لندن (رويترز) - يعاد فتح أسواق المال المصرية هذا الاسبوع بعد اغلاق طال أمده وموجة هبوط حاد ولكن ليس من المتوقع ان تلقى دعما كبيرا من صناديق الاستثمار الاجنبية التي تريد مزيدا من الوضوح بشأن مستقبل الاقتصاد والشركات في مصر قبل أن تغامر بالعودة الى شراء الاوراق المالية المصرية التي أصبحت زهيدة بعد أن هبطت أسعارها في الاونة الاخيرة. وقال سبعة من عشرة مديرين لصناديق الاستثمار في استطلاع لرويترز من أجل هذه المقالة انهم لن يشتروا أوراقا مالية مصرية الان على الرغم من الانخفاضات الحادة للاسعار التي جعلت قيم الاسهم من بين أكثر المستويات جاذبية في فئة أسهم الاسواق الناشئة. ويجادل معظم المستثمرين بأن هذه الاسهم رخيصة لسبب ما. ومع احتدام التوترات السياسية في القاهرة ومعظم أرجاء مصر ومطالبة المحتجين بنهاية فورية لحكم الرئيس حسني مبارك الذي مضى عليه ثلاثة عقود فان الحياة في البلاد أصيبت بالشلل. ومن المؤكد تقريبا ان النمو الاقتصادي ومشروعات الاستثمار في اكبر اقتصاد في شمال افريقيا سوف تتضرر. ومع وقوع فوضى في دول مجاورة تثور علامات استفهام كبيرة بشأن كيف ستكون السياسة الحكومية المقبلة تجاه المستثمرين. وقال ديليك كابانوجلو المدير التنفيذي للمعلومات في الاسواق الناشئة العالمية في (ار.سي.ام) وهي وحدة تابعة لشركة أليانتس جلوبال انفستورز في فرانكفورت "قيم الاسهم تبدو جذابة اذا كنت مستثمرا على الاجل القصير ولكننا مستثمرون على الاجل الطويل ونريد ان نتطلع الى الامام ونرى كيف سيؤثر كل هذا على نتائج أعمال الشركات وتوليد تدفقاتها النقدية واحتياجاتها التمويلية." وأضاف قوله "يجب أن نقوم بتقييم المخاطر على الاقتصاد عموما الذي أصيب بالشلل خلال الاسبوعين الماضيين." وقد هبطت الاسهم المصرية 21 بالمئة في شهر يناير كانون الثاني بعد صعودها 15 في المئة العام الماضي و35 في المئة في عام 2009. وارتفعت العوائد على سنداتها العالمية البالغة قيمتها مليار دولار والتي يحين أجل استحقاقها في عام 2020 أكثر من مئة نقطة أساس. وقفزت تكاليف التأمين على ديونها. وتبلغ هذه التكاليف الان 400 الف دولار للتأمين على دين مصري قيمته 10 ملايين دولار وهو ما يزيد 150 الف دولار عما كان عليه في بداية عام 2011. والجو العام الان بعد مرور نحو اسبوعين على بدء المظاهرات والاحتجاجات الحاشدة أسوأ كثيرا مما كان عليه في بداية الاسبوع الماضي حينما زادت الامال في انتقال سلمي سريع للسلطة في البلاد. وأغرى هذا بعض المستثمرين الاجانب بشراء أوراق مالية مدرجة في أسواق أجنبية الامر الذي رفع ايصالات الايداع العالمية المدرجة في لندن التي أصدرتها الشركات المصرية ووثائق صندوق مؤشرات الاسهم المصرية المدرج في بورصة نيويورك للاوراق المالية. ولكن منذ ذلك الحين تفجر العنف. وتوقفت مكاسب ايصالات الايداع العالمية ووحدات صندوق مؤشرات الاسهم المصرية لكنها انتعشت عن مستوياتها المنخفضة في الاونة الاخيرة. وقال سفين ريختر رئيس الاسواق الهامشية في مؤسسة رينيسانس أسيت مانجمنت "منذ أيام قليلة كنت متفائلا والان فانني أعيد النظر في هذا." ولم يقدم وزير المالية دعما في هذا الشأن مؤكدا أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الاضطرابات "ضخمة". وعلى الرغم من أن البورصة المصرية تمثل اقل من واحد في المئة من مؤشر (ام.اس.سي.اي) للاسواق الناشئة فانها اجتذبت مقدارا غير متناسب من التدفقات الاستثمارية الوافدة حيث يرى المستثمرون أن سكان مصر البالغ عددهم 80 مليونا والذين ترتفع نسبة الشباب بينهم هم رهان مؤكد على طلب المستهلكين. ولشركات مصرية مثل اوراسكوم والمجموعة المالية المصرية وجود اقليمي وكان معدل نمو الايرادات الذي يتوقع ان يبلغ 34 في المئة في عام 2012 اعلى معدل بين الاقتصادات الناشئة في اوروبا والشرق الاوسط. ونما الاقتصاد المصري بنسبة خمسة في المئة سنويا في السنوات الاخيرة. وكان الاجانب يملكون نحو 25 مليار دولار من الاوراق المالية المصرية قبل الازمة وذلك وفق تقديرات باركليز كابيتال. والان بالنظر الى ان المستثمرين محصورون في سوق مغلقة فانه من المرجح ان تشهد موجة اخرى من البيوع المذعورة حينما يستأنف التداول يوم الاثنين. وقال نادي بورجاتي رئيس ادارة الموجودات في شعاع كابيتال في دبي "الاسواق لم تعطنا فرصة عادلة للخروج ولم نشأ أن نزيد من البيوع المذعورة الاسبوع الماضي." ويجادل بعض المستثمرين بأن الاسهم جذابة عند هذه المستويات. وهي يجري التعامل فيها عند ثمانية أمثال أرباح عام 2011 وهي ارخص اسهم في الاسواق الناشئة وتنطوي على خصم لمتوسط اسعارها في خمسة اعوام. ومن المحتمل ان تحقق السندات الخارجية المصرية أداء أفضل من الاسهم. ويجادل كثيرون بأن الديون يجري تداولها باسعار رخيصة بالنسبة الى تصنيفات الائتمان للبلاد بالنظر الى أن ديونها السيادية الاجمالية منخفضة للغاية عند 17 في المئة فحسب من اجمالي الناتج المحلي. وقال سيرجي استريجو رئيس ديون الاقتصادات الناشئة في مؤسسة أموندي لادارة الاصول "اننا نحاول حاليا زيادة الاستثمار في الديون الخارجية ... فمن منظور الديون الخارجية من الصعب توقع تخلف مصر عن السداد سواء بقي مبارك أم رحل." وكان استريجو أقل تفاؤلا بشأن الديون المحلية لان هبوط الجنيه المصري في الاونة الاخيرة من المرجح ان يفاقم من معدل التضخم الذي دخل خانة العشرات. ويتفق كل المستثمرين على شيء واحد وهو أن الاصلاح السياسي في مصر تأخر كثيرا. ولكن الشاغل الرئيسي هو ماهية السياسات التي ستتبناها الحكومة حينما ينفض المحتجون. وتشديد السياسات النقدية والمالية أمر ضروري لكبح التضخم لكن من المؤكد أنه سيضعف الاستهلاك وأرباح الشركات على الاقل في الاجل القصير. وقال كابانوجلو من ار.سي.ام "ايا كانت الحكومة التي تأتي فانه سيتعين عليها أن تعالج مشكلات الفقر والتضخم وخلق الوظائف. والشاغل الان هو أنهم قد يميلون الى انتهاج سياسات هدفها كسب التأييد الشعبي."