السكان والسياح، وكان يتصدر عنوان الصحف آنذاك أخبار حول هيجان أحد الأفيال بسبب الضوضاء وحركة المرور، لذلك تبنت الحكومة التايلاندية خطة بشأن ضرورة مغادرة الأفيال المدينة، حيث استقر أغلب هذه الأفيال في منطقة بان تا كلانغ. وتحظى هذه الحيوانات بتقديس جميع التايلانديين، خاصة أعضاء العائلة المالكة، لدرجة أن هناك فيل أبيض يزين شعار دولة تايلاند. وقد كشف براكيت كلانغ باتانا، الخبير المتخصص في الأفيال، عن بعض الأمنيات، قائلاً :''نأمل في وجود مساحة أكبر للأفيال، بالإضافة إلى توفير مساحة إضافية لقائدي هذه الأفيال الذين يتولون تغذيتها والاهتمام بها. وعلى الرغم من قيام المجتمع والحكومة والجهات الراعية والمؤسسات الخيرية بتقديم الكثير من المساعدات، إلا أن الموارد المالية لا تزال محدودة''. ودائماً ما يكون السياح موضع ترحيب، طالما أنهم يحترمون عادات وتقاليد السكان. ويقوم أحد قائدي الأفيال بتدليك مواضع الالتهابات الحمراء الموجودة على ظهر الفيل الصغير وخلف أذنيه بالمرهم، ويقول :''يعمل خليط الأعشاب على التئام الجروح ببطء''. وخلال شهر نوفمبر يتوجه قائدو الأفيال مع حيواناتهم إلى مدينة سورين، حيث يتم إقامة أكبر مهرجان للأفيال في تايلاند. ويتمكن السياح في بعض الأماكن الأخرى من معرفة مدى تقديس واهتمام سكان تايلاند بهذه الحيوانات، حيث تظهر في إحدى الحدائق تماثيل ضخمة للفيلة مع المحاربين، الذين قاتلوا من أجل مملكتهم.