اقر مجلس الشيوخ الفرنسي مساء الجمعة قانون اصلاح نظام التقاعد الذي تسبب منذ بداية العام الدراسي بحركة كثيفة من الاضرابات والتظاهرات، اسفرت عن نقص الوقود واندلاع اكبر ازمة في عهد نيكولا ساركوزي. واقر مجلس الشيوخ باغلبية 177 صوتا مؤيدا مقابل 153 صوتا معارضا القانون الذي ينص خاصة على رفع السن الدنيا للتقاعد من 60 الى 62 عاما، كما يؤخر من 65 الى 67 سن تسلم الراتب التقاعدي كاملا. وستجري المواءمة بين هذا النص والنص الذي اعتمده مجلس النواب قبل ان يتم تبنيه بشكل قاطع في تصويت نهائي الاربعاء، كما قال وزير العلاقات مع البرلمان هنري دو رينكور لوكالة فرانس برس. وبعدها سيجري تعديل الحكومة. وقال وزير العمل اريك فورت "سياتي يوم يعترف فيه اعداء الامس بجميلنا". وتقول الحكومة ان الاجراءات المطروحة لا بد منها من اجل الحفاظ على نظام التقاعد الذي يتم من خلاله تمويل صناديق التقاعد من مساهمات العاملين، لان ازدياد معدل الحياة يرغم الموظفين على العمل لفترة اطول. ويرى الخبراء ان النظام سيحتاج الى قرابة 44 مليار دولار في 2018 لسد العجز اذا لم يتم اقرار الاصلاحات. وتعول الحكومة على عطلة عيد جميع القديسين التي بدأت مساء الجمعة لاضعاف التعبئة المعارضة لهذا الاصلاح بينما دعت النقابات الخميس الى يومي احتجاج وطنيين جديدين في 28 تشرين الاول/أكتوبر و6 تشرين الثاني/نوفمبر. ونفذت النقابات ستة ايام احتجاج وطنية منذ بداية ايلول/سبتمبر حققت خلالها تعبئة كبيرة لا بل قياسية. ميدانيا، ارسلت السلطات قوات الامن صباح الجمعة لفك حصار حول مصفاة غرانبوي (قرب باريس) وهي ابرز مزود للمحروقات لمنطقة باريس وذلك بعد استصدار امر باحضار العاملين فيها الى مكان عملهم. وبدأ العاملون في 12 مصفاة فرنسية اضرابا منذ عدة ايام. وقال وزير الطاقة جان لوي بورلو انه "لم تتم مصادرة المصفاة بل مخزونها من الوقود". وندد منسق الكونفدرالية العامة للعمل (سي.جي.تي-احدى اكبر النقابات في فرنسا) في مجموعة توتال شارل فولار "بانتهاك حق الاضراب" الذي قال انه سيكون له وقع "الصدمة الكهربائية". واتهم ساركوزي الخميس المضربين بانهم "يرهنون الاقتصاد والشركات وحياة الفرنسيين اليومية". واتهمت الامينة العامة للحزب الاشتراكي الفرنسي مارتين اوبري ساركوزي وحكومته "بالدوس على روحية الديموقراطية ونصها" منددة بفرض الحكومة "الية مسرعة" للتصويت في مجلس الشيوخ. واوضحت "ازدروا النقابات عندما رفضوا التفاوض معها على ما يفرض احترام الديموقراطية الاجتماعية، ورفضوا الاستماع الى الفرنسيين الرافضين لمشروعهم الذين يشكلون سبعة على عشرة على الاقل، ورفضوا مناقشة المعارضة كما يفرض احترام الديموقراطية السياسية". وادى اضراب المصافي وفرض العمال الحصار على مستودعات الوقود الى نفاد البنزين في خمس اجمالي المحطات صباح الجمعة، كما اضاف بورلو. ودعت اكبر نقابة طلاب فرنسية الشباب والطلبة الى يوم "احتجاجي في كافة ارجاء فرنسا" الثلاثاء قبل يومي الاحتجاج الوطني المقررين في 28 تشرين الاول/اكتوبر و6 تشرين الثاني/نوفمبر ضد اصلاح نظام التقاعد. واعلن رئيس الاتحاد الوطني للطلبة الفرنسيين جان باتيست بريفوه في مؤتمر صحافي "اننا ندعو الشبان والطلاب الى مضاعفة مبادرات التعبئة في يوم وطني الثلاثاء". ودعا الاتحاد خصوصا الى "تجمعات" و"اعتصامات" بهدف التاكيد ان التعبئة متواصلة خلال العطلة الدراسية بينما تامل السلطات ان تؤدي العطلة الى تراجع تعبئة الشبان. وبحسب وزارة التربية فان 185 ثانوية (من مجمل 4300 ثانوية) كانت "معطلة بدرجات مختلفة" صباح الجمعة. وقال الزعيم الطلابي ان "التعبئة لن تتوقف" خلال عيد جميع القديسين و"سنبذل الجهود لمواصلتها". وقالت الحكومة الجمعة اثر اجتماع مع اكبر شركات انتاج النفط وتوزيعه، ان عودة الامور الى وضعها الطبيعي "تستلزم عدة ايام اضافية" واوضح بورلو ان اتخاذ اجراء تقنين الوقود "غير وارد حاليا". ونظمت العديد من التحركات والحواجز الموقتة في مناطق البلاد. واقام 150 متظاهرا الجمعة حاجزا عند مدخل محطة سيفو النووية (جنوب) ولم يسمحوا بالمرور الا لبعض العمال. في المقابل لم تشهد حركة القطارات اضطرابا كبيرا حيث تم تسيير ثمانية من عشرة قطارات فائقة السرعة (تي جي في). وقالت منظمة اصحاب العمل (سي جي بي ام اي) الجمعة انه بسبب هذه الاضرابات فان "مئات آلاف الشركات الوسطى والصغيرة تعمل ببطء" ما ينذر بدفع "الاشد هشاشة" بينها الى الافلاس. وتامل النقابات في استمرار التعبئة في الشوارع عبر التظاهرات التي بلغت منذ عدة اسابيع مستويات عالية وقياسية احيانا، حيث تظاهر الثلاثاء ما بين 1,1 مليون الى 3,5 مليون شخص حسب المصادر، للمرة السادسة منذ بداية الاحتجاجات على هذا الاصلاح مطلع ايلول/سبتمبر. واعلن الامين العام للكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل (سي.اف.دي.تي-ثاني اكبر نقابة فرنسية) فرانسوا شيريك ان "الاجراء يطلبون منا الاستمرار وهذا ما نفعله". وبعد نشر استطلاع الجمعة افاد ان 69% من الفرنسيين يؤيدون حركة الاحتجاج قال شيريك "حان وقت الحوار مجددا".