كيونججي (كوريا الجنوبية) (رويترز) تحول الحديث الحماسي عن حروب عملات الى هدنة غير مستقرة لكن ما كانت حتى الآن حربا مصطنعة من الممكن أن تتحول الى صراع حقيقي. وبالنسبة للبيان الذي أصدره وزراء مالية مجموعة العشرين في كوريا الجنوبية مطلع الاسبوع فانه لم يفلح في شيء يذكر سوى التستر على الاراء المختلفة بشدة بين الطرفين المتنازعين الرئيسيين وهما الولاياتالمتحدة والصين. في بعض الاحيان تزرع الاجتماعات الدولية بذور التفاهم التي تثمر مع الوقت لكن في أغلب الاحيان تصبح المظاهر الواضحة هي الحقيقة. وفي كيونججي شهدت الاسواق العالمية دولتين على طرفي النقيض فيما يتعلق برأي كل منهما عن الطرف المسؤول عن الاختلالات العالمية التي تؤدي الى اضطراب العملات وتهدد بالتفاقم الى اجراءات للحماية التجارية تشبه ما حدث في ثلاثينيات القرن الماضي في وقت أصبح فيه تعافي الاقتصاد العالمي "هشا وغير منتظم" حسبما قالته مجموعة العشرين. قال وزير المالية الكندي جيم فلاهيرتي "فيما يتعلق بالعملات كنت أود أن أرى تقدما ملموسا بدرجة أكبر هناك." وأضاف "أحرزنا بالفعل تقدما فيما يتعلق بالتوجه" لكنه أضاف "كان هناك الكثير من المقاومة من الصين وبعض الدول الاخرى أيضا. أعتقد أن هناك توترا بشأن هشاشة تعافي الاقتصاد." وعبرت واشنطن عن رأيها القائل ان الدول ذات الفائض الخارجي الكبير خاصة الصين لابد أن تسمح بارتفاع قيمة عملتها. وماذا كانت نتيجة ذلك.. دعوة في البيان الختامي الى أنظمة لاسعار الصرف تحددها الاسواق بدرجة أكبر وتجنب خفض قيمة العملة بهدف زيادة القدرة التنافسية وتطبيق سياسات للحد من اختلال ميزان المعاملات الجارية. وكان رد فعل الاقتصادات الناشئة أن انتقدت الدول الغنية لانها لجأت الى طبع النقود وضخت كميات كبيرة من السيولة في أسواقها مما أدى الى تضخم فقاعات الاصول ورفع أسعار الصرف بشكل يضر بالصناعات التصديرية التي تعتمد عليها تلك الدول في النمو. وكانت نتيجة ذلك أن وعد البيان الختامي بأن الدول التي تطبع نقودا خاصة الولاياتالمتحدة لابد أن تكون حريصة لمواجهة الاضطرابات الشديدة وتذبذب أسعار الصرف. وقال توماس ستولبر كبير المحللين الاستراتيجيين للعملات في جولدمان ساكس في لندن "من الواضح أن نتيجة اجتماع مجموعة العشرين تظهر تقدما في النقاش العالمي بشأن سياسة اعادة التوازن." ويرى كريس تيرنر رئيس استراتيجيات الصرف الاجنبي في اي.ان.جي كومرشال بنكينج في لندن أن مجموعة العشرين فاقت توقعات السوق من خلال طرح مجموعة شاملة من الاصلاحات. وكانت واشنطن قد تعهدت بعدم خفض قيمة الدولار مقابل اتفاق اقتصادات الاسواق الناشئة بالسماح بارتفاع قيمة عملاتها. ومن هذه الزاوية فان اتفاقا مفاجئا لنقل ستة في المئة من القوة التصويتية في صندوق النقد الدولي الى دول نامية أصبح جزءا من صفقة كبيرة. وقال تيرنر "تقول الولاياتالمتحدة الان انه مع التمثيل الاكبر تأتي المسؤولية الاكبر. لذلك فان الاقتصادات الناشئة يجب أن تسمح بتداول عملاتها بحرية اكبر." لكنها لم تشعر في كيونججي أن فجر عهد جديد من التعاون العالمي أصبح وشيكا. وطالب وزير المالية الصيني شيه شيوي رن بأن تطبق الدول الغنية سياسات حصيفة. وقال وزير المالية الالماني راينر برودرله ان التيسير الكمي الذي يقوم به مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الامريكي) يصل الى حد التلاعب في سعر صرف الدولار. كما كان هناك استقبال فاتر تجاه مبادرة وزير الخزانة الامريكي تيموثي جايتنر للحد من اختلال ميزان المعاملات الجارية الى أربعة في المئة من الناتج المحلي الاجمالي. ورفضت الهند وروسيا واليابان وألمانيا وكذلك الصين وهي الدول التي كانت مستهدفة من اقتراح جايتنر الفكرة. وقال مسؤولون أمريكيون انهم سعداء لان طرح فكرة وجود نطاقات مستهدفة لاختلال ميزان المدفوعات الجارية حول التركيز بعيدا عن نطاق المناقشات الضيق الذي انحصر على سعر اليوان. لكن وزير المالية الكندي لم يكن وحده الذي قال انه "ليس متفائلا بصورة كبيرة" من أن زعماء مجموعة العشرين سيتوصلون الى اتفاق على أهداف أكثر تفصيلا للقمة التي تعقد في 11 و12 من نوفمبر تشرين الثاني في سول. وقال وزير المالية البريطاني جورج أوزبورن "ترى دول أخرى أن هناك ظروفا خاصة جدا لكل بلد لذا فان تطبيق رقم واحد على كل الدول ربما لا يكون ملائما." وفي حين أن هناك أدلة على احراز تقدم في بعض المجالات الرئيسية فان جاريث بيري وهو محلل استراتيجي للعملات في يو.بي.اس بسنغافورة يقول ان البيان الختامي أظهر كل مؤشرات "الحل الوسط الواهن بين المصالح المتضاربة". واذا لم تتحقق تغييرات تذكر خلال محادثات كيونججي فسوف يجري مجددا طرح أسئلة حول ما اذا كانت مجموعة متفاوتة مثل مجموعة العشرين يمكن أن تكون لجنة توجيه متماسكة للاقتصاد العالمي. ويقول أنصار للمجموعة انها ولاول مرة استوعبت مشكلة أسعار الصرف المضنية. في حين يقول متشككون ان الاتفاق التاريخي الذي يهدف لاعادة توزيع النفوذ في صندوق النقد الدولي لم يتم في اجتماع لمجموعة العشرين بل خلال اجتماع لمجموعة دول السبع الى جانب البرازيل وروسيا والهند والصين. لكن انخيل جوريا الذي دعي لحضور الاجتماع في كيونججي باعتباره الامين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مصر على أن اصلاحات صندوق النقد الدولي واتفاقا تم التوصل اليه في الاونة الاخيرة حول قواعد عالمية جديدة لرؤوس أموال البنوك لم يكن من الممكن تحقيقها لولا مجموعة العشرين. وقال جوريا عن الاتفاق على حقوق التصويت في صندوق النقد الدولي "هذا الاتفاق اقتراع رائع على الثقة في مجموعة العشرين." وأضاف أن الدول الاعضاء في مجموعة العشرين التي تشكل معا أكثر من 80 في المئة من اقتصاد العالم حققت تقدما كبيرا في قدرتها على التواصل داخل المجموعة. ومضى يقول "تحقق مجموعة العشرين توازنا جيدا بين الشرعية والقدرة على اتخاذ قرارات وعلى جعل القرارات تصمد." من الان ويتلي (شارك في التغطية جيرنوت هيلر ولويس ايجان وفيونا شيخ وراتشيل أرمسترونج ودانييل فلين واريك بوروز)