بيروت (رويترز) - قد تؤدي الاضطرابات التي تجتاح سوريا الى انقسامات طائفية يمكن ان تمتد عبر الحدود وتهدد استقرار لبنان حيث يوجد لسوريا حلفاء واعداء اقوياء. وهناك توتر قائم بالفعل في لبنان بين حزب الله الشيعي القوي المدعوم من سوريا وايران ورئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري المدعوم من الغرب والمملكة العربية السعودية. وكان لبنان الذي يبلغ تعداد سكانه نحو اربعة ملايين نسمة دائما ساحة للصراعات بين القوى الاقليمية. ولا تزال سوريا التي كان لها وجود عسكري استمر 29 عاما حتى عام 2005 واحدة من اكثر القوى المؤثرة فيه. وقال المحلل اللبناني نبيل بومنصف "لدينا اطراف مرتبطة بسوريا وعندنا بنفس الوقت اعداء لسوريا وهؤلاء يمكن ان يورطونا بالازمة لا سمح الله. اذا حدث شيء هناك فان لبنان غير محصن." وقال المرصد السوري لحقوق الانسان يوم الاربعاء انه جمع أسماء 453 مدنيا على الاقل قتلوا خلال ستة أسابيع تقريبا من الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في سوريا. ويشغل الموالون للاقلية العلوية الحاكمة في سوريا مناصب مهمة في الجيش السوري وتدير عائلة الرئيس السوري بشار الاسد الاجهزة الامنية مما يربط مصير كبار الضباط بمصيره. وقال محلل لبناني في اشارة الى القتال الذي نشب في الماضي بين العلويين والسنة في شمال لبنان "اذا صار في توتر طائفي بين العلويين والسنة في سوريا فان ذلك بكل تأكيد سينعكس على لبنان." وأضاف "المسألة ان هناك عصبية سنية تتصاعد وتملا الشرق الاوسط وعصبية شيعية متصاعدة بسبب التوتر الحاصل في البحرين وتوتر العلاقة بين ايران والخليج. مع هاتين العصبيتين هل يجب الا نخاف بالتأكيد ينبغي ان نخاف خصوصا انه لا يوجد عندنا حزام امان." واستطرد "عندما كانت هذه البلدان في احسن الحالات كنا نحن ندفع ثمنا باهظا بسبب تدخلهم. تصور الان مع وجود اضطرابات عندهم الثمن سيكون اكبر بكثير الان." ولاسباب أمنية أحجم عدد كبير من المحللين عن التعليق او طلبوا عدم الكشف عن اسمائهم في سياق هذا التحليل. وفي ابراز لحدة التوتر نظمت مجموعة سنية متشددة غير معروفة على نطاق واسع احتجاجا يوم الجمعة في مدينة طرابلس بشمال لبنان ضد الاسد ورددت هتافات مطالبة بقيام خلافة اسلامية. وقال بعض المراقبين ان حزب الله قد يشدد قبضته القوية بالفعل على لبنان اذا ما شعر ان حليفته الرئيسية سوريا تضعف. وعانى لبنان الذي يضم 18 طائفة من حرب أهلية استمرت 15 عاما شهدت عمليات قتل عرقية وطائفية بين المسلمين والمسيحيين. وانتهت الحرب عام 1990 لكن الكثير من اللبنانيين لم يغلقوا صفحة الحرب بعد ان شعروا ان العدالة لم تنصفهم ولا يزال السلاح منتشرا في كثير من المنازل من بنادق الكلاشنيكوف الى القذائف الصاروخية. وقال استاذ في العلوم السياسية في جامعة لبنانية "هناك بالفعل الكثير من التوتر في لبنان والاضطرابات ستعقد العلاقات في لبنان خصوصا بين تيار المستقبل (السني) بزعامة سعد الحريري وحزب الله." وكانت السلطات السورية التي تحاول سحق خمسة اسابيع من الاحتجاجات ضد الاسد قد اتهمت نائبا لبنانيا من كتلة تيار المستقبل بزعامة الحريري باثارة المتظاهرين وتزويدهم بالاسحلة لمهاجمة الشرطة والجيش. ونفى النائب جمال الجراح هذه الاتهامات. وعقد حلفاء سوريا في لبنان من احزاب لبنانية وفلسطينية مؤتمرا بعد الاتهامات السورية مباشرة وشجبوا ما وصفوه بأنه "تدخل خارجي في سوريا". بل اتهم البعض الحريري نفسه بانه وراء هذه المظاهرات. وقال نائب حزب الله في البرلمان نواف الموسوي في المؤتمر "أمن لبنان من أمن سوريا اذ لا أمن ولا استقرار في لبنان الا باستقرار سوريا وأمنها." ودعا رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري يوم الثلاثاء اللبنانيين الى ان يكونوا اكثر حرصا على أمن سوريا واستقرارها من السوريين انفسهم. وقال "على جميع اللبنانيين ان يكونوا اكثر حرصا على أمن سوريا واستقرارها من السوريين أنفسهم ونوجه عناية الجميع الى ان استقرار النظام في سوريا يشكل ضرورة شرق اوسطية ومصلحة لبنانية." وحذر من "ان محاولة ضخ الفوضى والفتنة الى سوريا امر سيؤدي الى حريق شرق اوسطي لا يمكن اطفاؤه ولا يمكن النجاة من استتباعاته." ولم يعلق الحريري على الاحداث في سوريا. وقال نيكولاس نوي وهو محلل مقيم في بيروت "ما أراه في هذه الاسابيع المقبلة ان سوريا ستحارب بواسطة الضغط على خصومها في لبنان عبر حلفائهم في محاولة لاحتواء خصومها في لبنان." وظل لبنان بلا حكومة منذ ان اطاح حزب الله وحلفاؤه بحكومة الوحدة الوطنية التي كان يرأسها الحريري في يناير كانون الثاني اثر نزاع على المحكمة الخاصة المدعومة من الاممالمتحدة والتي تحقق في اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري والد سعد الحريري. وفي البداية اتهم الحريري الابن سوريا حليفة حزب الله بقتل والده لكنه عاد واعتبر ان هذا الاتهام كان سياسيا. وعلى الرغم من انه زار دمشق مرات عدة عام 2009 الا ان التوتر بين الجانبين لا زال قائما. وجاء اسقاط حكومة الحريري بعد ان استقال حزب الله وحلفاؤه من الحكومة ودعمهم رجل الاعمال نجيب ميقاتي ليحل محله مما أغضب انصار الحريري الذين اعتبروا ان ذلك يعتبر تدخلا شيعيا في المنصب السني. ويصر ميقاتي على انه محايد سياسيا. وقال معلق اخر "كأنه لا يوجد حرائق (اضطرابات) بما يكفي في لبنان سوريا ستكون بمثابة شرارة للكثير من المشاكل التي دفنت في العامين الماضيين."