بنغازي (ليبيا) (رويترز) - في الوقت الذي تقاتل فيه قوات الزعيم الليبي معمر القذافي المعارضة المسلحة على بعد مسيرة ساعتين فقط بالسيارة من بنغازي يواصل كثيرون من أصحاب المتاجر في عاصمة المعارضة المسلحة اغلاق متاجرهم. ويقول الذين فتحوا متاجرهم في الاسواق وشوارع التسوق بالمدينة المطلة على البحر المتوسط انهم مستعدون للاغلاق في أي لحظة في حالة اقتراب قواته. وبنغازي هي ثاني أكبر مدينة في ليبيا ويبلغ عدد سكانها 670 الف نسمة وظهرت فيها بعض المؤشرات على عودة الحياة الى طبيعتها منذ صد هجوم من قبل قوات القذافي بمساعدة الضربات الجوية الفرنسية قبل نحو أسبوعين. وبتوجيه من المجلس الوطني الانتقالي عادت الشرطة الى الشوارع في محاولة لاعادة بعض النظام الى حركة المرور التي عمتها الفوضى. وكانت هناك شاحنة واحدة على الاقل عليها طاقم يتصدى للمهمة الشاقة المتمثلة في جمع القمامة من الشوارع صباح يوم السبت. وقال متعاملون في السوق ان الامدادات الغذائية كبيرة الان ولكن الوضع العام لا يزال بعيدا عن المعتاد. وقال أمير عمر وهو سوداني يبلغ من العمر 25 عاما ويبيع الشاي وأكياس الكسكس في كشك بسوق الفنديق للمواد الغذائية "انه (السوق) ليس امنا. أعمل فقط لاني مضطر لذلك." وعاد عمر الى العمل قبل يومين فقط. واضاف "الوضع هادئ وليس على ما يرام.. لقد بعت أشياء قليلة طوال اليوم." ومبعث خوفه الاكبر هو اللصوص أو اتهامه بأنه أحد المرتزقة الافارقة الذين تشير تقارير الى أنهم يعملون ضمن صفوف قوات القذافي. وتاتي اللحوم والخضروات وغيرها من الامدادات من أجزاء أخرى من الشرق الذي يسيطر عليه المتمردون وعبر الحدود من مصر. وتكتظ الاكشاك في السوق باكوام من الطماطم (البندورة) والبصل والخيار والبطاطس ( البطاطا) والباذنجان. وقال راجح سعيد رياض (40 عاما) "الاسعار مرتفعة. تضاعفت اسعار البندورة.. الاشياء الاخرى لم ترتفع كثيرا.. انها تصعد وتهبط." وفي متجر سواد العبيات لبيع اللحوم علقت قطع كبيرة من لحم الضأن. وقال انه لا يواجه صعوبة في الحصول على اللحوم لانه يملك مزرعة خاصة في الريف الشرقي. واضاف ان أسعاره لم تتغير. وقال عليمان محمد ان الناس ما زالوا يشترون الجلاليب والصدريات المطرزة التي يبيعها في متجره لبيع الملابس العربية التقليدية "ولكن الحال ليس كما كان في السابق". واضاف "اليوم الوحيد الذي أغلقت فيه هو يوم هجوم بنغازي. ولكن اذا اقتربوا مرة أخرى فسوف أغلق..." وردد نفس الافكار بشان البقاء أو الرحيل عابد الاثير (22 عاما) الذي كان متواجدا في متجر ذهب يخص عائلته. وكان واحدا من المنشآت القليلة المفتوحة في سوق الذهب والمجوهرات الذي عادة ما يكون مزدحما لكنه اصبح مهجورا الان الى حد كبير. وكان بالمتجر الكثير من الخواتم والاساور والقلادات من الذهب والفضة الا ان متاجر اخرى مفتوحة بدت فارغة الرفوف ووضعت المشغولات في خزائن كبيرة. وردا على سؤال بشأن ما اذا كان الناس يشترون الذهب كاجراء وقائي قال "لا.. (يشترون) من اجل حفلات الزفاف.. هناك أناس يشترونه لنقله الى مصر." واعرب التجار في سوق الذهب أيضا عن قلقهم بشان اللصوص أو الهجمات التي يشنها مسلحون موالون للقذافي الذين بقوا في المدينة. وقال كثيرون من العاملين في مجال الصرافة الذين يتجولون في ميدان سوق الذهب ان الليبيين والعمال الاجانب الذين يعتزمون مغادرة البلاد يشترون دولارات وبلغ سعر الصرف 1.7 دينار للدولار الامريكي مقارنة بالسعر الرسمي البالغ 1.2 دينار. واضافوا ان الدولارات تأتي من الصحفيين وعمال الاغاثة الاجانب الذين تدفقوا على المدينة. وفي مناطق تجارية رئيسية أخرى من شارع دبي الراقي الى الشوارع الخلفية الاكثر تواضعا قرب الساحل أغلقت المتاجر واحدا بعد اخر. وقال سكان ان عمالا مصريين وأفارقة كثيرين فروا في الاسابيع الاولى من الحرب ولم يعودوا. واصطف حشد من بضع عشرات من الاشخاص خارج مقهى انترنت في انتظار دورهم في محاولة للاتصال بأقاربهم. وانتظر رجل قال انه يعمل في مشروع تابع لشركة المانية لاكثر من ساعتين. وقال الرجل انه لم يتحدث الى والديه واخوته وأخواته في العاصمة طرابلس منذ أسبوعين وان شبكات الهاتف المحمول معطلة. واضاف "اشعر بالقلق عليهم بالتأكيد. لدينا نذل كبير طرابلس " رافضا الكشف عن اسمه لانه يخشى على سلامة أقاربه. وتشكلت صفوف امام البنوك في كل صباح في الماضي الاسبوع. وقال علي الترهوني مسؤول المالية والاقتصاد والنفط في المجلس الوطني الليبي يوم الجمعة ان السيولة اصبحت مشكلة. ويسحب الناس المال ولكن لا أحد يقوم بايداع اي اموال. واضاف للصحفيين "حجم الميزانية مئات الملايين من الدنانير ولن تغطي الاحتياجات الاساسية. نحن في حاجة لقروض فورية قصيرة الاجل." وقال ان المجلس لا يزال يتفاوض لكي يستحوذ على 1.4 مليار دينار تم طباعتها في بريطانيا لصالح الحكومة الليبية.