عقد لقاء ضم اربعة قادة مسيحيين متخاصمين في لبنان الثلاثاء بمبادرة من البطريرك الماروني الجديد بشارة الراعي، بهدف البحث في "الثوابت الوطنية" التي تجمع هؤلاء القادة المنقسمين بين فريقي حزب الله الشيعي وسعد الحريري السني. وتم اللقاء في بكركي، مقر البطريركية المارونية (شمال شرق بيروت). وقد ضم الزعماء الموارنة امين الجميل رئيس الجمهورية السابق، وسمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية، وهما من قوى 14 آذار (تحالف شخصيات واحزاب ابرز اركانه الحريري)، وميشال عون رئيس الحكومة السابق والنائب الحالي، وسليمان فرنجية الوزير السابق والنائب الحالي، من قوى 8 آذار (تحالف احزاب وشخصيات ابرز مكوناته حزب الله). وقال بيان صادر عن البطريركية ان "الاجتماع كان اخويا ووطنيا بامتياز ساده جو من الصراحة والمسؤوولية والمودة". واوضح البيان الذي تلاه المسؤول الاعلامي في البطريركية وليد غياض امام الصحافيين انه "تمت مقاربة المواضيع المطروحة انطلاقا من التمييز بين ما هو متفق عليه وما هو خاضع للتباينات السياسية المشروعة في وطن ديموقراطي يحترم الحريات والفروقات مع المحافظة على وحدة الوطن واحترام ثوابته وصون مصالحه الاساسية". وعرض المجتمعون في حضور الراعي واربعة اساقفة "الثوابت المسيحية التي ينطلق منها عملهم السياسي والثوابت الوطنية التي يتوحد حولها جميع اللبنانيين"، حسبما جاء في البيان. ولم يوضح البيان ماهية المواضيع التي طرحت، الا ان وسائل الاعلام المحلية اعتبرت ان "الثوابت المسيحية" تتمثل في رفض توطين الفلسطينيين ووقف الهجرة المسيحية وزيادة نسبة التوظيف المسيحي في القطاع العام. وكان آخر لقاء للزعماء الاربعة في جلسة الحوار الوطني في 17 حزيران/يونيو 2010 مع قادة البلاد الآخرين من اجل البحث في استراتيجية دفاعية للبنان. الا انهم نادرا ما كانوا يتبادلون الحديث بشكل مباشر في جلسات الحوار. وخاض عون وجعجع حربا دموية استمرت اشهرا طويلة في 1989 وتسببت بمقتل المئات وانتهت بتدخل سوري ادى الى نفي عون، ثم في وقت لاحق الى سجن جعجع في جرائم مختلفة حصلت خلال الحرب. وتصالح الرجلان اثر عودة عون في 2005 من المنفى في باريس وزيارته جعجع في السجن قبل ان يخرج هذا الاخير بقانون عفو صادر عن مجلس النواب اثر خروج الجيش السوري من لبنان. كذلك حصلت مصالحة بين عون والجميل بعد انتهاء الحرب الاهلية (1975-1990)، الا ان اي مصالحة لم تحصل بين جعجع وفرنجيه الذي يتهم جعجع بالمشاركة في قتل والديه وشقيقته العام 1978 اثر تفجر الخلاف السياسي بين حزبي الرجلين (المردة الذي يرئسه حاليا فرنجية، والكتائب الذي كان ينتمي اليه جعجع). لكن المصالحات لم تؤد الى تقارب بين الزعماء المتباعدين سياسيا بشكل جذري. وعبر عدد كبير من المسيحيين اثر تنصيب بشارة الراعي بطريركا في آذار/مارس الماضي، عن الامل بان يتولى الراعي جمع الزعماء المسيحيين. واستمع القادة خلال اجتماعهم اليوم الى حديث روحي ادلى به الراهب الحبيس يوحنا خوند الذي "خرج من محبسته للمرة الاولى منذ دخوله اليها بتفويض خاص" من البطريرك. واعلن بيان البطريركية ان "لقاءات اخرى متممة ستعقب هذا اللقاء كلما دعت الحاجة".