اوصت فرنسا الاربعاء رعاياها بمغادرة ساحل العاج موقتا بعد خطاب لوران غباغبو الذي اكد فيه مجددا مساء الثلاثاء بانه الرئيس بالرغم من اعتراف المجتمع الدولي بمنافسه الحسن وتارا. وفي موازاة الضغوط السياسية البحتة التي تمارس على الرئيس المنتهية ولايته فان رئيس البنك الدولي الاميركي روبرت زوليك اعلن من باريس ان مؤسسته جمدت تمويلاتها لساحل العاج وذلك عقب لقاء مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وفي الوقت الذي تبدو فيه الازمة على اشدها في هذا البلد اوصت فرنسا القوة المستعمرة السابقة "كل من يستطيع من الفرنسيين بمغادرة ساحل العاج موقتا"، كما اعلن الناطق باسمها فرانسوا باروان مشيرا الى هذه التوصية "اجراء احتياطي" ومن باب "الحيطة والحذر" حتى وان "لم يكن الرعايا الاجانب مهددين حتى الان" بحسب قوله. وقد ادلى الاخير بتصريحه بعد اجتماع حول الوضع في ساحل العاج ترأسه الرئيس ساركوزي وضم رئيس الوزراء فرانسوا فيون ووزراء الخارجية ميشال اليو-ماري والدفاع الان جوبيه والموازنة فرانسوا باروان ورئيس هيئة اركان الجيوش الاميرال ادوار غيو. وقدر المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو عدد الفرنسيين الموجودين في ساحل العاج ب"14 الفا نصفهم يحملون الجنسيتين". كذلك اوصت المانيا رعاياها الذين ما زالوا في المكان والمقدر عددهم ب 80 بمغادرة البلد الواقع في غرب افريقيا، متوقعة "تدهور الوضع الامني وكذلك وقوع مواجهات جديدة وتفجر العنف". وبعد فرنساوالمانيا اوصت السويد بدورها الاربعاء رعاياها بمغادرة ساحل العاج بسبب التوترات. وجاء في بيان لوزارة الخارجية السويدية "بسبب الوضع الامني تنصح وزارة الخارجية بعدم السفر الى ساحل العاج حتى اشعار اخر، وتدعو السويديين المتواجدين فيها لمغادرة البلاد". واشار متحدث باسم الوزارة الى ان اخر قائمة للسلطات السويدية تشير الى وجود 24 سويديا فقط في هذا البلد. الى ذلك رصدت المفوضية الاوروبية الاربعاء خمسة ملايين يورو لمواجهة اي ازمة انسانية في البلدان المجاورة لساحل العاج في حال تدفق اللاجئين الهاربين من اعمال عنف. وقالت المفوضة المكلفة المساعدات الانسانية كريستالينا جورجيفا "نحن قلقون ازاء تطور الوضع في ساحل العاج وتداعياته المحتملة على البلدان المجاورة". واضافت في بيان "حتى وان كنا نأمل في تسوية سياسية سريعة للازمة فمن واجبنا اعداد خطط للطوارىء والحرص على ان تكون كل المساعدة الانسانية الضرورية في متناول الضحايا بلا ابطاء". وحتى الان نزح حوالى 11 الف مواطن من ساحل العاج غالبيتهم من الاطفال والنساء الى ليبيريا وغينيا وغانا بحسب المفوضية. والمساعدات التي رصدتها المفوضية الاوروبية يمكن ان تسمح بمساعدة مئة الف شخص. وتأتي توصيات باريس وبرلين واعلان المفوضية الاوروبية غداة خطاب الى الامة القاه لوران غباغبو الذي لم يترك مجالا للشك لجهة نواياه، باعلانه "اني رئيس جمهورية ساحل العاج". لكنه اقترح تشكيل "لجنة تقييم" بهدف التوصل الى "تسوية سلمية" للازمة. وهذه اللجنة التي يفترض ان "تدرس بموضوعية الوقائع والعملية الانتخابية" ستكون بقيادة افريقي لكنها ستضم ممثلين عن المجتمع الدولي ضمنه الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة اللذين فرضا عليه عقوبات محددة تشمل ايضا المقربين منه. وقد صادق الاتحاد الاوروبي على العقوبات المفروضة على غباغبو و18 شخصا من المقربين منه وينوي توسيع اللائحة في وقت قريب. ورفض فريق وتارا مقترحات غباغبو متهما اياه ب"خداع العالم" و"تحديه". وبذلك تبقى الازمة على اشدها في ساحل العاج لكن يبدو ان سكان العاصمة الاقتصادية ابيدجان يبغون تجاهلها مع اقتراب عيد الميلاد ولم يستجيبوا الاربعاء للدعوة التي اطلقها فريق وتارا الثلاثاء الى "عصيان" حكومة غباغبو. فمع مرور شهر على اندلاع الازمة التي اسفرت في الايام الاخيرة عن سقوط 50 قتيلا على الاقل بحسب الاممالمتحدة، شهدت ابيدجان الاربعاء زحمة سير خانقة وغصت الشوارع بالمارة فيما كان شبان من الباعة المتجولين يبيعون قبعات "بابانويل". ولاشاعة جو من الانفراج قبل اعياد نهاية السنة رفع الجيش الموالي لغباغبو مساء الثلاثاء نظام حظر التجول الذي فرض غداة الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في 28 تشرين الثاني/نوفمبر. واذا كان غباغبو "مد يده" فعلا الى خصمه، فهو لا يزال يعتبره معارضا له، لا اكثر. وقد ناشده، هو ورئيس وزرائه غيوم سورو، زعيم حركة التمرد السابقة القوات الجديدة التي تسيطر على الشمال منذ 2002، بمغادرة فندق "غولف هوتيل" في ابيدجان الذي يستخدمانه مقرا عاما، و"العودة الى منزليهما". والفندق المذكور الذي يحميه المتمردون السابقون وجنود بعثة الاممالمتحدة في ساحل العاج، يخضع لحصار القوات الموالية لغباغبو منذ ايام عدة. ولم ترفع الحواجز اليوم الاربعاء. وقد اعتبر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون "ان اعاقة امدادات البعثة وغولف اوتيل سيضع قبعاتنا الزرق في وضع دقيق في الايام المقبلة". وكرر لوران غباغبو القول انه يعتزم العمل عبر "السبل الدبلوماسية" من اجل رحيل بعثة الاممالمتحدة والجنود الفرنسيين في عملية ليكورن الذين يتهمهم بالتحيز لوتارا ودعم القوات الجديدة عسكريا.