القدس (رويترز) - في دائرة المطالبات وتبادل الاتهامات والتهرب في الشرق الاوسط من الممكن أن تعتبر دعوة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى اعتراف الفلسطينيين باسرائيل دولة يهودية مناورة جديدة. وعلى الفور رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس مطلب رئيس الوزراء الاسرائيلي اليميني الذي تجدد مرة أخرى يوم الاثنين وهذه المرة وضعه كشرط لتمديد اسرائيل للحظر على البناء في مستوطنات الضفة الغربية حتى يمكن لمحادثات السلام أن تستأنف. ويقول مساعدون لعباس انه بالفعل يقبل بمبدأ التعايش مع اسرائيل ولا يجب أن يكون من المتوقع منه أن يقبل دستورها الداخلي كما قالوا ان اسرائيل لم تضع مثل هذه الشروط لسلامها مع مصر والاردن. وتحت ضغط أمريكي من أجل تحقيق تقدم في عملية السلام حاول نتنياهو كسب تنازل رئيسي من الفلسطينيين في مقابل مبادرة بيروقراطية مثل التقييد المؤقت للبناء في المستوطنات مما جعل النقاد الاسرائيليين متشائمين أيضا. ويتهم المنتقدون رئيس الوزراء بفرض ديماجوجية اليمين وقالوا ان مسعاه هو محاولة يائسة لتحويل اللوم في توقف المفاوضات الى الفلسطينيين عن طريق طلب شيء لن يقبلوه أبدا. لكن طلب الاعتراف بدولة اسرائيل دولة يهودية ليس من اختراع نتنياهو. فقد كان هذا المطلب واحدا من المخاوف الرئيسية لسلفه ايهود اولمرت الذي يعتبر سياسيا معتدلا. وتبنى نتنياهو هذا المطلب باعتباره في قلب صراع الشرق الاوسط الممتد منذ ستة عقود. ويقول حلفاء رئيس الوزراء ان المسألة مهمة بالنسبة لكيفية تقسيم الارض بين شعبين بينما يسعى اليهود الى اعتراف العرب بهم كشعب مميز له حقوق قومية على أرض تاريخية. وقال موشيه يعلون نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي يوم الثلاثاء ان رفض عباس لمطلب الاعتراف باسرائيل دولة يهودية "يرفع علما أحمر." وقال يعلون لاذاعة الجيش الاسرائيلي "السبب في عدم وجود سلام ليس المستوطنات (في الضفة الغربية). السبب هو عدم رغبة قيادات الفلسطينيين العرب في الوصول حتى الى تقسيم للارض منذ فجر الصهيونية." وبينما لم تقر الولاياتالمتحدة مناورة نتنياهو في هذه المرحلة من المفاوضات الا ان ادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما تعترف بأهمية هذا الموضوع كحجر زاوية في سياسته للسلام مع الفلسطينيين. وقال بي. جيه كراولي المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية للصحفيين في واشنطن يوم الثلاثاء "لقد اعترفنا بالطبيعة الخاصة لدولة اسرائيل. انها دولة للشعب اليهودي." وأضاف وهو يكاد يطلب من الفلسطينيين القبول به "ما قاله رئيس الوزراء نتنياهو (يوم الاثنين) هو في جوهره... مطلب رئيسي للحكومة الاسرائيلية نؤيده." لكن دعم الولاياتالمتحدة للكيفية التي ترى بها اسرائيل نفسها لا يعني ان الفلسطينيين سيوافقون على الفكرة فهم أبعد ما يكون عن ذلك. فعباس الذي خسر السيطرة على قطاع غزة لصالح حركة المقاومة الاسلامية (حماس) عام 2007 والذي يحكم الضفة الغربية المكتظة بالمستوطنات اليهودية لن يكون من السهل عليه أن يتنازل عن شيء من الدولة الفلسطينية القابلة للبقاء. ويخاطر عباس بما بقي من مصداقيته التي يشكك فيها معارضوه اذا رضخ لشروط نتنياهو. وتقول القيادة الفلسطينية ان الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية يضر بموقف الاقلية العربية في اسرائيل التي تمثل 20 في المئة من سكانها. ويقول مسؤولون فلسطينيون ان من شأن هذه الخطوة أن تقضي عمليا على حق اللاجئين الفلسطينيين الذين فروا أو أجبروا على ترك منازلهم خلال الحروب العربية الاسرائيلية في العودة الى ديارهم. وطرح نتنياهو مطلبه بعد يوم واحد من اقرار حكومته لتشريع مثير للجدل يجبر أي متقدم غير يهودي يرغب في الحصول على الجنسية الاسرائيلية على القسم أولا على الولاء لاسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. وأثارت هذه الخطوة انتقادات الليبراليين في اسرائيل التي تغلب عليها العلمانية حيث لا يوجد اتفاق تقريبا حول تعريف الدولة اليهودية. ويدور هذا الجدل المحتدم على خلفية قلق حقيقي في اسرائيل من أن المؤشرات السكانية تشير الى انخفاض ثابت في الاغلبية اليهودية في البلاد. ويقول المكتب المركزي للاحصاء في اسرائيل ان اليهود يمثلون ما يصل الى 75.5 في المئة من السكان في عام 2009 مقابل 77.8 في المئة عام 2000 و81.8 في المئة عام 1990 و83.7 في المئة عام 1980 . وعلى مدار الفترة نفسها ارتفعت نسبة السكان المسلمين في اسرائيل من 12.7 في المئة الى 17.1 في المئة. وهذه الاحصائيات والمخاوف التي تحيط بها لدى يهود اسرائيل كان من الطبيعي أن تفرض نفسها على مفاوضات السلام اجلا أو عاجلا لتضيف موضوعا متفجرا جديدا في المناخ المتوتر أصلا. وقال خبير العلوم السياسية بجامعة بيرزيت بالضفة الغربية جورج جياكامان ان الطريق المسدود أمام الاعتراف بالدولة اليهودية قد يكون سببا كافيا لعباس للتفكير في حل السلطة الفلسطينية التي تشكلت بموجب اتفاقيات السلام المؤقتة لعام 1993 . وقال "اذا كانت هذه هي الكلمة الاخيرة فسوف تتوقف العملية السياسية وسوف تضطر القيادة الفلسطينية الى النظر في بدائل... الامر غير مشجع."