بدأ الحائز جائزة نوبل للسلام الجنوب افريقي ديزموند توتو تقاعده رسميا الخميس في ذكرى ميلاده التاسع والسبعين، وقد احتفل به مع عائلته في الكاب، بعد حياة مضطربة كرسها لمكافحة الظلم. وكان الاسقف الانغليكاني السابق للكاب، الذي تم تكريمه في 1984 لانصرافه الى مكافحته التمييز العنصري، اعلن في تموز/يوليو عزمه على الانسحاب من الحياة العامة لتخصيص عائلته بمزيد من الوقت. واوفى منذ ذلك الحين بالتزاماته، لكنه بات يرفض "الطلبات الجديدة"، كما اعلن دان فوغان، احد المتحدثين باسم مؤسسة توتو. وقال "انه يريد فعلا التخفيف من نشاطه". ومنذ اعلان تقاعده، يشارك توتو في "حملة اكاديمية": فهو يعطي دروسا في مواد متنوعة كعلم النفس او العلوم السياسية الى حوالى 600 طالب دولي على متن "جامعة عائمة". وقد توقفت السفينة التي يبلغ طولها 180 على رصيف مرفأ الكاب (جنوب غرب) منذ الاحد، حيث يحتفل توتو بعيد ميلاده التاسع والسبعين مع عائلته واصدقائه بعيدا عن وسائل الاعلام. ثم تعود السفينة الى البحر حتى كانون الاول/ديسمبر. ولاصابته بسرطان البروستات، سبق لتوتو ان اعلن تقاعدا جزئيا في العام 2000 فور انهائه اعمال لجنة المصالحة والحقيقة التي انشئت بعد سقوط نظام التمييز العنصري في جنوب افريقيا، لطي صفحة الفظائع المرتكبة في عهد النظام السابق. لكن هذا الرجل المعروف بحس الفكاهة والتواضع وحيويته الزائدة، لم يصمد حيال الطلبات الكثيرة وبقي حاضرا بقوة على المسرح الوطني، بصفته رسول المصالحة والمندد بتجاوزات السلطة، وعلى مسرح النزاعات في الخارج. لذلك ظل تقاعده غير مؤكد في جنوب افريقيا حيث لم تكرس اي وسيلة اعلام الخميس مقالات او تحقيقات للشخص الذي كان يعتبر "الضمير الاخلاقي" للبلاد. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال المعلق السياسي كريس مارولينغ "نفهم انه يحتاج الى الخلود للراحة بعدما كرس حياته للآخرين. لكن ونظرا الى حماسته وعزمه، اتساءل هل يكون قادرا على ان ينصرف الى تقاعد تام؟" واعلن توتو من جهة اخرى انه سيحتفظ برئاسة مركز ايلدرز (القدامى) للبحوث الذي يضم قدامى الزعماء العالميين في خدمة السلام، كالرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر والامين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان. وسيواصل ايضا تطوير مركز ديزموند توتو للسلام الذي انشأه في مدينته الكاب ويجري توسيعه. وقد طلب من المجموعة الدولية اخيرا دعم ضحايا الفيضانات في باكستان وندد بعمليات صيد وحيد القرن في جنوب افريقيا. الا ان توتو كان قد وعد في تموز/يوليو زوجته لياه التي اقترن بها في 1955 وانجب منها اربعة اولاد، بأن يتفرغ لها تماما. وقال "زواجي منها كان افضل قرار اتخذته في حياتي"، واعدا بأن يقدم لها كل صباح "فنجانا من الشوكولا الساخن في السرير، كما يتعين على كل زوج متفان ان يفعل".