''من عود نفسه الفكر في جلال الله وعظمته وملكوت أرضه وسمائه صار ذلك عنده ألذ من كل نعيم''، مقولة شهيرة للإمام الغزالى، وهى التى تأثر بها الفنان محمد رياض أثناء تجسيده لسيرته الذاتية فى عمل تليفزيونى يقوم بتصويرة حاليا بالحى الاسلامى بمدينة الانتاج الاعلامى، الإمام الغزالى هى السيرة الشخصية الدينية الرابعه فى مشوار رياض الفنى بعد الإمام الترمذى، ابن حنبل، وابن حزم، وحول هذا الدور وما به من خبايا وأسرار كان لنا معه هذا اللقاء. يقول رياض الإمام الغزالى من الشخصيات الغنية فى أحداثها إلى جانب أرائة الواضحه فى كثير من الأمور الدنيويه خاصة فى التشابة الكبير فى فترته الزمنية، والعصر الذى عاش فيه، وما نمر به الان من أحداث فظل يحذر الشعب من الفتنه التى انتشرت فى ذاك الوقت للوصول الى كرسى الحكم والسلطه وعندما كنت اقرأ سيناريو المسلسل احسست وكأن التاريخ يعيد نفسة فما اشبة اليوم بالبارحه . كثير من الأعمال الدرامية الاجتماعية التى يجرى تصويرها حاليا اقحمت الثورة بين أحداثها، فهل تتعاملون مع الأمام الغزالى بهذا المنطق وتركزون على الجانب السياسى فى هذه الفترة الزمنية كإسقاط على ما يحدث الان؟ فى هذا العمل نتناول السيرة الذاتية للإمام الغزالى لنظهر الجانب الانسانى والحياة العلمية التى أثراها فى ظل النزاعات والخلافات للسيطرة على الحكم ومحاولته لؤاد الفتنه التى انتشرت فى ذاك الوقت، ولا نتعامل مع الأحداث كإسقاط سياسى على الوضع الحالى لإن الصدفة البحته، هى التى فرضت نفسها بعيدا عن اقحام أى شئ، وكل مخرج حر فى تناوله لأعمالة الدرامية بضم أحداث من الواقع او تجاهلها . وفى أى مرحلة زمنية تتناول حياة الأمام الغزالى ؟ تدور أحداث المسلسل فى 30 حلقة تبدأ من مولده ونشأته وحتى وفاته عن عمر يناهز ال 55 عاما فحياته كانت مليئة بالاحداث ونزاعات الفرق الدينية وتناحرها باسم الاسلام والدين على كرسى الحكم والسلطه، وكان له دورا فى وأد هذه الفتنه من خلال دراسته لعلم الكلام، والتوحيد والفقه الشافعى واثرى بهما المكتبة الاسلامية. اذن نحن فى حاجه للامام الغزالى فى القرن الواحد العشرين لوأد ما يحدث الان ؟ بالفعل نحن فى حاجه لمثل هذه الشخصيات لوأد الفتنه التى تعيشها مصر الان، وفى فترته الزمنية التى عاشها فى ظل هذه الصراعات استطاع بحكمته وحجته ان يحكم بشرع الله وبحجته العقلية. هل يركز العمل على رساله معينه له ؟ المسلسل دينى ولكن به الكثير من الأحداث التاريخية والغزالى هو حجة المنطق وفتاويه معاصرة جدا على سبيل المثال منها مسألة تحديد النسل وعدم منعه للحفاظ على صحة المرأه وجمالها واباح الموسيقى والغناء، وقال انه مستحب لأن الموسيقى تسمو بالنفس وتحاول التقرب الى الله وكان له كثير من الفتاوى ضد التكفير وقيل لو لم يكتب الامام الغزالى احياء علوم الدين لكفاه. وهل وجدت صعوبة فى دراسة هذه الشخصية ؟ لم أجد اية صعوبات فى شخصية الغزالى لأننى محب لها، وعلى دراية بها منذ سنوات طويله وعندما بدأنا التحضير قمت بعمل تنشيط للذاكرة من خلال جلسات العمل مع الكاتب محمد السيد عيد والمخرج ابراهيم الشوادى إلى جانب السيرة الذاتية التى كتبها الأمام عن نفسة فى كتابة (المنقذ من الضلال). وما اكثر شيء جذبك فى أثناء قراءتك له ؟ الشخصية كلها ممتعه فى تناولها لأنها مؤثرة، وتجسيد مثل هذه الشخصيات يمثل بالنسبة لى نوع من التحدى، وهناك كثير من الاشياء التى لفتت انتباهى أثناء القراءة عنه فكان يرى رحمه الله إن الاخلاق ترجع إلى النفس لا إلى الجسد، فالنفس تدفع الإنسان للقيام بالافعال الأخلاقيه بسهوله ويسر دون الحاجة إلى التفكير الطويل، ويرى أيضا أن الأخلاق الفاضلة لا تولد مع الإنسان، وإنما يكتسبها عن طريق التربية والتعليم من البيئة التي يعيش فيها والتربية الأخلاقية السليمة في نظر الغزالي تبدأ بتعويد الطفل على فضائل الأخلاق وممارستها مع الحرص على تجنيبه مخالطة قرناء السوء حتى لا يكتسب منهم الرذائل، وفي سن النضج العقلي تشرح له الفضائل شرحاً علمياً يبين سبب عدها فضائل وكذلك الرذائل وسبب عدها رذائل حتى يصبح سلوكه مبيناً على علم ومعرفة واعية. وما اكثر شيء جذبك فى أثناء قراءتك له ؟ كل إمام وله شخصيته وعلمه المنفرد عن غيره، فاستفدت من الإمام الترمذى قوة تحملة ومثابرته فى جمع الحديث الشريف فكان يقطع مئات الأميال على دابة ليتأكد من راوى الحديث وصحته لدرجة إنه اصيب بالعمى، أما الإمام أحمد ابن حنبل جعلنى اداوم على الصلاة فى وقتها لإنه كان لايتهاون فى حقوق الله، والإمام ابن حزم فكان تقديسة للقرآن والسنه أهم شئ فى حياته، فكان يدعو دائما المسلمين للاجتهاد فتعلمت منه معنى القدسية واحترام الاشياء، وعلى الرغم من اننى مازلت فى مرحلة التصوير للإمام الغزالى إلا إن قراءتى عنه عادت لى بمعنى الطموح الانسانى وكيفية التفقه فى الدين والبحث والجهد فى علوم الدين وكيفية ترتيب الأفكار وصياغتها واعتزازة بمكانته ودينه . بعد الامام ابن حزم منذ مايقرب من 10 سنوات ابتعدت عن تجسيد مثل هذه الشخصيات ؟ لإن هذه الفترة شهدت ركود حادا فى عمليات تسويق مثل هذه النوعية من الأعمال وابتعدت شركات الانتاج عن الأعمال الدينية، وهو ما جعلنى انا ايضا ابتعد بعض الشئ واركز فى شركة الانتاج الخاصة بى. هل تعتقد ان الدراما التاريخية بدأت تستعيد عافيتها مجددا ؟ أعتقد أن هذه الفترة بدأت تشهد طفرة قوية فى الانتاج لكن على الجانب التاريخى فمازالنا بعيدين بعض الشئ عنها، ويعتبر الإمام الغزالى هو العمل الدينى الوحيد على الساحه حاليا وذلك يرجع الى التكلفة الانتاجية العالية التى تحتاجها الإعمال التاريخية والدينية، وحتى يخرج هذا العمل للنور فكان له ظروف إنتاجية خاصه. وما هى هذه الظروف ؟ كان من المقرر أن يتم تصويره فى أكثر من مدينه عربية وتم استبدالها ببعض الاماكن ذات التكلفة القليله بالاضافة إلى تقليل الاجور لأكثر من النصف حتى تدور عجلة الانتاج . سيناريو المسلسل كتب منذ ما يقرب من 10 سنوات فهل تم إعادة صياغته أو التعديل فيه ؟ السيناريو لم يكن فى حاجه للتعديل لأنه يتناول فترة زمنية معينه غير قابلة للتعديل أو الاضافه ولكنه ظل حبيس الادراج بسبب الظروف الانتاجية. تجربة انتاج وحيده بعدها لم تعلن عن اية مشاريع اخرى ؟ يوجد أكثر من عمل سينمائى بالشركة، ولكنهم تحت الدراسة لان تكلفتهم الانتاجية عالية، والظروف الحالية لا تسمح بخوض اي مغامرة إنتاجية لحين استقرار أوضاع البلاد سياسيا وامنيا واقتصاديا بعد ذلك سوف أعيد حساباتى لإنتاج أعمال خاصة بشركتى. وماذا بعد الإمام الغزالى من شخصيات تاريخية ؟ هناك الكثير من الشخصيات التى أتمنى تقديمها فى أعمال فنية، ولكننى متأثر حاليا جدا بشخصية (سلمان الفارسى)، لما بها من دراما انسانية كثيرة وبطولات فهو الباحث عن الحقيقة . فى ظل الترشيحات الكثير المحتملة لرئاسة الجمهورية فمن هو رئيس مصر القادم من وجهة نظرك ؟ الصراع على كرسى الحكم أصبح ما يشغل بال الكثيرين منذ تنحى الرئيس السابق عن حكم البلاد فمنهم من تتوافر فيه صلاحيات لحكم البلاد، واخرون بعيدين كل البعد عن اللعبة السياسيه ورئيس مصر القادم لابد أن يكون من الشعب وللشعب يرعى مصالحهم ويقاتل من أجلهم حتى يمحى سنين الذل الماضية ويعيد للمواطن المصرى كرامته .