بن جواد (ليبيا) (رويترز) - اندفع مقاتلو المعارضة المسلحة في ليبيا غربا يوم الاحد لاستعادة مزيد من الاراضي التي انسحبت منها قوات الزعيم الليبي معمر القذافي متراجعة تحت وطأة هجمات طائرات الائتلاف الغربي. وبعد أن شجعهم الاستيلاء على مدينة اجدابيا الاستراتيجية بمساعدة الطائرات الاجنبية يوم السبت عوض مقاتلو المعارضة خسائرهم على مدى خمسة أسابيع واستعادوا السيطرة على كل المرافئ النفطية الرئيسية في النصف الشرقي من ليبيا. وقال المسلحون انهم يوجهون أنظارهم الان الى معقل القذافي في سرت في وسط ليبيا. وقال مراسل لرويترز ان قافلة تضم 20 مركبة عسكرية من بينها شاحنات تحمل مدافع مضادة للطائرات شوهدت يوم الاحد تغادر سرت وتتحرك غربا نحو طرابلس. كما شوهدت أيضا عشرات من السيارات المدنية تقل أسرا ومحملة بالامتعة تتحرك غربا على نفس الطريق. وقال شهود عيان في سرت انهم سمعوا انفجارين في المنطقة. وقال مراسل لرويترز في المدينة انه لم يتضح ما اذا كان الانفجاران وقعا في المدينة ام في ضواحيها. كما سمع دوي ستة انفجارات في العاصمة طرابلس يوم الاحد مما قد يشير لتجدد الضربات الجوية على أيدي قوات الائتلاف الغربي. وقال التلفزيون الليبي ان طائرات الائتلاف الغربي ضربت اهدافا مدنية وعسكرية في المدينة. وبالقرب من طرابلس اشتبكت قوات القذافي مع قوات المعارضة المسلحة في وسط مصراتة في محاولة لاحكام قبضتها على غرب ليبيا بعد خسارتها لمعظم أراضي الشرق. ومصراتة هي المدينة الوحيدة في غرب ليبيا التي ما زالت في أيدي المعارضة وتطوقها قوات القذافي منذ أسابيع. وقال المقاتل المعارض يوسف احمد (22 عاما) في بن جواد "لا يوجد جنود للقذافي هنا. نسيطر على البلدة بأكملها... سنذهب الان الى الغرب. وسنقاتل من أجل سرت الان." وكانت بن جواد أبعد نقطة سيطر عليها المعارضون تجاه الغرب. لكن بعد قليل من سيطرتهم عليها أجبرتهم قوات القذافي جيدة التجهيز على تركها والعودة الى معقلهم في بنغازي. وقال واحد من نحو 100 معارض مسلح يتمركزون على الطريق الرئيسي الساحلي خارج بن جواد "نريد الذهاب الى سرت اليوم. لا أعرف ما اذا كان هذا سيحدث." ويشير تقدم المعارضين على الطريق الساحلي بشمال ليبيا الى ان الضربات الغربية -التي تتم تنفيذا لقرار مجلس الامن الدولي بفرض منطقة حظر جوي- غيرت موازين القوى على أرض المعركة لصالح مقاتلي المعارضة المسلحة الساعين لانهاء حكم القذافي المستمر منذ 41 عاما. وأعادت هذه المكاسب الميدانية للمعارضة السيطرة على كل المرافئ النفطية الرئيسية في الشرق خاصة السدرة وراس لانوف والبريقة والزويتينة وطبرق بينما يعيد القذافي نشر قواته لتركيز سيطرته على غرب البلاد. وقال وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس ان الغارات الجوية الغربية أضعفت قدرة القذافي على تحريك أسلحته الثقيلة. وقال جيتس في مقابلة مع شبكة (ايه بي سي) سجلت يوم السبت "تم الى حد بعيد القضاء على قدرته على تحريك المدرعات.. على التحرك نحو بنغازي أو مكان مثلها." واثار جيتس احتمال تصدع نظام القذافي وقال ان مؤتمرا يعقد في لندن يوم الثلاثاء سيبحث استراتيجيات سياسية لانهاء حكم القذافي. وفي راس لانوف تناثر الحطام والانقاض في أرض المعركة عند البوابة الشرقية للمدينة التي قصفتها الطائرات الغربية. وشوهدت ثلاث شاحنات على الاقل تابعة لقوات القذافي تحمل ذخيرة وقد احترقت بالكامل وتركت أكياس بلاستيك من المؤن والامدادات ووعاء به وجبة لم يكمل شخص تناولها مما يشير الى أن وحدات القذافي تقهقرت على عجل تحت وطأة القصف. وقال منصور البريك (20 عاما) وهو بائع في متجر تحول الى مقاتل "استمرت الغارات الجوية من منتصف الليل وحتى الثالثة صباحا." وعلى الطريق الى راس لانوف شاهد مراسل لرويترز حافلة تقل جنودا تابعين للقذافي أسرهم المعارضون ترافقها شاحنة صغيرة عليها مدفع رشاش. ولدى مرور وسائل اعلام أجنبية هتف المعارضون "ساركوزي..ساركوزي.. ساركوزي" في اشارة للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي تشارك بلاده في الغارات الجوية ضمن قوات الائتلاف. ومع تحرك خط الجبهة باتجاه معقل القذافي وانصاره قال أحد سكان مصراتة ان القوات الحكومية استأنفت قصف المدينة المحاصرة لتنهي هدنة قصيرة في القتال أعقبت الغارات الجوية الغربية. وقال المعارض الذي يدعى سامي لرويترز هاتفيا "ظللنا نسمع طوال النهار اشتباكات بين المعارضين المسلحين وبين قوات القذافي في منطقة شارع طرابلس في وسط المدينة. سمعنا أصواتا تنم عن استخدام دبابات ومدافع مورتر وأسلحة ثقيلة. وما زال هذا مستمرا." واضاف سامي ان القناصة التابعين للقذافي يستهدفون المعارضين في مصراتة التي تقع على بعد نحو 200 كيلومتر الى الشرق من طرابلس. وقال مقيم في مصراتة لرويترز ان السكان اضطروا لاستخدام الابار الجوفية للحصول على المياه وان هناك مشكلات في الحصول على الدواء. وقال المتحدث باسم الحكومة الليبية موسى ابراهيم للصحفيين في طرابلس ان القذافي "يقود المعركة" شخصيا لكنه أشار فيما يبدو الى احتمال أنه يتنقل في أنحاء البلاد للحفاظ على سرية مكانه. واضاف المتحدث ان القذافي لديه الكثير من المكاتب والكثير من الاماكن في أنحاء ليبيا. وقال للصحفيين انه يؤكد لهم ان القذافي يقود البلاد في الوقت الراهن وعلى اتصال مستمر مع الجميع في أنحاء ليبيا. ويمثل الاستيلاء على اجدابيا دعما معنويا كبيرا للانتفاضة بعد أن اثار ضعف تنظيم المعارضين وقلة تسليحهم التساؤلات بشأن مدى قدرتهم على الاطاحة بالقذافي. وقال علي محمد وهو مدرس (53 عاما) في بنغازي معقل المعارضة المسلحة " هذا نصر من الله ... ان شاء الله سننتصر. بعد يومين سنكون في طرابلس". وقال فوزي ديهوم وهو موظف ان مقاتلي المعارضة المسلحة يمكنهم التقدم غربا لان المنطقة بين اجدابيا وسرت أراض صحراوية حيث يسهل استهداف قوات القذافي من جانب الطائرات الغربية. واضاف "لا يوجد مكان للاختباء. انها منطقة مكشوفة." وكان التلفزيون الليبي يذيع يوم الاحد أغاني ويبث صورا للنخيل وحقول القمح ومشروعات البناء الواسعة التي أنشئت خلال أربعة عقود من حكم القذافي. ولم يظهر القذافي نفسه على شاشة التلفزيون منذ أن ألقى خطابا يوم الاربعاء. كما لم يظهر ولداه سيف الاسلام وخميس منذ فترة أطول. وذكرت مواقع للتواصل الاجتماعي على الانترنت ووسائل اعلام تبث بالعربية ان خميس قائد اللواء 32 قتل في غارة نفذها طيار منشق قالت التقارير انه قاد طائرته الى مجمع القذافي في طرابلس. ولم يرد تأكيد رسمي لهذا الخبر وقال مسؤولون ليبيون ان مثل هذه التقارير جزء من حملة تضليل متعمدة. وقال مسؤولون ليبيون الاسبوع الماضي ان نحو مئة مدني قتلوا في ضربات قوات الائتلاف. ونفى جيتس ذلك. وفي الوقت الذي تسعى فيه الولاياتالمتحدة لتقليص دورها العسكري في فرض منطقة حظر الطيران قال دبلوماسي ومسؤول في حلف شمال الاطلسي ان الحلف وافق يوم الاحد على تولي القيادة الكاملة للعمليات العسكرية في ليبيا. وقال مسؤول في الحلف بعد اجتماع لدوله الثماني والعشرين "قرر حلف شمال الاطلسي اليوم تنفيذ جميع جوانب قرار الاممالمتحدة 1973 لحماية المدنيين والمناطق المأهولة بالمدنيين المعرضة للهجوم من جانب نظام القذافي." وقال دبلوماسي من احدى دول الحلف ان القرار يعني ان الحلف اصبح يسيطر الان سيطرة كاملة على كل جوانب العملية وينهي بذلك مفاوضات شاقة استمرت قرابة اسبوع بشأن تسلسل القيادة.