يبتسم بالرغم من آلامه.. يرى المستقبل جميلاً بالرغم رؤيته فقط ضوء النهار من شرفة غرفته.. يكثر الحمد لله أثناء حديثه.. يداعب أمه المكلومة عليه فى أسى. إنه الشاب ''مصطفى'' والمصاب بالشلل الرباعى إثر طلقة فى رقبته والتى نفدت إلى عموده الفقرى خلال أحداث مجلس الوزراء، يجلس فى الغرفة ''39'' بالقصر العينى الجديد . أصيب ''مصطفى'' فى أحداث مجلس الوزراء من طلقات فرق الجيش - على حد قوله - حالة ''مصطفى'' تزداد سواء بين أروقة القصر، فهو مثله مثل زملائه القصر لهم مأوى وليس مستشفى، فعلاجهم الوحيد فى عمليات جراحية بالخارج، أشار الأطباء بها مثل ألمانيا، يحتاج الواحد منهم إلى حوالى مليون ونصف المليون للسفر . ''أنا شوفت اللى ضربنى بعينى فى ميدان التحرير''.. هكذا يقول ''مصطفى'' والذى كان يعمل ''كوافير رجالى'' قبل إصابته التى ألزمته الفراش، أنه تلقى الرصاصة من قوات الجيش الميدانى فى ميدان التحرير إبان أحداث مجلس الوزراء، رأى بعدها الموت بعينه، إذ انتقل هو الأخر إلى مستشفى الهلال، ويخرج فى ليلتها بعد ان طمأنه الأطباء أن ''كله تمام.. يومين وهتخف''. يكتشف ''مصطفى'' بعد خروجه من المستشفى أن الرصاصة لا تزال فى جسده من شدة الألم، ليدور به أهله محمولاً بين المستشفيات حتى يستخرج الرصاصة بعد عناء، ليخيط جسده بعدها ب27 ''غرزة''، وتسوء حالته فيصاب بجلطة فى قدميه، لا يقوى بعدهما على الحركة. ''مصطفى'' تعرض للإهمال عقب إصابته بالرصاصة التى نفدت إلى عموده الفقرى أثناء محاولته مساعدة مصابين أخرين بميدان التحرير، انتقل فى تلك الفترة إلى عدد من المستشفيات، كان أخرها مستشفى التأهيل فى العجوزة، والتى طُرد منها - على حد قوله - دون الحصول على أى تقارير طبية توصف حالته . يقول مصطفى'' أنا اتبهدلت جامد بين المستشفيات؛ من مستشفى لمستشفى ومفيش أى علاج أو اهتمام من أى حد فى مصر، لغاية ما عرفت الحاجة ''صالحة'' واللى دلتنى على القصر العينى عشان اتعالج على حساب ''هبة السويدى''، وبرضه محتاجين نسافر لكن المبلغ كبير علينا''. يجلس ''مصطفى'' بجوار ''أحمد'' وزملائه من المصابين الذى جمعتهم المحنة لتزيدهم قوة، وأعطتهم قدرة للتغلب على آلامهم، ويبتسمون بالرغم من هذا الألم، ويتمنوا أن يبقوا معاً كما جمعهم التحرير وجمعتهم الإصابة . تركه بعض زملائه بعد أن نقلهم المستشار ''فؤاد جاد الله'' مستشار الرئيس مرسى، إلى المركز الطبى العالمى بعد زيارته الأخيرة لهم، لكنهم أيضاً بحاجة إلى السفر للخارج لإتمام العلاج ''فرقونا عن بعض وبرضه محدش اتعالج'' . ''نفسى بس أعرف إحنا فين من حسابات المسئولين فى مصر؟.. أنا مش بطالب بشقة ولا مرتب ولا وظيفة.. أنا الحمد لله أقدر أرسم مستقبلى بنفسى، وأقدر أكفى نفسى، لكن كل اللى محتاجه العلاج ليه ولكل زمايلى مش أكتر''.. هكذا تمنى مصطفى أن ينظر إليه أحد المسئولين ويرحمه هو وزملائه من آلامهم . واختتم حديثه وحوله إخوته والدته المكلومة ''أنا بقول لكل المسئولين فى البلد دى.. يا تموتونا يا تعالجونا''.