التساؤلات تراود أذهان المتابعين للشأن العام والمهتمين بالاوضاع الاقتصادية، فمع الإعلان المتكرر عن وديعة قطرية لمصر بقيمة 2 مليار دولار وأخري تركية بقيمة مليار دولار، استثمارات يتم ضخها للسوق المصري بملايين الدولارات من بعض الدول، ووزير يعلن زيادة الإيرادات المصرية إلي 303,6 مليار جنيه، وأخر يعلن عودة 11 مليار جنيه من الأموال المهربة للخارج، ما مدي احتياج مصر لقرض صندوق النقد الدولي؟ وما مصير هذه الاستمارات والاتفاقيات الدولية التي يتم الإعلان عنها بشكل دائم؟! مصراوي طرح هذه التساؤلات علي عدد من خبراء الاقتصاد الذي يمثلون مختلف الاتجاهات والايدلوحيات السياسية، لنتعرف علي رؤيتهم للاقتراض من الخارج وخطة الحكومة الاقتصادية ومصير الاتفاقيات الدولية التي أبرمتها الدولة المصرية من عدد من دول العالم بعد الثورة..
غموض سياسي وغياب للشفافية
ففي البداية يؤكد الدكتور فرج عبد الفتاح أستاذ الاقتصاد والقيادي بحزب التجمع، أن المصريين يعيشون الأن حالة من الغموض السياسي وغياب الشفافية، فحينما تتناول وسائل الإعلام خبر إيداع قطر وديعة بقيمة 2 مليار دولار في مصر لم يتم الإعلان عن شروط هذه الوديعة وهل سيتم إيداعها دفعة واحدة أم علي شرائح؟ ولمدة زمنية محددة أم مفتوحة؟.
وأضاف أنه في ظل غياب المعلومات يصعب تكوين رأي واضح بشأن جدوي الاقتراض من الخارج أو تحديد مصير هذه الاستثمارات التي تم الإعلان عن ضخها للسوق المصري.
وأكد عبد الفتاح ل"مصراوي" أن الدول تقترض وتُقرض وهذا أمر وارد، ولكن إذا قررت دولة ما أن تقترض فسيكون لزاماً عليها تحديد أوجه إنفاق هذا القرض، مشيراً إلى أن القرض إذا كان سيستخدم في عمل مشروعات توفر فرص عمل وتزيد من الدخل القومي وتنشط حركة البيع والشراء فهذا أمر محمود، أما إذا كان الاقتراض لسد عجز الموازنة فهذا مرفوض تماماً لأنه في هذه الحالة لن يكون هناك جهد مبذول من الدولة لزيادة موادرها السيادية.
سياسات مالية غير رشيدة ولفت القيادي بحزب التجمع أن الدين العام الداخلي لمصر تضاعف في السنوات السبع الأخيرة بشكل كبير، وهذا يؤكد ان السياسات المالية التي تنتهجها الدولة المصرية غير رشيدة ولا تصلح لهذه الفترة ويتعين عليها وضع سياسات رشيدة للفترة المقبلة.
وتابع قائلاً "لا الرئيس ولا الحكومة قدموا خطة وتصور واضح لفلسفة النظام المالي بعد الثورة، وبيان رئيس الحكومة الذي ألقاه منذ يومين لا يرتقي لمستوي الخطة فهو مجرد مجموعة من الأمنيات والأهداف العامة"، مشدداً علي أن جميع الاتفاقيات التي أبرمتها الدولة بعد الثورة ما هي إلا إتفاقيات بروتوكولية.
بيان الحكومة "زي قلته"
وأوضح الدكتور عبد الرحمن عليان، الخبير الاقتصادي، وعميد المعهد العالي للاقتصاد، أن الودائع والمساعدات التي جاءت لمصر من الخارج ليس لها علاقة بالاستثمار فهي فقط لزيادة احتياطي النقد الأجنبي، وما يتردد عن ضخ الاستثمارات الأجنبية للسوق المصري مجرد كلام ليس له أساس ملموس علي أرض الواقع حتي الآن.
وأضاف أن جذب الاستثمارات لن يتم إلا من خلال خطة واضحة وطرح مجموعة من المشروعات العملاقة التي تجذب المستثمرين المصريين والعرب والأجانب للاستثمار فيها وكان يتعين علي الرئيس محمد مرسي ومرشحي الرئاسة طرح مشروعاتهم القومية للاستثمار من خلالها، ووصف الخطة الاقتصادية التي تحدث عنها رئيس الوزراء في بيانه الأخير بأنها " زي قلتها" طالما لم يتم تنفيذها علي الأرض فما قاله أشبه ببرنامج ال100 يوم الذي لم يتحقق. القرض يعطي ثقة للاقتصاد
ولفت الخبير الاقتصادي في حديثه ل"مصراوي" إلى أن الاقتراض من الخارج رغم مساوئه إلا أنه سيعطي ثقة للاقتصاد المصري وسيزيد من الاحتياطي النقدي الأجنبي ولكن قبل اتخاذ قرار الاقتراض لابد من الإجابة علي عدد من الأسئلة وهي كيف سيتم إنفاقه؟ وما العائد الذي سيعود منه؟ وهل سيكون لدي الدولة القدرة علي تسديده وفوائده؟ وبعد الثورة لابد من الإجابة علي سؤال أخر وهو كيف سيتم توزيع عوائده بشكل عادل.
مشكلة مصر مالية وليست اقتصادية
ويتفق مع هذا الرأي النائب محمد الفقي رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى، وعضو حزب الحرية والعدالة، حيث يؤكد أن قرض صندوق النقد سيعطي ثقة في الاقتصاد المصري وسيرفع تصنيف مصر الائتماني وهو ما سيؤدي في النهاية إلي جذب الاستثمار الأجنبي، مشيراً إلي أن مصر تحاول تحقيق الاكتفاء الذاتي وعدم اللجوء للاقتراض إلا في الضرورة القصوي ولكن المشكلة تكمن في أن عجز الميزانية بلغ حوالي 170 مليار جنيه ولابد من سد هذه الفجوة التمويلية بشكل سريع.
وأضاف ل"مصراوي" أن أزمة مصر ليست اقتصادية ولكنها أزمة مالية نتيجة نقص السيولة في السوق المصري وهذا الأمر يمكن حله عن طريق وسائل بعيدة ومتوسطة الأجل وهي جذب الاستثمار الأجنبي ومن الحلول قصيرة الأجل الاقتراض من الخارج ولكن يجب أولاً مصارحة الشعب بشروط القرض وتأثيره عليهم اقتصادياً وإذا كان هذا القرض سينتقص من السيادة المصرية وسيسمح بفرض نوع من الوصاية علي قرارات الدولة فلابد من الاستغناء عنه.
ويري الفقي أن الاستثمارات التي يتم الإعلان عنها ستأخذ وقتاً حتي يتم تنفيذها علي أرض الواقع، مؤكداً علي أن مصر متعطشة للاستثمار وهناك رغبة حقيقية لدي الحكومة في جذب الاستثمار ولكن مازالت الكفاءات دون المستوي ولذلك لابد من مراجعة الإجراءات التي تيسر الاستثمار في مصر وتحفز المستثمرين.
كلام جرايد.. وحكومة نائمة
ويري هاني توفيق رئيس مجلس إدارة شركة المستثمرون الدوليون، ورئيس الإتحاد العربى للاستثمار المباشر، أن ما يقال عن ضخ الاستثمارات الأجنبية إلى السوق المصري وعودة الأموال المهربة للخارج ما هو إلا "كلام جرايد" ووعود من المسئولين.
وأوضح توفيق أن مصر بحاجة إلي 40 مليار دولار لحل مشاكلها وسد عجز الموازنة ولذلك فإن هناك ضرورة للحصول علي قرض صندوق النقد الدولي. وأكد رئيس الإتحاد العربى للاستثمار المباشر ل"مصراوي" أنه في الوقت الذي تسعي فيه مصر للحصول علي القرض الدولي يتعين علي الحكومة أن تبذل جهداً مضاعفاً لجذب الاستثمار الأجنبية لأنه بدا واضحاً أن الحكومة المصرية مازالت "نائمة".