حذر لوران غباغبو الذي تهدد الدول المجاورة بازاحته عسكريا، من العواقب الاقتصادية والانسانية الخطيرة لعملية من هذا النوع ستثير الشعور الوطني لسكان ساحل العاج وقد تقود هذا البلد الى "حرب اهلية". ولا تنفك عزلة الرئيس المنتهية ولايته تزداد يوما بعد يوم، فبحسب مصادر متطابقة الاحد تم توقيف طائرته في مطار بازل-مولهوز السويسري الذي وصلت اليه بغرض الصيانة. واعلن ناطق باسم الهيئة الفدرالية للطيران المدني السويسري لوكالة فرانس برس "بامكاني ان اؤكد لكم ان طائرة تابعة لساحل العاج متوقفة في (مطار) بازل" مولهوز. واستخدم اهوا دون ميلو المتحدث باسم حكومة غباغبو عبارات قاسية للتنديد بالقرار "غير المقبول" لقادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا الاطاحة بغباغبو بالقوة اذا ما رفض التنحي. ورأى ان هذا القرار "مؤامرة من المعسكر الغربي بقيادة فرنسا"، القوة الاستعمارية السابقة التي اعترفت ومعها كامل المجتمع الدولي تقريبا بفوز الحسن وتارا في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر الرئاسية. كما اعتبر ان هذا القرار "سيثير المشاعر الوطنية" في ساحل العاج اذا ما تمت ترجمته عمليا، بحسب قوله. وكرر البيت الابيض الاحد دعمه لدور المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا في الازمة العاجية وكرر مطالبته بتخلي "الرئيس السابق" لوران غباغبو عن السلطة. وذكر مسؤول كبير في الرئاسة الاميركية بان "اللجنة الانتخابية المستقلة العاجية والاممالمتحدة والمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا والاتحاد الافريقي كلهم اكدوا ان الرئيس (الحسن) وتارا هو الفائز في الانتخابات الاخيرة". كما دعت بريطانيا الاحد الرئيس المنتهية ولايته في ساحل العاج لوران غباغبو الى التنحي كي يتولى الحسن وتارا الحكم بما يسمح بعملية "انتقال سلمية للسلطة". واعلن وزير الخارجية وليام هيغ ان "المملكة المتحدة قلقة جدا من الازمة السياسية الحالية في ساحل العاج" و"من مخاطر انعدام الاستقرار". وحرص دون ميلو الذي يشغل منصب وزير التجهيز في حكومة غباغبو على التذكير بان بلاده "ارض هجرة" حيث يعيش ويعمل ملايين الرعايا من دول غرب افريقيا. فعلى الرغم من عقد من الازمات السياسية التي عصفت بالبلاد والعائدة بجزء منها الى مفهوم المواطنة في هذا البلد الذي يعطي الاولوية للسكان الاصليين، لا تزال ساحل العاج، وهي المصدر الاول عالميا للكاكاو وصاحبة احتياطي نفطي كبير، قوة اقتصادية مهمة في المنطقة. وباشر معسكر غباغبو باعلان تهديده متوعدا من يريدون التدخل عسكريا بان مواطني ساحل العاج سيتجندون للتعرض لجميع الاجانب من الدول المجاورة وممتلكاتهم. وقال دون ميلو ان "كل دول (غرب افريقيا) لديها رعايا في ساحل العاج، ويعلمون انهم ان هاجموا ساحل العاج من الخارج، فسيتحول الامر الى حرب اهلية في الداخل"، مشككا بامكانية حصول تدخل عسكري لارغام غباغبو على التنحي. وتساءل "هل بوركينا فاسو مستعدة لقبول عودة ثلاثة ملايين من مواطنيها" من ساحل العاج الى بلدهم الاصلي؟ واضاف ان "شعب ساحل العاج سيتجند" في وجه الضغوط التي "تؤجج وطنيته". ومن المتوقع وصول وفد من دول غرب افريقيا برئاسة ثلاثة رؤساء دول، هم بوني يايي (البنين) وارنست كوروما (سيراليون) وبدرو بيريس (الراس الاخضر)، الى ابيدجان الثلاثاء. وهؤلاء الثلاثة لا يثيرون حفيظة لوران غباغبو على عكس آخرين مثل عبد الله واد رئيس السنغال وغودلاك جوناثان الرئيس النيجيري واللذين اطلقا مواقف متقدمة في انتقاده ودعم خصمه. واعلن وزير الداخلية اميل غيريوليو في مؤتمر صحافي ان "الرؤساء الثلاثة القادمين سنستقبلهم كاشقاء واصدقاء". واضاف "سنستمع اليهم، سنستمع الى الرسالة التي يحملونها مع العلم ان احترام الدستور بالنسبة لنا لا يقبل التفاوض"، مشيرا مسبقا الى ان غباغبو لا ينوي التنحي. من جهته، دعا ائتلاف الاحزاب السياسية الذي يدعم الحسن وتارا الى "وقف النشاطات" في ساحل العاج اعتبارا من الاثنين "حتى مغادرة لوران غباغبو"، وذلك في بيان تلقته وكالة فرانس برس الاحد. وجاء في البيان ان ادارة التجمع للديموقراطية والسلام يطلب من العاجيين "وكل الذين يقيمون في ساحل العاج (...) وقف كل انشطتهم اعتبارا من الاثنين في 27 كانون الاول/ديسمبر 2010 حتى مغادرة لوران غباغبو السلطة". واعلن وزير خارجية بنين جان ماري اهوزو السبت ان الرؤساء الثلاثة سيقدمون ويشرحون لغباغبو "رسالة" المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا وفيها تفضيل "للخروج من الازمة عبر الحوار". واضاف "سيتباحثون مع الرئيس غباغبو لاقناعه وحمله على التنحي عن السلطة من دون انتظار". ومن الواضح ان الرفض شبه المؤكد الذي سيبديه لوران غباغبو على طرح الخروج الهادئ من السلطة وتسليمها للحسن وتارا لن يؤدي الا الى زيادة تشدد مواقف الاطراف كافة، مع خطر اندلاع اعمال عنف اسوأ من تلك التي نددت بها الاممالمتحدة التي تحدثت عن سقوط 173 قتيلا بين 16 و21 كانون الاول/ديسمبر. وبحسب الاممالمتحدة، فان اعمال العنف هذه مصدرها بشكل رئيسي الاستخدام "المفرط" للقوة من جانب المسلحين الذين لا يزالون يعلنون ولاءهم للوران غباغبو في مواجهة معارضيه او الذين يفترض انهم كذلك. وكانت الارقام التي قدمتها الاممالمتحدة موضع تشكيك السبت لدى وزير الداخلية في حكومة غباغبو، اميل غيرييولو الذي تحدث عن سقوط 25 قتيلا من بينهم 14 عنصرا امنيا جراء اعمال العنف. من جهة اخرى، اكدت مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة ان حوالى 14 الف عاجي فروا من بلادهم الى ليبيريا المجاورة منذ نحو شهر هربا من اعمال العنف التي تلت الانتخابات الرئاسية في بلادهم. ونفت حركة القوات الجديدة المتمردة سابقا في ساحل العاج والتي تسيطر على شمال البلاد منذ 2002، الاحد ان تكون منعت لاجئين عاجيين من الفرار من بلادهم الى ليبيريا، كما اعلنت المفوضية العليا للاجئين للامم المتحدة. وقال الناطق باسم الحركة سيدو وتارا في بواكيه (وسط) لوكالة فرانس برس "اننا لم نمنع احدا من عبور منطقتنا من دناني (غرب) للتوجه الى ليبيريا". ولا يزال باستطاعة لوران غباغبو، الذي بات كمن يقف وحيدا في مواجهة العالم اجمع تقريبا والخاضع مع مقربين منه الى عقوبات دولية، الاعتماد على الدعم الخارجي من حليفته الوفية انغولا التي نفت الاحد نشرها جنودا انغوليين في ساحل العاج منددة بموقف المجتمع الدولي الذي سيقود للحرب "بشكل لا يمكن تجنبه". ونقلت وكالة الانباء الانغولية الرسمية عن بيان حول الازمة في ساحل العاج ان "الحكومة الانغولية تدين بشدة حملة التشويه التي افادت ان مرتزقة او جنودا انغوليين شوهدوا في ساحل العاج". وفي الداخل، يبقى وزير الشباب في حكومة غباغبو شارل بلي غوديه احد اكثر الاوفياء له. ويقوم هذا الوزير الذي يرأس حركة "الوطنيين الشباب" بتعبئة انصاره للمشاركة في تجمع ضخم سيقام الاربعاء في ابيدجان للدفاع عن "كرامة وسيادة" ساحل العاج.