بين النظامين البرلماني والرئاسي تأتي الحيرة المقبلة، للنظام السياسي الذي سيحكم مصر، فهناك من ينادي بالنظام البرلماني فقط، وآخرون ينادون بالنظام البرلماني الرئاسي، وطرف ثالث يؤيد الجميع بين التجربتين الفرنسية القائمة على البرلمان، والأمريكية القائمة على أن الرئيس هو الحكم بين السلطات المختلفة، وهو ما يطلق عليه (النظام المختلط). وكان المجلس الاستشاري قد بدأ اليوم الثلاثاء مناقشة الصلاحيات السياسية والدستورية لرئيس الجمهورية وفقا لما جاء بمشروع المرسوم بقانون انتخاب رئيس الجمهورية الذي أحاله المجلس الأعلى للقوات المسلحة للمجلس الاستشاري قبل أسابيع . وانتهى المجلس الاستشاري من مناقشة الجوانب الموضوعية المتعلقة بمؤسسة الرئاسة والتي تضمنت كيفية تحويل منصب الرئيس من فرد إلى منظومة تتضمن مستشارين لرئيس الدولة وتدخل في شراكة مع السلطة التشريعية والتنفيذية لتصدر عنها في النهاية قرارات مؤسسية بحيث لا ينفرد رئيس الدولة بالقرار مستفيدين في ذلك من التجربة الفرنسية - وذلك حسبما قال محمد الخولي المتحدث الإعلامي للمجلس الاستشاري-. إن. ومن المعروف أن هناك ثلاثة أنواع من الأنظمة السياسية المعمول بها في العالم.. أولهما: النظام البرلماني، وفيه تتحول صلاحيات وسلطات الرئيس إلى رئيس الوزراء، ومركز الرئيس شرفي يسود ولا يحكم كما في بريطانيا، وكان معمولاً بهذا النظام في مصر قبل ثورة يوليو 1952. ثانيًا: النظام الرئاسي، وهو يعطي للرئيس صلاحيات واسعة وتخضع له الحكومة ولا يسأله أحد وهذا النظام معمول به في أمريكا ولكنه يمارس هناك بشكل ديمقراطي. ثالثًا النظام شبه الرئاسي، وفيه رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء شريكان في تسيير شئون الدولة، فهو أقرب للنظام البرلماني من الرئاسي، ومعمول به في فرنسا. يذكر أن اللجنة التشريعية برئاسة المستشار عادل عبدالحميد وزير العدل، قدمت أهم التعديلات على قانون انتخاب رئيس الجمهورية، وأحالتها إلى مجلس الوزراء لدراستها وإقرارها، تمهيدًا لإصدارها بمرسوم بقانون من المجلس الأعلي للقوات المسلحة. وكان الدكتور محمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة، قد أكد أن التحول لنظام برلماني كامل لن يكون مناسبًا في ظل الظروف القائمة، وأنه من الأفضل إقامة نظام رئاسي برلماني مختلط. فيما أكد خبراء سياسيون وقانونيون دستوريون أن النظام البرلماني أفضل لمصر من النظام الرئاسي، لأنه يحقق ديمقراطية حقيقية ولا يركز السلطات في يد رئيس الجمهورية ويتيح مساءلة حقيقية للحكومة أمام البرلمان، ويضمن استقلالية واضحة للسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. وكانت اجتماعات المجلس الاستشاري قد توصلت إلى صيغة توافقية حول شروط الترشح لانتخابات الرئاسة وأبرزها ضرورة حصول المرشح على مؤهل جامعي مناسب وذلك على خلاف ما ورد بمشروع المرسوم الذي سمح للحاصلين على المؤهلات المتوسطة بخوض انتخابات الرئاسة، والاتفاق على إجراءات انتخاب رئيس الدولة وأبرزها تجريم أي تبرعات من جهات خارجية وتحديد سقف مالي لتكاليف الحملة الانتخابية والإعلان عن إقرار ذمة مالية للمرشح يتم إذاعته على المواطنين عامة. وستتكون لجنة انتخابات الرئاسة من رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا ونوابه من الأعضاء الأقدم سنا بالجهات القضائية. وتشترط التعديلات الجديدة حصول المرشح الرئاسي على توقيع 30 ألف شخص يتمتعون بحق الانتخاب في 15 محافظة، أو موافقة 30 نائبا في مجلسي الشعب والشوري, كما تجيز ترشيح الأحزاب أحد أعضائها, شريطة فوز الحزب بمقعد واحد علي الأقل في أحد المجلسين. وفي النهاية، لا يزال الجدال مستمرًا حول أفضل الانظمة السياسية التي ستحكم مصر، ومن المتوقع أن يأخذ الأمر جدلا كبيرًا بين تيارات واتجاهات مختلفة، وفي نهاية المطاف سيتم الاحتكام للشعب. اقرأ أيضًا: ''الاستشاري'' يبحث انتخابات الرئاسة ولجنة الدستور وإنهاء الطوارئ