أجمعت الصحف السعودية الصادرة اليوم على ان زيارة الوفد البرلمانى الشعبى المصرى رفيع المستوى الى المملكة العربية السعودية ولقاءه أمس مع العاهل السعودى الملك عبد الله بن عبد العزيز، وقرار خادم الحرمين الشريفين بعودة السفير السعودى الى القاهرة ليباشر مهام عمله، فوّتا الفرصة على أعداء الامة العربية الذين سعوا الى تعكير صفو العلاقات ودق اسفين بين اكبر دولتين عربيتين. فقالت صحيفة "الرياض" في افتتاحيتها ان الوفد الرسمي والشعبي المصري والذي مثل أطياف المجتمع ، جاء ليؤكد أن المسائل الخلافية الصغيرة لا يمكنها أن تغير علاقات تجذرت من سنوات طويلة ولعل هذه الخطوة الايجابية تزيل الالتباس حول قضية ما كانت لتصل إلى حالة التوتر، ومن خلال قوى خارجية استغلت الظرف الذي تمر به مصر لتضرب هذه العلاقات، وتفرّق أكبر بلدين عربيين واللذين هما قاعدة العمل في المنطقة وسر توازنها السياسي والأمني، والاقتصادي. وأكدت أن ما يجمع البلدين ليس حالات طارئة، بل استراتيجيات عليا، وقيم ثابتة، والغاية من تأصيل العلاقات أكبر من نشوء خلافات صغيرة. وأشارت الصحيفة إلى أن أعضاء الوفد المصري شاهدوا كيف تم استقبالهم والاحتفاء بهم، ورأوا من خلال حوارات جادة وجهات نظر غير رسمية من قبل مثقفين واختصاصين شرحوا أبعاد القضية وملابساتها بروح المسؤولية، وبعيداً عن الرسميات، وهو مشهد أقرب ما يكون لحوار شعبي بين البلدين على أمل ان ينتهي المشهد إلى تراض كبير تقوده حكمة السلطتين والشعبين. وأبرزت صحيفة "اليوم" أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز دائمًا ما تكون حريصة على تقوية علاقاتها مع العرب، ولعل مصر من الدول التي أصبحت العلاقة معها مثالًا في الأخوّة وقدرة على الفعل العربي المشترك، ومهما حاول الحاقدون ان يخرّبوا مثال العلاقة إلا أنهم طوال عقود لم يستطيعوا ان يستدرجوا البلدين إلى القطيعة. وتابعت قائلة: المملكة تعرف يقينًا أن مصر بحاجةٍ في هذه المرحلة إلى المساندة والوقوف معها حتى تعبر إلى الاستقرار السياسي والأمني بعد الإطاحة بالنظام السابق، حيث تتأجّج النيران وتتقلب أمزجة السياسيين فيها والرأي العام بفعل أي شائعة أو أي حدثٍ صغير أو كبير، لذلك فالمملكة تطوي صفحة التوتر التي حدثت خلال الأيام الماضية، وتؤكد وقوفها إلى جانب مصر بكل خياراتها السياسية وبإرادة شعبها. ولفتت إلى أن مئات الآلاف من المصريين الذين يعيشون في المملكة يلقون من الشعب ومن الحكومة السعودية كل تقدير واحترام، وستبقى المملكة كقيادةٍ وشعب وراء مصر بالإسناد والدعم، ولن تتخلى عن مسؤوليتها العربية والإسلامية. وتحت عنوان "نبل الملك نحو الشعب المصري"، كتبت صحيفة "عكاظ" أن توجيه خادم الحرمين الشريفين بعد لقائه بالوفد المصري الشقيق، بمباشرة سفير المملكة إلى القاهرة لعمله، وإعادة فتح السفارة وكل من قنصليتي المملكة في الإسكندرية والسويس، تأكيد واضح على نهج المملكة وسياستها التي تعتمد دائما على اقتران الأفعال بالأقوال، وعلى جديتها وحرصها الكاملين على المبادرة إثباتا لحسن النية ونبل المقصد. وخلصت الصحيفة إلى القول: لقد وضع الملك عبدالله وحكماء مصر الذين جمعهم لقاء الأخوة، والمواقف النبيلة، والمشاعر المتبادلة، وضعوا الخيرين والشرفاء أمام مسؤولية الحفاظ على الثوابت المشتركة بين البلدين، وحماية أسسها، ودرء ما قد يشوبها أو يعكر صفوها من فعل أو قول أو عمل. واعتبرت صحيفة "الندوة" أن التوجيه الكريم الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين بمباشرة سفير المملكة إلى القاهرة لعمله بدءاً من غد الأحد يعني عودة الأمور إلى طبيعتها كما وعد بذلك خادم الحرمين الشريفين في مستهل الأزمة. وأشارت إلى أن هذه الأزمة كانت سحابة عابرة وانقشعت وان ما بين المملكة ومصر من علاقات متميزة ستكون كما كانت عبر التاريخ علاقات قوية ومتميزة تدعمها القيادة في البلدين والتشاور والتنسيق المستمر والمصالح المشتركة. وكتبت صحيفة "المدينة" في مقالها أنه قد خاب فأل الذين يريدون دق الأسافين في جدار العلاقات السعودية- المصرية القوي الذي بني على مدار السنين. وأوضحت أن علاقات البلدين القوية تدعمها أواصر العقيدة والأخوة والدم والمصير المشترك وهي المفاهيم التي ركزت عليها الرياض في تعاطيها مع الأزمة الأخيرة وقطعت الطريق على كل الذين يحاولون التبضع بما جرى ويضمرون الحقد والموجدة على المملكة ومصر. وأشارت إلى أن خادم الحرمين أكد وهو يستقبل الوفد المصري رفيع المستوى أن التاريخ المشترك بين البلدين والقائم على وحدة الدين والنصرة في الحق ليس صفحة عابرة يمكن لأي كائن من كان أن يعبث بها. وهو أولوية توليها الحكومة والشعب السعودي أهمية قصوى وهي لا تقبل الجدل أو المساومة عليه أو السماح لأي فعل أن يلغيها أو يهمشها. وبيّنت أن خادم الحرمين الشريفين ركز في حديثه للأشقاء المصريين أن العتب بين الأشقاء باب واسع تدخل منه العقلانية والوعي فاتحة المجال لأي التباس قد يشوب تلك العلاقة، ليقول لها إن مصر بهمومها وآمالها وطموحاتها لها في قلب المملكة المكانة الكبيرة والعكس صحيح. وقالت الصحيفة: هذه هي الرؤية الرحبة التي تأخذ في حساباتها أن للمملكة مكانة خاصة لدى الشعب المصري والقيادة كما لمصر ذات المكانة وقد امتحنت علاقات البلدين أكثر من مرة فنجحت في الانحياز التام للمحبة والود والتآلف والعلاقة الإستراتيجية وما أكدته القيادة إن مصر بهمومها وآمالها وطموحاتها لها في قلب المملكة المكانة الكبيرة والعكس هو صحيح. ورأت صحيفة "الشرق" أن عودة سفير السعودية إلى الشقيقة مصر يحمل عدداً من الرسائل والعناوين الواضحة للأشقاء في مصر ولغيرهم من الأشقاء والأصدقاء، ولغير الأصدقاء في مصر وفي غيرها. أهم هذه العناوين هو حُسن النوايا السعودية. وأبرزت أنه لم يسبق للمملكة أن سعت إلى الإساءة إلى أحد، ومن المؤكد أيضاً أنها لم تسعَ إلى الإضرار بمصالحها مع أحد، أو الإضرار بمصالح أحد. بل على العكس من ذلك، فكان حرص القيادة السعودية دائماً وأبداً مركزاً على تمتين العلاقات الطيبة مع الجميع، واحترام الشؤون الداخلية في كل البلدان، واحترام أنظمة الدول وقوانينها. وبالمقابل، لم تطلب المملكة من أحد أكثر من ذلك. فالسيادة الوطنية لا تتغير ولا يُستهان بها، وقوانين المملكة تُطبّق داخلها على كلّ من يدخل أراضيها. ولا تزايد بلادنا على ذلك ولا تعبر إلا كما تعبّر أية دولة عن نفسها.وأوضحت الصحيفة أن المملكة تفرض على مواطنيها احترام قوانين وأنظمة البلدان التي يزورونها، وفي المقابل تطلب من أبناء الدول الأخرى المعاملة بالمثل حين يجيؤون إلى بلادنا. صحيفة "الوطن" بدورها قالت: لم يتنبأ أكثر المتشائمين أن تصل المساعي السوداء لمن يقفون خلف تأزم العلاقات السعودية المصرية إلى هذه النتيجة الإيجابية، فأمر خادم الحرمين الشريفين بعودة السفير السعودي للقاهرة بعد الزيارة التي قام بها وفد برلماني وشعبي مصري شكّل صفعة قوية لمريدي تعكير صفو هذه العلاقة، والحادثة التي أريد لها أن تكون المسمار الأخير في نعش العلاقة التاريخية، أصبحت اللبنة الأولى في إعادة علاقة أهم بلدين عربيين في مرحلة ما بعد الربيع العربي. وبيّنت أن المخاوف السعودية من وجود أصابع خارجية تسعى لضرب العلاقة مع مصر، لها ما يبررها، وقد كان وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل واضحا في سرده لأهداف ذلك التدخل حينما قال "لقد أثبت التاريخ مرارا وتكرارا أن أي تلاق وتقارب وتعاون بين بلدينا الشقيقين كان دوما يحقق المصلحة العليا للأمتين العربية والإسلامية علاوة على تحقيقه المصلحة المشتركة للبلدين وللشعبين"، ويبقى السؤال: من المستفيد؟ وأشارت إلى أن أعداء الامة العربية والاسلامية يزعجها أي تقارب بين الرياضوالقاهرة، ولا يروق لها أن يكون هناك وفاق سعودي مصري. وأوضحت أن مرحلة الربيع العربي أثرت على شكل العلاقة السعودية المصرية، بشكل أو بآخر، وألقت بظلالها على شكل التنسيق القائم بين قطبي العالم العربي، ولأنه "رب ضارة نافعة"، فقد فوت عقلاء البلدين الفرصة الحلم على مريدي الوقيعة بين الرياضوالقاهرة وها هي الأمور تتجه إلى العودة لمسارها الطبيعي، ولو كره الكارهون ذلك.