قال رئيس وزراء الصين وين جيباو الذي يزور الهند الاربعاء ان ازدهار الصين والهند المستقبلي يكمن في الشراكة وليس في الخصومة، ووعد بالعمل على تعديل الميزان التجاري بين البلدين اللذين يشهدان نموا اقتصاديا متسارعا. ويقوم وين بهذه الزيارة، الاولى الى الهند خلال خمس سنوات، على راس وفد من 400 من كبار رجال الاعمال الصينيين بهدف تعزيز الروابط التجارية وتهدئة التوترات في العلاقات الثنائية التي تتسم بالشك المتبادل. وقال وين في منتدى للاعمال في بداية زيارته التي تستمر يومين ان "الصين والهند شريكان متعاونان، وليسا خصمين متنافسين". ويامل البلدان ان يتم خلال هذه الزيارة التوقيع على اتفاقيات تجارية تقارب قيمتها 16 مليار دولار. وفي السنوات الاخيرة ادى التنافس على الاسواق العالمية والمواد الخام الضرورية لتغذية النمو الاقتصادي الهائل في البلدين، الى زيادة التوتر في العلاقات المتوترة اصلا بين البلدين نتيجة خلافات حدودية والنزعة الحمائية والنشاطات التي يقوم بها الزعيم الروحي للتيبت الدالاي لاما في الهند. ورغم الخلافات الدبلوماسية المتعددة بين البلدين، الا ان التجارة الثنائية ازدهرت ومن المتوقع ان تصل الى 60 مليار دولار لهذا العام المالي بارتفاع 42 مليار دولار العام الذي سبق. وفي اقرار بمخاوف الهند بشان الفائض التجاري لصالح الصين والذي يراوح ما بين 18 و25 مليار دولار، قال وين ان الصين مستعدة "لتسهيل دخول" منتجات تكنولوحيا المعلومات والمنتجات الدوائية الى السوق الصيني. وقال "هناك مكان كاف في العالم لتطور الصين والهند"، مضيفا ان البلدين يجب ان لا يسمحا بان يتحول البحث عن الموارد اللازمة لتغذية اقتصاد البلدين الى "منافسة شرسة". وتاتي زيارة وين في الوقت الذي اصبحت فيه العلاقات بين بكين ودلهي "هشة جدا وسهلة العطب ومن الصعب اصلاحها"، بحسب تعبير سفير الصين الى الهند زهانغ يان. ومن المؤكد ان المحادثات بين وين ورئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ الخميس ستتطرق الى الخلاف بين البلدين على حدود الهملايا والذي تسبب في حرب دموية قصيرة عام 1962 كانت محور 14 جولة فاشلة من المفاوضات. واصبحت الصين اكثر تشددا بالنسبة للمسالة الحدودية، واعربت عن غضبها بشان الزيارات التي قام بها العام الماضي رئيس الوزراء سينغ والدالاي لاما الى ولاية اروناشال براديش الشمالية الشرقية التي تزعم الصين ملكيتها بالكامل. ويعيش الدالاي لاما، الذي تعتبره بكين منشقا خطرا، في منفاه في الهند منذ فراره من الصين في اعقاب انتفاضة فاشلة ضد بكين في عام 1959. وفي وقت سابق من الاربعاء نظم مئات من التبتيين المنفيين مسيرة في نيودلهي ضد الحكم الصيني لموطنهم، واحرقوا دمية لرئيس الوزراء الصيني ووعدوا بمواصلة احتجاجاتهم الى حين مغادرة وين الهند الى باكستان الجمعة. وهتف المتظاهرون "سنقدم دماءنا وارواحنا فداء لحرية وطننا"، فيما كانت الشرطة المسلحة تراقب المسيرة عن كثب. ولم يلق قرار وين زيارة باكستان، الخصم اللدود للهند، ترحيبا في نيودلهي التي تنظر بعين الشك للعلاقات الوثيقة بين بكين واسلام اباد. ومن بين المنغصات الاخرى للزيارة استجابة بكين الفاترة لمساعي الهند الحصول على مقعد دائم في مجلس الامن الدولي، ومخاوف نيودلهي من ان يتسبب قيام الصين بتشييد سد على نهر براهمابوترا في التبيت من خفض امدادات المياه الى الهند. وقال هارش بانت المحاضر في قسم الدراسات الدفاعية في كلية كنغز كوليدج اللندنية، ان التوترات امر لا بد منه في علاقة ستعيد تحديد ميزان القوى العالمي في القرن الحادي والعشرين. واضاف ان "التاريخ المضطرب اضافة الى عوامل اخرى ناتجة عن التصاعد المتزامن لقوة البلدين يدفع العملاقين الاسيويين الى مسار قد يجده البلدان صعبا في السنوات المقبلة".